الصمت الدولي و تداعياته

الاثنين 29 ديسمبر 2025 7:51 م

من المشاهد والملاحظ صور الصمت في المجتمع الدولي تجاه ما يجري في الحرب على غزة، حيث يبقى مجلس الأمن ومؤسساته والجمعية العامة للأمم المتحدة عاجزة عن أن تفعل شيئًا أمام ما يحدث ويشاهده ويسمعه العالم كله. وكأن الأمر فيلم من أفلام هوليوود مبرمج للمشاهدة.

يتساءل مواطن في هذا الكون، مقارنة بما يعرفه من قوانين عن هذه المؤسسات الأممية مع ما يراه في الواقع: هل هناك فعلًا قانون دولي يضبط المجتمع؟ أو ديمقراطية وحرية وحقوق للإنسان؟ كل هذه الترسانة من القوانين والمؤسسات الموجودة والتي تعمل على ترسيخ الأمن والسلام في المعمورة، وتشارك دول هذا المتسائل في تمويلها، بينما في الوقت نفسه يرى الضعيف يُهضم حقه، وأحيانًا بصوت دولته عليه باسم التصويت العادل من الأغلبية. أمر غريب لا يستوعبه العقل. لأن هذه القوانين وُضعت ببساطة على مقياس كان في وقت ومكان محددين دون منافس أو حتى ملاحظ، ولا يستطيع أي طرف تعديلها مثل باقي التشريعات الأخرى، إذ لها طابع القدسية، وتُقدَّم في ظاهر الحال كحقوق للمجتمع الدولي لكونها الضامن لحماية الدول والمجتمعات بواسطة مؤسسات الأمم المتحدة، بينما هي في الواقع مجرد فئة مصالح دونت وسيرت العالم منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية إلى يومنا هذا.

فلا أحد يستطيع تغيير بند منها إلا بأمرين: الأول بالأغلبية عن طريق الجمعية العامة الأممية التي صيغت آلياتها لصالح من أعدها، والثاني عن طريق القوة لمن يملكها. أما المرشح الثالث الذي يتبلور ليعيد الإنصاف للمجتمعات الضعيفة المقهورة، فيكمن خارج هذين الأمرين، عبر عملية تفكيك ميزان القوة، وله شروط في وعي الشعوب وتوحيدها وتبني الدفاع عن الاحترام والمساواة بين الجميع. وهذا يتطلب وقتًا، وقد يكون أقل ضررًا، ويمثل صحوة الشعوب وإدراك الحقيقة لحكامها.

في السياق نفسه، تُلاحظ بعض المؤشرات هنا وهناك من مجتمعات وأنظمة تنادي وتساند، مثل الشارع الأوروبي والأمريكي وتصريحات رسمية ضد الظلم السائد والمسلط على الشعوب والدول الضعيفة، مما يعزز الثقة والإقدام لدى المحرومين.

ومن جهة أخرى، فإن عامل التكتل والتشاور الجماعي في التبادلات بين دول العالم الثالث والتحكم في استعمال وتسيير ثرواتها يخلق قطبًا اقتصاديًا وتجاريًا يزاحم منتجات الدول المهيمنة ويغير ميزان القوة مع المعسكر الشرقي، ويُفعّل حركة دول عدم الانحياز. هذه العوامل لها دور كبير في تغيير نمط سير سفينة العالم والتقليل من الغطرسة السائدة، كما تفرض نوعًا من التنازلات المحتومة وتؤدي إلى صيغة "رابح – رابح". وهناك مبادرات تُرسم في الآفاق من بعض الدول في إفريقيا وأمريكا اللاتينية وآسيا تطالب بالإنصاف في المعاملة والتبادل التجاري مع ما يسمى بدول العالم الأول، وتثمين المنتوج المحلي الذي يُفترض أن يكون مطلوبًا أكثر لكونه أقل احتواءً على الإضافات الكيميائية ومن تربة جديدة، وذلك على سبيل المثال في قطاع الفلاحة.

التعليقات

الأكثر قراءة

كاريكاتير

اتبعنا على فيسبوك

اتبعنا على تويتر