إن حادثة تطبيع العلاقات مع الكيان المتزامنة مع الفاتح 54 و ما يحوطه من تحولات و مستجدات في محيط الشقيقة ليبيا و ما توصل اليه المجتمع الليبي و خاصة الجيل الناشئ، توحي ببوادر الخروج من النفق الذي يمر به المحيط عامة في المنطقة التي اعتمدت على الرؤية الأحادية في سياسة تسييرها للدولة. فكلما سارت في هذه الرؤية قل أمنها و زادت هشاشتها و كلما اتسعت رؤيتها كَثُرَ أمنها و صلابتها و تطورها.
فالتطبيع مع الكيان في حقيقة الأمر و الإشهار به و الترويج له أمر تجاوزه الظرف فجل دول العالم تتاجر و تتعامل مع هذه الفئة من التجار الذين تربعوا على
اقتصاد العالم من خلال وجودهم في كل مكان و حتى من بين أضلعنا بطريقتهم الماهرة، هناك مقولة " غير كل شئ فيك ولا تنسى من أنت مثل يهود الدونمة سوف نأتي على ذلك" و يقول رجل صالح " و أشٌدَ حِرْصهم على الدينار – و جمعه و لو بوادي النار". أثبت التحول الحالي جراء التقلبات الجارية في العالم أن التكتل الممزوج بارتباط ما تبقى من أخوة الدين و الجوار و العرق و النخوة و المصلحة المشتركة المحتوم في الرؤية الحكيمة جوهر الصواب. و هذا يعتبر بشكل نداء و تنبيه إلى كل أولئك المحرومون من خيرات بلدانهم وحريتهم و كرامتهم في المعمورة. يتألم كل أصيل وطني على ما يحدث في المعمورة من ظلم و غطرسة و نهب الخيرات و هيمنة و تشويه لديننا الحنيف و عاداتنا و قيمنا تحت شعارات "الحماية لدولنا و ترسيخ الديمقراطية فيهم " و في الحقيقة هي الحماية على نهب الثروات منهم والديمقراطية بتثبيت العملاء لهم. طبعا التخطيط والمناهج المستعملة جعلتنا هكذا في غياب تام عن الوعي. أتذكر جملة قالها سياسي في عهد التفتح في الجزائر في التسعينات السيد اعميرات رحمه الله، مات و هو يتحسر على موت الفقيد محمد بوضياف و هو ليس من حزبه و لا من اتجاهه يقول " لو اخترت بين الديمقراطية و الجزائر لاخترت الجزائر".
رحمك الله يا عمر المختار الهلالي المُلقب بشيخ الشهداء، وشيخ المجاهدين، وأسد الصحراء، وأحد أشهر المقاومين العرب – يقول "نحن لا نستسلم ننتصر أو نموت". فإذا كان هذا الرجل خاض معركته بالسلاح في الميدان، فيستوجب علينا اليوم أن نخوضها بالعلم و التمييز بين من هو صالح لنلتف حوله عن قناعة و بصيرة من اجل التصدي لعدونا. أطلب من الله العلي القدير أن تكون الاستجابة بمثابة حضارة الوعي على يد الجيل الجديد.