عذرا أيتها الحرية

الأحد 13 يونيو 2021 7:55 م

 يقال أن الإعلام ظل السياسة و إذا استقل منها فعلا فهل سيستقل من القانون ؟ و إذا وُضِعَ قانون لحرية التعبير هل يسمح لها بالتنفس؟ وإذا منح لها ما تريد، هل تحافظ على نفسها من المخاطر و لا تتعدى على الغير؟. في اعتقادي إذا ابتعد الإعلام عن السياسة و أمنعها من ظله ستحرق بشمس الحقائق الصادمة و إذا قننوها ستختنق. إنها معادلة صعبة الحل في عصرنا.

في الثالث ماي من كل سنة نناشد باليوم العالمي لحرية التعبير بشعارات رنانة، ألحرية لم تأخذ من التعبير حقها  أم مَنْ الذي بيده سلطة قانون التعبير لم يعطيها حقوها ؟. كل ما في الأمر أن كلاهما يغازل الأخر، فهي تدعي أنها السلطة الرابعة لتأخذ من التنازلات حتى يتوهم لها أنها سلطة فعلية و السلطة الفعلية تتغاضى في بعض الأمور حتى يتم نوع من التآخي بينها. لا السلطة تثق في الإعلام و لا الإعلام متأكد أن له الحرية. أنه قدر لتعايش محتوم ممزوج بالحذر و المغازلة. إنها الحرب الباردة كما يقال أو كمقولة طارق ابن زياد، العدو أمامكم، فمَن أحسن فن الحرب نجا و انتصر ومَنْ أحسن فن السباحة نجا بالهروب و مَنْ لا سبيل له سُجِنَ و غُرِمَ وبقى ينادي أعطوني حريتي، هذا هو مصير الإعلامي أو المُطَوَقُ إلى حرية التعبير.

هل هذا اليوم يعبر حقا على مغزاه؟ أم يَبْقَى شعار لظل أبدي للسياسة ؟. يتغنى بعبارات أم كلثوم "أعطيني حريتي أطلق يديّا". من الأبد كانت و ما زالت حرية التعبير تتصارع مع الواقع المعاش و تريد بشتى الطرق إظهار الحقيقة التي تبقى صعبة المنال وفي كل مرة تصطدم مع الواقع الذي يتحدى الحقيقة في بعض الأحيان، إنهما خطان متوازيان لا يلتقيان بينهما مصالح. الإشهار بالحقيقة و ارتياح الضمير يكلف العواقب الوخيمة و في نفس الوقت تسوده روح حرية التعبير المقدس.

إن إبداء الرأي دائما و أبدا محتوم عليه اتجاه معين يخضع له و إلا يصبح حامله كأحمد مطر و يعيش دائما بين الحفر، إن لم تكن له حاجة في نفس يعقوب يقضيها من اتجاه معين. سُئِلْتُ يوما من رجل دين عن عالم الإعلام و حريته. فقلت أعمل ما في وسعي حتى أكون صادقا وأنقل الخبر بأمانة و الله على ما أقول شهيد. فرد علي لك أجران إن صدقت في ما تقول و إن كان غير ذلك فهو إثم عظيم لأنه في حين تنشر معلومة من ورائها قصد و أنت تعلم أنها لا تعكس حقيقتها فكل مَنْ اطلع عليها و أخذ بها، أنت تحمل وزرها إلى يوم القيامة و تخيل كم عدد المطلعين عليها. فخجلت نفسي و خاطبتها سرا هل حقيقة كل عملي المنشور للقراء خالي من كل مراوغة إعلامية ؟. فأجابتني بهدوء و تفاخر إن أردت سلطة فأنا الأمارة بالسوء و إن أردت الرسالة كما هي، فأنا المطمئنة و قليل هم الذين يستمعون إليك.

 فما هو حل النجاة من هذا ؟ فأجابتني هو العزل في هذا أو الصمود و لك أجر واحد، لأنه تارة حين يدلي لك إنسان بخبر تراه من اليقين و هو أيضا له قصده في ذلك. و شأنك شأن كل من جاء على هذا المنوال من (المصرحين – المحللين – الممثيلين- المسيرين – وأهل الفتوى أعظم و هلم ماجر). 

                   

التعليقات

الأكثر قراءة

كاريكاتير

اتبعنا على فيسبوك

اتبعنا على تويتر