بلادي بين الأمس واليوم

الجمعة 20 يونيو 2025 10:31 م

عندما يتأمل المواطن الجزائري ويسأل ضميره ويقارن بين حكامنا بالأمس القريب وحكامنا اليوم، في حال وضعية بلده وكيفية تسييرها، يجيبه الواقع على كل ما يخطر في باله.

كنا نستورد القمح من عند لالة العظمة، وأصبحنا نأمل بالاكتفاء وربما التصدير.

كنا نستورد الإسمنت ومواد البناء، وأصبحنا نصدر لعدة دول.

كنا نبيع مصانعنا بالدينار الرمزي، وأصبحنا ننتج فيها ونصَدِّر منها.

كنا غير موجودين دوليًا وإفريقيًا، وأصبحنا نجول فيها طولًا وعرضًا.

كانت جامعاتنا عبارة عن مراقد، فأصبحت منبرًا للمخترعين.

كنا لا نتكلم عن ذاكرتنا، فأصبحنا نثمنها ونجمعها.

كنا من الدول النامية، فأصبحنا من الدول الناشئة.

كنا نستورد الدواء، فأصبحنا ننتج 70 في المئة.

كنا نستورد البضائع عن طريق ميناء مرسيليا، فأصبحت لنا موانئ تستقبل البواخر الكبرى.

هذا القدر من التذكير وأترك للمواطن ما يلاحظه هو بنفسه مقارنة بالأمس واليوم من تحول. لكن أضيف شيئًا قليلًا من الكثير الكثير: كانت بلادنا، حسب ما يتكلم أهل الاختصاص، تتمتع بـ 194 مليار احتياطي في سنة 2015. وفي تلك الفترة أُنجز الطريق السيار الذي يتوجه من الشرق إلى تلمسان غربًا ولا يمر بوهران، وننسى طريق الوحدة الإفريقية الذي كان حلم ذلك الرئيس الوطني وفائدته لاقتصاد البلاد، ونمهد الطريق لسائح يأتي من تل أبيب إلى طنجة في أمان. مثله مثل غار اجبيلات وضياع خيرات الجنوب لعدم وجود المخازن والطريق المعبد والسكة الحديدية وغيرها...

قد نختلف في وجهة النظر ولكن الواقع يجمعنا (كشعار الشروق: "قد أختلف معك في الرأي، ولكن سأقاتل من أجل حريتك"). هذا ما هو واجب علينا اليوم في سياق كيف تبنى الدولة؟ تبنى بسواعد الجميع. هل الإهمال والتحايل يساعد في تطوير وازدهار الدولة؟ على المواطن الواعي أن يقارن ويحلل حتى يظهر له ما يقوم به تجاه وطنه، ولا تُغريه الشعارات المختبئة تحت البلبلة وما تحتها من دسائس المطبلين هنا وهناك من أجل تقليل عزيمة السلطة وعرقلتها. ألم يرَ المواطن البسيط وأهل الدراية بالخصوص من تحول مقارنة بمحيطها القريب والبعيد؟ المفكر مالك بن نبي يقول: "وإنها لشريعة السماء: غيّر نفسك، يتغير التاريخ". لماذا الكلام يكون مُنصبًا دائمًا على السلبيات ونحن في أمس الحاجة لتشجيع وتثمين ومؤازرة مَنْ يبادر لفعل الخير، ونحلل النقائص بواسطة ممثلينا الذين انتخبناهم في المكان الواجب أخذ القرار فيه أو تصحيحه.

من منظور كل عاقل أينما كان وحيثما وُجد، وبالنظر إلى العالم المشحون بالتأويلات المقصودة وخاصة ما يروج في محيطنا من قيل وقال وكثرة السؤال المبرمج خصيصًا على مقياس مجتمعاتنا النامية، أنه لا يمكن التكلم على موضوع ما بدون معطيات تاريخية حقيقية ومؤكدة، خاصة الدول كدولتنا التي تمر بوتيرة متوازنة وتحاول أن تعالج كل مسألة بتأنٍ وتأكيد على كل المستويات السياسية والقومية والاقتصادية وكل ما يدعم الاستقرار والتقدم في بناء الدولة لمستقبل زاهر يجعلها نموذجًا تلتقي فيه رؤية قارة إفريقية موحدة.

التعليقات

الأكثر قراءة

كاريكاتير

اتبعنا على فيسبوك

اتبعنا على تويتر