الى اخواننا في الخليج.. وفروا ملياراتكم

الأربعاء 29 أكتوبر 2025 8:21 م

لا نجادل مُطلقا أن عشرات بل مئات من مليارات  الدراهم والريالات والدولارات قدمتها   وتقدمها الدول الخليجية وبالذات المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة  لعدة دول عربية  منذ عقود، ولكن معظم هذه الأموال  لا تذهب لمصلحة  تنمية  تلك الشعوب وتحسين اقتصادياتها واوضاعها المعيشية التي ما تزال صعبة للغاية وتشكل تربة خصبة لظهور حركات عنيفة بتلك المجتمعات  ونشوء الأفكار التي تنضح كراهية لكل ما هو خليجي، حركة الحوثيين( أنصار الله) في اليمن أنموذج، بل تذهب  (الأموال) إما لشراء ولاءات شخصية لرموز سياسية وحزبية وقبَلية  واجتماعية أو  على شكل دعم عسكري  لطرف ضد الآخر كما هو حاصل اليوم في السودان، وفي اليمن بالطبع …. المملكة   بالسودان  تدعم الرئيس البرهان،  فيما الامارات تدعم معارضيه بقيادة المتمرد حميدتي، وكلا الدعمَين عسكريا فقط لا اقتصادي أو تنمويا  في بلد تعصف به المجاعة  ويستبد به البؤس والحرمان، والنتيجة كما نرى، مزيدا من الدمار والمجازر يقابله  فقر ومجاعة وأوبئة وأحقاد تحرق الأخضر واليابس .
وفي ليبيا شاهدنا ذات الأمر ليس فقط من السعودية والإمارات بل ومن قطر وبذات الأسلوب ولنفس الغاية ،مؤسف جدا،والنتيجة ايضا هناك في ليبيا الثرية لا تقل بؤسا عن السودان واليمن.وامثله اخرى تمتد من الصومال ،إلى  سورية حيث تهاوش الجمع هناك قبل سنوات وبددوا مليارات الدولارات، وفي لبنان كذلك، وحتى مصر لم تسلم من  شرر وضرر  المال السياسي المنفلت وبالذات  غداة الثورة الشعبية التي أطاحت بالرئيس الراحل حسني مبارك  وشاهدنا كيف فعل المال الخليجي ،والقطري على وجه الخصوص مفعول السحر المرعب،قبل أن تنقلب الأوضاع رأسا على عقب  وتنهض مصر من كبوتها.
وفي اليمن الذي يمثل فيه المال الخليجي أوضح صور لسوء توظيف المال السياسي والعسكري القادم من الخليجي . فالمملكة ضخت مليارات من العملات الصعبة  الى اليمن منذ عقود ما بعد ثورة ٦٢م  ولا تزال. سواءً  عبر اللجنة الخاصة التي تأسست قبل  عقود للشراء ولاءات يمنية  أو غيرها من النوافذ.. ففي اليمن الشمالي -الذي كان حتى عام ١٩٩٠م وهو عام الوحدة بين دولتي اليمن- كانت تلك الأموال  على كثرتها لا تذهب منها سوى الفتات جدا لخزانة الدولة  لتنمية وانتشال قطاعات التعليم والصحة والطرقات والكهرباء والمياه فيما ذهبَ الجزء الأعظم منها لجيوب شخصيات نافذة بالدولة والقبيلة والجيش  بصفاتهم الشخصية أو الحزبية والقبلية او لحسابات  بنكية لجماعات دينية  لكسب ولاءاتهم وشراء مواقفهم وضمان تبعيتهم  للرياض وجزء من تلك الأموال في تلك الحقبة تذهب لدعم مجهودات حربية ضد دولة الجنوب  السابقة .


وظل الدعم الخليجي بعد وحدة البلدين قائما ولكن  دون طائل أو فائدة مرجوة لعامة الشعب…فلو كان الاشقاء بالمملكة سخّروا ويسخرون هذه الأموال التي ما تزال تضخ لانتشال أوضاع  الناس  لكسبت المملكة رضاء ومواقف الشعب بأكمله ولما ظهر لها من يزعزع جبهتها الجنوبية او يحرض على كراهيتها.
فما يزال القائمون على تصريف تلك الأموال يتبعون ذات الطريقة و ينتهجون ذات الآليات القديمة التي أثبتت فشلها وعقمها ،أي طريقة كسب ولاءات شخصيات وكيانات حزبية وقبلية ودينية، بدلا من دعم وكسب الشعب.
لوجه الله نخاطب إخواننا بأنظمة الخليجي ان يعيدوا مراجعة طُرق وآليات تعاطيهم مع تصريف ومسارب الأموال التي يقدمونها في اليمن وغير اليمن – وهي بالمناسبة أموال في جزء كبير منها مقيدة على ذمة الأجيال القادمة كديون واجبة السداد- . فدعم التنمية أولى  من كسب ولاء شخصيات وكيانات بائسة…وانتشال الأوضاع  وشعور المواطن بهذه البلدان ان الدعم الخليجي يصب بمصلحته  ويستهدف تحسين حياته ويحفظ له كرامته ويصون نسيجه الاجتماعي ولا تمزق أوصاله  ويعسكر حياته او يجعل أبناءه  طوائف متناحرة  واتباع مرتهنة ، فإنه أي المواطن العربي  من اليمن الى كل البقاع العربية سيكون هو السند الحقيقي للخليج والعمق الاستراتيجي له وبندقيته الأخوية الصادقة التي  ستتخندق  بخندقه إذا ما ازمةٌ أزمت  أو حلَّ الوغى  بخليجنا العربي ، وبذلك سيكسب الخليجيون” شعوبا وأنظمة ” قلوب ومواقف واحترام كل الشعوب ،بدلاَ من كسب ولاء شخصيات وكيانات لا تجيد سوى التكسب والارتزاق  واثارة مخاوف اخواننا الخليجيين من دول الجوار ومن أعداء وهميين لم يكن لهم ان يظهروا على الساحة لو أن بلدانهم مستقرة تنمويا واقتصاديا.

بقي ان نسجل تقديرنا  للدعم الكويتي الذي كان ولا يزال منذ عقود يقدم  لكل الشعوب العربية ،دعمٌ للتنمية لا سواها  وخالٍ  من كولسترول المنُّ والأذى  ومن شروط التبعية والوصاية،لا تفوح منه ريحة البارود.
 

التعليقات

الأكثر قراءة

كاريكاتير

اتبعنا على فيسبوك

اتبعنا على تويتر