من قال إن الأشياء لا تتكلم..؟! بلا شك تختلف ذهنية الفنان والكاتب والروائي والشاعر عن غيره وهو لا يفكر ولا يتخيل بطريقة متشابهة مع الآخرين، هو أمر يرافق كل مهنة،لكن في كل الأحوال هل نحن نفهم بدقة كل ما يدور في القيعان العميقة..؟ في لحظة حنين قد تفتح ألبوم صورك أو قد ترى لوحة أو صورة صدفةً لطبيعة هادئة وصامتة ولا أثر لبشر، أو انقاض منزل ،أو بيوت مهجورة ،تقف صامت وتعيد ذاكرة المكان والزمان ..،لكن ما تركته فينا من طيف واسع من الصور لا يصدق.
قد ننتقل الى ذكرى في طفولتنا أودولة ما او شوارع ووجوه ومباني عمارات،هل صحيح نرى الاشياء بنفس المستوى من الرؤية..؟
لكن فجأة بزغت في الذاكرة عندما نقف أمام منزل مهجور مثلاً لا يثير فينا جميعاً التداعي نفسه، ربما نرى أطيافاً عابرة تخطف عن بشر لم يعودوا هنا لكنهم تركوا هذه الانقاض، ولكن تركوا لنا الذاكرة وتركوا لنا الحنين ليكون عنوان المنازل المهجورة.والصراعات علي أرث من الأنقاض..
في ليلة صيف قمرية في قريتنا في الليل شوارع مضاءة بمصابيح خافتة وصامتة .،استوقفني مشهد لمنزل مهجور ،ومنزل من الأنقاض ، في لحظة من ذاكرة الحنين حضرت الوجوه والأمكنة الغائبة في صورة طبيعة صامتة..؟
فإذا كنت على حافة الريف أو البحر اذا كانت حياتك واسعة ولست سجين اربعة جدران وفي هذه الحالة ستتمتع باقوى ذاكرة لاتفه الاشياء المحدودة.في نظر الأخرين ..،،لماذا تتحفز الذاكرة من صور او منظر؟ما الذي يحدث من تحايل في الذاكرة..؟
يحدث ان يدفعك الصدفة الي مكان خارج الوطن او صورة الى أن تسافر عن طريق قطار تتذكر قطار الشرق الفرنساوي في مرحلة الدراسة من قريتك الي مدينتك وهو يقطع السهول المشرقة بين مدينة/ وارسو البولندية وبرلين في المانيا /، واتذكر وجه من خلف زجاج نافذة قطار عابر يلوح عبر النافذة،وحقول القطن والذرة والقمح ،،
يلتصق بك كما لو تبحث عنه، وانت في مرحلة ما من شبابك عن أي شيء نبحث..في هذا العمر ؟ هناك شيء مفقود ننساه او نتهرب منه او حتى لا نعرفه لكنه يطاردنا ونحن لا نصغي للذاكرة المشفرة... هناك اجيال تبحث عن هوية جديدة وثوب جديد ترتدية في عصر القطط السمان والرأسمالية المتوحشة وتحاول أن تهرب من الماضي لكنها تعيش عصور التية وتحاول أن تعيش بالأقنعة المزيفة ولكن تجدها مصابة بأمراض السيكوباتية في بحثها عن أشياء مفقودة ... !!
محمد سعد عبد اللطيف
كاتب وباحث مصري متخصص في علم الجغرافيا السياسية ،،،