الخيار بين البرامج الحزبية و الفردية

الأربعاء 27 سبتمبر 2023 6:34 م

من المعروف عامة أن الأمة تستقر على برامج حزبية تساندها لتسيير شؤون الدولتها بعد حصول هذه برنامج على الأغلبية إلا في حالات استثنائية اين تبرز رؤية حرة يُلْتَفت حلولها الأغلبية نظرا لعوامل حتمية تخدم المرحلة.

و يقال أن من شروط المراحل المختلفة في تسيير الدول يجب أن تكون فلسفة الحكم على مقدار وعي الفرد حتى نضمن الاستقرار و الدوام و التقدم إضافة إلى الترقية الاجتماعية المشروطة باختيار كفاءة المسير أو المتفق عليه من الأمة. فالجزائر مرت بمراحل مختلفة مما قبل الاستقلال حيث كانت منكبة على اِلْتِفاف الجميع على هدف واحد و هو ما يحررها من المستعمر، بعدها جاءت مرحلة بومدين التي اعتمدت على حتمية الشرعية الثورية و الاجتماعية (مَيَبْقَاشْ الخَماسْ في بلادنا)  و جاءت مرحلة الشاذلي بحتمية تفتح المواطن من أجل حياة أفضل و مشاركته في التسيير. أما مرحلة المجلس الأعلى و زروال اقتصرت أساسا على إخماد الفتنة و الحفاظ على الوطن.

كل هذه الهزات تخطتها البلاد و كانت عبارة عن نوع من الدروس المباشرة و غير المباشرة للمجتمع حيث فتحت الباب على مصراعيه لتقبل كل الآراء المستوردة و المبرمجة و المحلية، حتى حل فجر الحراك المبارك في 22 فيفري 2019  بتعهدات 54 و بنمط جعل الجزائريين أمام مشاهد داخلية و خارجية أبهرتهم و أيقظتهم في نفس الوقت من إخطبوط كان يغازلهم بأسلوب بهلواني تارة و هزلي تارة اخرى لينومهم من أجل إتمام تنفيذ المبتغى  و تزامن مع حسن الحظ  مع ظرف الأحداث العالمية المتسببة في النزاع الروسي – الأوكراني التي أكدت النظرة بين الخيط الأبيض و الأسود و زادت وعيا للمجتمعات و شعوب المعمورة.

بعد كل هذه الأشواط التحسيسية و التوعوية، هل يحسن المواطن الجزائري الاختيار بين البرامج الحزبية التي ستكون معروضة عليه و يستقر على المبدأ الذي يناسبه ؟ و ترقى بذلك الدولة الى مصف المستقرة تأسيسيا و نضجا؟ و بين البرنامج الفردي كما فُعِلَ في 12 ديسمبر 2019 و نجح فيه بامتياز هذا بالنسبة  لمرحلة ما بعد 2024.  يقال إذا صدق مخاطب المجتمع فالشعب لا يخطئ حتى و لو كان لا يدري من الأمر إلا القليل و تكتمل هذه الرؤية و القناعة على أفاق البرامج  المعروضة و اختيار النمط المألوف لضمان المسيرة بأمان بهذا الوطن الذي ضمن لنا القوت و الأمن. كلنا نلاحظ قدرات و مكانة الدولة و أهمية المرحلة القادمة و ما تكتسي من وجودها في الركب.

إن الخوض في معركة البناء و التشييد المحتومة و المفروضة و مواجهة التحديات المسلطة من المحيط الخارجي و ما ينتظرها بعد ما تحصلت على عضو بمجلس الأمن الأممي و ضمان ثقة في مَنْ أعطوها أصواتهم لمعالجة القضايا المتوترة على مستوى الساحة و المعلقة تصفياتها و ما أفرزت عليه الدبلوماسية الحكيمة المنتهجة منذ الاستقلال التى تتمتع بها البلاد على صعيد الدولي و القاري، تفرض على الضمير المجتمعي الداخلي المساهمة و التشجيع لما تبذله الرؤية الحالية في الحوكمة و المنهاج و معالجة المشاكل الداخلية و المعاملة مع القضايا الخارجية ببصيرة و تأمل.

إن ما يجري في العالم بصفة عامة و ما أظهره من معطيات كانت خفية و مغطاة بأسلوب ممزوج بالبروباغندا الإعلامية و الغطرسة المسلطة منذ زمن وما أخذت من الضمائر الضعيفة حتى وصل الأمر إلى الاستسلام الكلي في بعض المناطق من العالم، أحدثت هذه العوامل صحوة في النفوس المنحطة و أدى الى كسر سياسة  العصا و الجزر و تغيير في كل البرامج المعدة و التي ستعد. ألا يجب علينا أن نتخذ مرحلة 2024-2028 تحت شعار "الثورة في التسيير".

التعليقات

الأكثر قراءة

كاريكاتير

اتبعنا على فيسبوك

اتبعنا على تويتر