الموساد والسينما العالمية .. الإنتقام من عبدالناصر في شخص أشرف مروان

الثلاثاء 11 فبراير 2020 9:09 ص

على الرغم من انتهاء حرب أکتوبر بين مصر وإسرائيل عام 1973م وتوقيع معاهدة السلام " کامب دیفید " إلا أن عملیات الموساد لم تهدأ ، وظلت عمليات الجاسوسية تتواصل. ووفق العمليات التي تم الكشف عنها بعد حوالي 40 عامًا ، نستطيع القول ان عمليات التجسس التي تم الكشف عنها في ظل السلام فاقت عمليات التجسس التي تم الكشف عنها خلال الحروب العسكرية۔۔ التي خاضتها مصر والکیان الصهیوني ، فهناك طابور طويل من الجواسيس والعملاء الذين تساقطوا خلال هذة السنوات الماضية ، وعلی الرغم انه من المعروف أن الحرب المخابراتية هي أطول الحروب على مر التاريخ، وهي الحرب الوحيدة التي لا يكتب لها نهاية وتحتفظ بأدق أسرارها، إلا أن الثابت انه لا يكشف عنها إلا ما يريد القائمون عليها أن يكشفوه. ارتبطت السفارة الإسرائيلية بالقاهرة والمركز الأكاديمي الإسرائيلي بعدة عمليات تجسس كشفت عنها المخابرات المصرية في حينها ، وهذا یُحسؑب لهذا الجهاز الوطني مهما کان إختلافك مع أی نظام ۔ وعلی الصعید العربي ۔منذ تأسيس إسرائيل وحتى الآن ۔ قام جهاز الاستخبارات الإسرائيلية (الموساد) بمئات من عمليات الاغتيالات مستهدفا شخصيات فلسطينية وعربية في مناطق مختلفة حول العالم.

ان معاهدة السلام المبرمة بين مصر واسرائيل لا تعني ان حجم الكراهية بين الشعبين قد انتهي. " اذا كانت الحكومات قد وقعت علي هذه المعاهدة فليس هذا معناه ان كلا الشعبين قبؑل الآخر وفي إسرائيل يطلقون علي السلام مع مصر انه سلام اختياري لانه صراع وجود وليس صراع حدود ،، وهذا معناه ان اتفاقية السلام غير قادرة علي مسح الكراهية او إبطال مفعول الجواسيس. ورأي أن إسرائيل تستعد للخطر دائماً والسلام مع مصر غير مجدٍ لها لذا فهي تسعي الي جمع كل المعلومات وبكل الطرق عن مصر.وتأكيداً لهذا التوجه العدائي فقد عقد مؤتمر باسرائيل عام 2002م يبحث التهديدات الوشيكة بدولة اسرائيل ولم يستثن مصر. إن إسرائيل تجهز عدتها العسكرية للاستعداد لضربة مفاجئة او رد فعل سريع فمنذ سنوات صرح وزیر إسراٸیلي عن تهدیده بضرب السد العالي ۔ وما تفعلة فی دول حوض النیل وخاصتا مع اثیوبیا ۔فی ملف المیاه ۔۔ والجواسيس سواء كانوا إسرائيليين او مصريين او من جنسيات اخري مهمتهم بذل اقصي الجهد في تقديم كل ما يمكن معرفته عن الأحوال العامة في البلاد والقواعد العسكرية والاستعدادات التنموية والاستراتيجية وهي جميعها مهمات لا يفعلها الا جواسيس. ان إسرائيل ليست محتاجة لهؤلاء الجواسيس فهي متغلغلة في كافة الجوانب السياسية والاقتصادية فی داخل کل جسد عربي وهذا ما حدث " من جولات وزیارات" نتنیاهو " فی بلدان عربیة وخلیجیةأخیرا ۔ وإعتراف معظم قادة الموساد بوجود علاقات سریة مع بُلدان عربیة وکان أخرها لقاء اللواء برهان مع نتنیاهو فی اوغندا مطلع هذا الاسبوع ۔۔ ۔ویطلق علیها الکیان الإسراٸیلي دول الإعتدال ، اما عن اسباب توالي سقوط الجواسيس المصريين ان الناس في مصر لا يدينون بالولاء للنظام واشتداد حدة الفقر والبطالة كلها تدفع بالشباب والوقوع في اتون الجاسوسية. أصبحت نظریة خطأ بعد کشف عملاء فی مناصب وعلی سبیل المثال الطبیب الخاص " للسادات " للعلاج الطبیعي " علی العطفي " لیس فقیرا ولا یحتاج للمال ۔وعلی سبیل المثال کثیر وقعوا فی براثن الموساد ، ففی عصر الرٸیس " مبارك " تم إنتاج أعمال فنیة بطولیة من ملفات جهاز المخابرات المصریة ، کانت لها صدي قوي فی الشارع المصري والعربي ومازالت محفورة فی عقول کثیره من الشعب ویرددها الناس ۔علی سبیل المثال ۔شخصیة "رآفت الهجان " ومسلسل " دموع فی عیون وقحة " جمعة الشوان ۔۔ وغیرها ۔ وأعمال سینماٸیة ۔ حازت علی الرضا والثناء من جمهور الشعب العربي ۔ورفعت من شآن جهاز الأمن المصري ۔ ومع إعلان وفاة أشرف مروان کانت ضربة أخری للموساد لیس فی تجنید شخص أو الکشف عن هویتة ۔ولکن کانت ضربة حاولت إسراٸیل ان تفعلها فی شخص الزعیم / جمال عبد الناصر التی لم تستطیع فی حیاتة ولکن حاولت بعد وفاتة فی شخصیة ترتبط بالعاٸلة وهو" صهرة " زوج إبنتة السیدة / مني عبد الناصر ۔رغم ان أشرف مروان لم یتولي أي منصب فی عهد عبد الناصر ۔۔ وقال مبارك عنة أثناء الجنازة إنة کان وطنیا ۔

