شحذت السكاكين بدون نية مبيتة ولا تفكير إطلاقا في الأضحية حتى بعد زوال يوم التروية و قبل يوم الوقوف بعرفة عشرة ساعات و تم شراء غداء يوم عيد الأضحى على أساس عدم التمكن من الأضحية. جاء الفتح على يد الفتوح و تكسرت الحصّالات و شُرِعَ في جمع ثمن أضحية اليتامى بمبادرة منهم و عمت الفرحة في البيت. لم يكن في الحسبان هذا الأمر قبل هذا الوقت إطلاقا و لم يكن مبرمجا. كانت الاشتراكات، تجمع من هنا و هناك وكل بما يملك، من حاضر و غائب و أرغم الأمر على أن تضحي عائلة اليتامى و تفرح كسائر الجيران.
لم يكن في مقدور رب البيت إلا النية و التضرع للرزاق الذي بيده "كن فيكون" و الشروع في سن السكاكين كان بعفوية تامة من أجل شؤون المطبخ لا غير، فتغير اتجاهها إلى ذبح الأضحية و تحضير الطعام للزائرين بكل فخر و اعتزاز وأُريدَ أن لآ تقطع السنة النبي عليه الصلاة و السلام. فعندما تكون النية سيدة الموقف و التلاحم العائلي و طهارة المحيط حاضرة، يخضع العمل و يسهل و يستجيب و تبرز معجزة القادر على عباده المؤمنين. إنه فعلا مونولوغ مسرحية أسرة جلفاوية، كتبتها البراءة و أخرجتها الأشواق و مثلها العازمون على بناء الأسرة الصالحة و المحافظة عليها و المتفرجين المطمئنين بعظمتها و قدسيتها، فكانت في أحسن صورة من الإبداع والغبطة و التفاني.
كان الشوق باكرا بالتوجه لسوق الماشية لشراء ميسورة على حسب ما تم جمعه بمعية المبادرين و عمت فرحتهم بخروف يتسم بالمواصفات الشرعية و أطمأنت النفوس. و في يوم العيد كان نهوض هؤلاء قبل صلاة العيد ليأخذوا صورة مع الخروف و ينظروا كيف تتم العملية و يحضروا الغداء بطريقة الشواء.