الذين لا يجيدون الطيران يبحثون عن ادوار لهم في المجال العام ؛- فتجدهم يبحثون في المشاركة في المجتمع المدني وبدون وعي ، أو يتصارعوا بالترشح في الإنتخابات النيابية والمحلية أو النقابات او الجمعيات الاهلية .حتي ولو كان علي حساب مستقبل شعب ؛ وليس لهم اي رصيد سابق في المشاركة في مجال العمل التطوعي العام أو المهني . وكل رصيد البعض يظهر في المناسبات العزاء او الأفراح فيجلسون في صدر السرادق المقام بأخذ صور تذكارية لنشرها علي شبكات التواصل الاجتماعي . فوجدوا ضالتهم مع ظهور وانتشار شبكات التواصل الاجتماعي ؛
هل كانت نعمة أونقمة في عصرنا الحديث ؛؟.
بالطبع كانت نعمة للكثير من أصحاب الفكر واصحاب الرأي في الوصول الي غايتهم بنشر افكارهم . والوصول الي المعلومات البحثية في اسرع وقت والتعايش مع الفضاء العام بكل جوانبة المعرفية والثقافية ،والعلمية ؛ ولعبت دوراً مهماً في التعليم عن بعد فترة( وباء كوفيد 19) كذلك ساعدت الشركات ورجال الأعمال للوصول الي أسواق جديدة . كذلك ساهمت في نشر الوعي والفكر لقطاع كبير من الدارسين والباحثين الي الخ..؟
ولكن للأسف أصبحت نقمة مع انتشار الفوضي الشعبوية ؛ كان رد الفعل العزوف لكثير من المثقفين الإبتعاد عن المشهد؛ ومع انتشار شبكات التواصل الاجتماعي ظهر نوع جديد من (الهرطقة ) ووجد هذا النوع الكثير من المتابعين أنصاف المثقفين ومروجي الإشاعات والفتن وأصبحوا يلعبون دور مهم في قضايا الرأي العام ولهم تأثير في البلبله والتخبط في قضايا مصيرية يتحدث فيها العامة ؛ واصبحت مصدر من مصادر الدخل و التربح ومصدر رزق للكثير في (هرطقة ) في الأمور الدينية والكل تسارع في البحث عن مواضيع تثير الرأي العام ،وخاصتاً
الأمور الدينية ، ومع التطور العلمي في علوم التكنولوجيا والاتصالات .اصبح الخبر يتداول بسرعة البرق خلال ثواني ،.والكثير من هؤلاء الذين يكتبون وينشرون فيديوهات علي" اليوتيوب" فتنتشر هذة الفيديوهات مثل النار في الهشيم ؛ وللآسف الكثير أمتهن مهنة "مقدم برنامج ونصائح معظمها اصبحت تهدد نسيج الأسرة والحياة الزوجية ،بدون أي مهنية لا لغة ولا علم - فتصبح مصادر للآسف يعتمد عليها الكثير في المعلومات المغلوطة وتصبح مصدر للمعلومات ،وعندما تناقش شخص يخرج لك فيديو . يعتمد عليه في المعرفة والنقاش في مواضيع كثيرة تثير الرأي العام فأصبحت ثقافة الكثير ثقافة معلومات سطحية ؛- وفي اعتقادي الشخصي البسيط كثير منهم تأثروا بما قاله الفيلسوف ( مكيافيللي) في رسالة إلى " فرانشيسكو غويتشيارديني "(لبعض الوقت لم أقل أبداً ما أومن به، ولم أومنْ أبداً بما قلتُه، وإذا ما قلت أحياناً ما أفكّر فيه، فإنّني دائماً أخفيه بينَ عدد من الأكاذيب " وهذا ينطبق علي "عنوان مسلسل مصري (إنا لا أكذب ولكني اتجمل " فكثير من المثقفين اعتزلوا الحياه العامة والمشاركة فيها وجلسوا في بيوتهم يراقبوا مايحدث من فوضي عارمة .رغم انهم متهمون هم الآخرين في نظر بعض الفلاسفه أمثال" الفيلسوف الفرنسي"《 جوليان بيندا 》و "سارتر " في كتابة المشهور " خيانة المثقفين" .في ظل الفوضي من العامه والرعاع كما قال الفيلسوف الالماني" الفريدر نيتشة "《 مالي والسوق ورعاع السوق وصخب الرعاع والأذنين الطولتين》
إن العزلة أصبحت ضرورية في هذا الزمن لاتساع الذات وامتلائها، فالعزلة تشفي أدواءها وتشدد عزائمها.”
وهذا ما كتبة ارسطو وافلاطون . عندما يحكمنا الرعاع. والأن أصبح استخدام مواقع التواصل بديلاً للتفاعل الاجتماعي الحقيقي بين الأفراد والمتمثل بالزيارات العائلية وحضور المناسبات الاجتماعية، بالإضافة إلى ما يقضيه الأفراد من ساعات طويلة على هذه المواقع مما أدى إلى إصابتهم بالعزلة والانطواء على الذات.؛وقد أكدت دراسات عن ارتفاع نسبة الطلاق بسبب شبكات التواصل :لذلك ادرك كثير من المثقفين "الصمت " في حديثهم بسبب ارتفاع أصوات الرعاع والغوغاء ،فعتبروا الصمت يجهد الأخرين ، فحينما يتم طرح سؤال عليهم يتحدثون بكلمات مبهمة تجهد السائل في تفسيرها. و إن قلة الكلام مطلوبة في هذا الزمن . في ظل لعبة المظاهر والسطوة من شعبويو اليوم .الذين ارتفعت أصواتهم في كل المجالات . لإننا كلما ارتفعنا أكثر كلما بدونا أصغر حجماً لأولئك الذين لا يجيدون الطيران.!!
محمد سعد عبد اللطيف "
كاتب مصري وباحث في علم الجغرافيا السياسية "