فی سبتمبر/2018م تم إنتاج مسلسل "الجاسوس"، الذي يتناول قصة الجاسوس الإسرائيلي (إيلي كوهين) الشاب المصري الذی عاش فی مدینة الاسکندریة في مصر من أصول سوریة ۔، ثم هاجر إسراٸیل ومنها الی الأرجنتین ۔وهذا العمل لبس هو أول مسلسل تنتجه شرکة " نتفليكس" للاحتفاء ببطولات الموساد.

حيث سبقه فيلم "الملاك" عن قصة حياة " أشرف مروان" وفيلم "خطف أيخمان " وسلسلة وثائقية أخرى عن عمليات الموساد المخابراتية، فضلا عن تصويرها كأرض الميعاد وآخر الحصون الآمنة في نهاية العالم؛ كما في فيلم "الحرب العالمية زد". لقد استطاع الموساد أن یصل الی السینما العالمیة فی هولییود ۔ویستعرض بطولاتة من العملیات القذرة ۔فی تصفیة وتجنید بعض العرب ۔فضلا عن تسارع إنتاج تلك النوعية من الأعمال، فتلك الثلاثية ظهرت بصورة متتابعة على "نتفليكس" في أقل من عامين.وكأن السينما والتلفزيون الأميركيين أصبحا جزءًا من مركز تراث المخابرات الإسرائيلية۔۔۔

يبدو أمرا مثيرا للتساؤل اعتماد نتفليكس على الروايات الإسرائيلية الرسمية وغير الرسمية بشكل حصري۔۔۔ومع اعلان مبادٸ صفقة القرن وکما یقول الاسراٸلیون فتح حیاة مع العرب ۔بدأت بعض الأصوات من داخل إسراٸیل من العاملین فی جهاز الموساد السابقیین ۔بفتح ملفات عن عملیات داخل البلدان العربیة ۔ومنها العملیات القذرة ۔ عملیة"" الفردان ، وعملیة تصفیة مُنفؑذي عملیة میونیخ ۔وغیرها و فی تصفیة الخبراء الالمان فی مصر بالطرود ۔فی عهد عبد الناصر ۔۔۔ إن الأعمال الفنیة لیست الا حرب نفسیة ضد رموز وطنیة وإتهامها بالعمالة ۔ وخاصتا فی شخص الزعیم جمال عبد الناصر والقیادات السوریة فی عملیة ۔۔ إیلي کوهین ۔۔

ان انحراف شخص او اثنين من مجموع 100 مليون مصري واكثر لا يعد نوعاً من الوباء او المرض او حتي الظاهرة . وبعد ان أصبحت السماء مفتوحة فی عصر الاتصالات والتکنولوجیا وشبکات الانترنیت ۔ ووجود بعثات للکیان وعلاقات دبلوماسیة اصبحت ۔النظریات القدیمة تراث من الاعمال الفنیة فقط ۔ الكشف عن الجواسيس يستوجب ضرورة ان يقوم المسئولون فی کل الأقطار العربیة بدراسة هذه القضية التي تعد من أخطر القضايا في الوقت الراهن. وهذا يكشف بان الدول العربیة في وادِ وأبناءها في الخارج في وادِ آخر وان حلقة بينهما مفقودة ولذا فإنه يجب ان يكون هناك همزة وصل بين الدولة الام وأبنائها في الخارج من خلال عقد اجتماعات متواصلة والعمل علي حل مشاكلها لمنع استقطاب أحد منهم في احضان العدو. كما ان الكشف عن هذه الشبكات في الوقت الراهن يستوجب أيضاً التعامل مع التطور العلمي والتکنولوجي لتوعية الشباب وتنمية علاقاتهم وإنتماٸهم الوطني۔فی ظل الزیادة من اعداد المهاجرین والمقیمین من العرب خارج أوطانهم ۔ کذلك فی ظل الأوضاع الراهنة فی الشرق الأوسط بعد الربیع العربي وما یحدث الأن سوف تکون أرض خصبة للموساد هذه القضية التي تعؑد من أخطر القضايا في الوقت الراهن. وهذا يكشف بان الدول العربیة في وادِِ التطبیع وفك طلاسّم صفقة القرن ، وأبناءها في الخارج في وادِ آخر

محمد سعد عبد اللطیف

کاتب مصري ۔وباحث فی الجغرافیا السیاسیة

التعليقات

الأكثر قراءة

كاريكاتير

اتبعنا على فيسبوك

اتبعنا على تويتر