إنه جواب عن سؤال من سانت بيترسبوغ بروسيا جاء على المباشر بكل عفوية كسابقيه من الأجوبة "لا نُهَرْوِل" أو" النفط الجزائري أحمر لأنه مسقي بدم الشهداء". إنها عبارات أتت بصيغة عفوية لأنها متجذرة في الوجدان و نابعة من صدق و قدسية حب الوطن و لا يدركها إلا مَنْ عاش نقيضها.
إنها كلمات ليست كالكلمات تكتب بالدم في ذاكرة الأجيال كمال كُتِبَ النشيد الوطني في زنزانة السجون. أستسمح غير الجزائري أن يعرف أن "هذا أنا و هذا طبعي" كما قال المغني عبد الوهاب الدكالي، ربما هذه الصفة أو السلوك وليد ظروف تربى عليها المواطن الجزائري و جعلته يستشهد في سبيل الفطرة التي خلقه الله عليها. ها هو مواطن أخر عرف مقام و حق وطنه يقول " أنا دمي فلسطيني". هؤلاء ليسوا متميزين عن غيرهم من المجتمعات ربما هي وليدة فرضيات جاءت بها ظروف تمخضت عليها هذه السلوك و المعاملات. يبدو جليا أن مثل هذه العبارات العفوية بدأت تغزو مجتمعات عاشت الويلات في بعض دول المعمورة وتأكدت أن الظلم مصيره الزوال مهما كان حجمه و زمانه. فنضال الشعوب من أجل الحرية و العيش في سلم و أمان، يتطلب الوعي و الصبر و التضحية في سبيل قضيته المقدسة و من هذه الصورة تنبع عبارات خالدة منه و تسجل عبر العصور و الأزمنة و تصبح كمنبه عند السهو و النسيان و مرجعية أساسية عند الحاجة.
إن هذه التصريحات تحضر غالبا أمام كل موقف يتعلق بالحزم الذي يصنعه العمل الجماعي التواق إلى التحرر و استنشاق الحرية في سبيل الوطن و يأبى في نفس الوقت استعمار و تسلط على الغير و يحترم كل من هو في هذا الكون. و عكسها شعوب تعيش على ارث مكتسب بطرق ملتوية على عاتق غيرها بحجة التفوق في المعرفة و الإمكانيات.