حين ارتفع سعر الدواء والغذاء في حقبة فرعون أضل قومه وما هدى، وقبع على أنفاس المصريين لثلاثة عقود خلت، ضجر المصريون بعدما ضاقت بهم السبل والأرزاق، بحثًا عن لقيمات يقمن صلبهم. وفاض كيلهم حين سعى وزير الزراعة في حقبته بجلب غذاء كان يترعرع على أسمدة مسرطنة، أدى إلى انتشار أوبئة لم يكن يعرفها المصريون أو يسمعون عنها.
وجال بخاطر الفقراء الكادحين، ممن أصابهم المرض والوهن، تساؤلات سبقتها دهشة مطلقة: لماذا يفعل بهم ولاة أمرهم ومسؤولو الرعية هذا؟ وكيف يتحصلون على أموال للإنفاق على غذاء يجلب لهم المرض الفتاك؟ ودواء ارتفع سعره وبهظ ثمنه. وطال صبر المصريين إلى أن خرت قوى الصبر فيهم، فثاروا وانتفضوا من ويلات ظلم لم يتحملوا وطأته.
حتى ساء حظهم العاثر وصعد إلى سدة الحكم ظلاميون وتجار دين، يبتغون عرض الدنيا دون الآخرة. إلى أن فتحت لشعب مصر بارقة أمل، أسقطت عن هؤلاء الظلاميين أقنعتهم وهوت عروشهم. ونظر المصريون بأمل لغد كانوا يأملونه أفضل من الأمس، لكنهم وجدوا أنفسهم يحترقون بنيران أسعار أقواتهم، بينما تكسد أرزاقهم وتجارتهم.
وبات المصريون في حيرة من أمرهم، حتى ألهبت حكومة الخراب التي تولت زمام أمرهم ظهورهم بسياط ارتفاع أسعار الدواء، ونواب الشعب في غفلة من أمرهم، يرجون ملذاتهم ومكاسب زائلة يجنونها. وهنا عاد شعب مصر ليتساءل من جديد: أي ذنب اقترفت أيديهم ليرتفع سعر الغذاء والدواء؟ ولماذا لم يكونا في مأمن من ارتفاع الأسعار؟ حتى تقوى أصلابهم لمجابهة عدوهم في الداخل والخارج، سواء كانوا ظلاميين دمويين أو أخطارًا ومؤامرات تحاك من أجل إسقاط مصر.
يعكف أنصاف الرجال في العالم ممن انبطحوا كالنعاج على أعتاب الصهاينة والأمريكان وغيرهم لصناعتها. أم أن الحكومة في مصر، والتي باتت تتخذ من ارتفاع سعر الدولار حجة تبرر بها ارتفاع سعر الدواء بشكل قاتل، تنتهج أحد أساليب الموت الرحيم؟ رغم أن هذا الدولار المتهم يتراجع سعره دون أن تتراجع أسعار الدواء والغذاء، وأضحت رشفة الدواء حلمًا صعب المنال لقطاع عريض من الشعب الكادح.
ليصرخ المصريون أملًا أن يسمع صراخهم من هرعوا لصناديق الاقتراع لاختيارهم.