المرشد الأعلى في إيران علي خامنئي
أثارت تصريحات المرشد الأعلى في إيران، علي خامنئي، حول مقتل المواطن الأمريكي جورج فلويد، موجة واسعة من الغضب والانتقادات، حيث ندد الإيرانيون بتعاطف خامنئي واستغلاله لحادثة قتل المواطن الأمريكي فلويد، دون النظر إلى قمع أجهزة نظامه للإيرانيين في الشارع أثناء احتجاجاتهم ضد النظام.
وكان خامنئي قال في خطاب متلفز أمس الأربعاء، بمناسبة الذكرى الـ 31 لرحيل مؤسس نظام الجمهورية الإسلامية في إيران، آية الله الخميني: إن ”الأمريكيين فُضحوا في العالم بفضل من الله، فبعدما فشلوا في معالجة أزمة تفشي فيروس كورونا، يقتلون شعبهم“.
وأضاف خامنئي تعليقًا على مقتل جورج فلويد: إن ”ألسنتهم طويلة في مسألة حقوق الإنسان، ومع هذا يقتلون شعبهم، فذلك الرجل الأسود الذي قتلوه، يبدو أنه لم يكن إنسانا وليس لديه حقوق إنسان مما يتحدثون عنها“.
وفي إطار تحليل تصريحات خامنئي بشأن الاحتجاجات الأمريكية، قال الكاتب والمحلل الإيراني، إحسان مهرابي: إن ”مرشد النظام الإيراني رغم تخصيص مسألة التظاهرات الأمريكية بعد مقتل جورج فلويد في نهاية خطابه، إلا أن هذا الجزء هو المحور الرئيس لخطاب خامنئي“.
وأضاف مهرابي في مقاله المنشور على موقع ”إيران واير“ المعارض، اليوم الخميس: ”لقد سعى خامنئي في خطابه أن يستغل الاحتجاجات ضد العنصرية في أمريكا، عن طريق ربطها بإجراءات الحكومة الأمريكية ضد إيران وغيرها من الدول على الصعيد الدولي والتي يراها عنصرية ضد نظام بلاده“.
وأشار المحلل الإيراني، إلى أنه في الوقت الذي خلفت فيه التظاهرات الأمريكية ضد مقتل جورج فلويد، 9 قتلى فقط في عدد من الولايات الأمريكية، أسفرت التظاهرات التي خرج فيها الإيرانيون ضد النظام وقراراته الاقتصادية الأخيرة في نوفمبر/ تشرين الثاني 2019، عن مقتل أكثر من 230 قتيلا وفق الرواية الرسمية في ظرف 4 أيام فقط“.
وتابع أن ”موقف خامنئي وإجراءات النظام الإيراني من الاحتجاجات والمعارضين يتناقض تمامًا مع تصريحاته وموقفه من التظاهرات في أمريكا، ذلك أن خامنئي لا يصف المعارضين من المواطنين في الشارع بالأراذل والأوباش فحسب، بل يدافع عن قمعهم واعتقالهم ثم إعدامهم“.
مقارنة في غير محلها
من جهتها، سلطت الكاتبة والناشطة الإيرانية في حقوق الإنسان، شيفا نظر آهاري، الضوء على تفاعل الإيرانيين مع موقف خامنئي من الاحتجاجات في أمريكا مقارنة مع موقفه من الاحتجاجات في إيران.
وأشارت آهاري في مقالها المنشور على موقع ”زيتون“ التحليلي، إلى أنه ”بالتزامن مع تداول مقاطع فيديو وصور توثق التظاهرات الأمريكية ضد مقتل جورج فلويد، أعاد الإيرانيون على منصات التواصل الاجتماعي مقاطع الفيديو التي وثقت احتجاجات الشارع الإيراني، وآخرها احتجاجات غلاء البنزين في نوفمبر 2019“.
وأكدت أن ”ردود أفعال النشطاء والمواطنين الإيرانيين على هذه المقاطع، أشارت إلى أن تعامل الأجهزة الأمنية الإيرانية مع المواطنين المحتجين يُعد أكثر عنفًا وقمعًا مقارنة بما يحدث في الشارع الأمريكي، بل ولا يُقارن بما يشهده الشارع الأمريكي“.
وأضافت الكاتبة الإيرانية أن ”ما خرج من تصريحات مسؤولي النظام الإيراني تعليقًا على التظاهرات في أمريكا، كان إشارة إلى الرأي العام الإيراني والمحتجين الإيرانيين على وجه الخصوص، بأن المحتجين في أمريكا يتعرضون للقمع أيضًا؛ وكأنها إشارة إلى مشروعية قمع النظام للمحتجين في الشارع“.
بدورهم، تفاعل عدد من المحللين والنشطاء الإيرانيين على منصات التواصل الاجتماعي مع تصريحات خامنئي عن التظاهرات الأمريكية ضد مقتل جورج فلويد، ومنهم المحلل السياسي، علي حسين قاضي زاده، الذي كتب على ”تويتر“ قائلا: ”يقول خامنئي إنهم (الأمريكيون) يقتلون الشعب وألسنتهم طويلة في حقوق الإنسان، ويبدو أن مرشد النظام الذي يصفي معارضيه طيلة أربعة عقود قد تأثر من مقتل مواطن أمريكي بهذه الطريقة“.
وأضاف المحلل الإيراني في تغريدته: أن ”المسكين خامنئي لا يعلم أنه سيسمع جملة لا أستطيع التنفس في شوارع طهران في أقرب مما يتصور“، وهي الجملة التي اختتم فيها المواطن الأمريكي الراحل جورج فلويد حياته“.
مزحة مرة
بدوره، أعاد الكاتب الصحفي الإيراني رضا حقيقت نجاد، التذكير بأشهر جرائم النظام الإيراني في الداخل، حيث قال: ”دعونا نتصفح حوادث العقود الأربعة في حُكم الخميني وخامنئي من حادثة سينما ريكس، ومجازر كردستان، وقتل البهائيين، وإعدامات عام 1988، وسلسلة اغتيالات أصحاب الرأي، وجريمة سجن كهريزك، وأحداث انتفاضة 2009، وإسقاط الطائرات، واحتجاجات أعوام 2017 و2019، والحرب السورية، وتصفية الناشطين زهرا كاظمي وستار بهشتي، كل هذا وخامنئي يقول عن الأمريكيين إنهم يقتلون الشعب وألسنتهم طويلة“.
أما الكاتبة والناشطة الإيرانية المعارضة البارزة، مسيح علي نجاد، فردت على تصريحات خامنئي حول التظاهرات الأمريكية بقولها: إن ”السيد خامنئي قال إن أمريكا قتلت رجلًا أسود ولم تعتذر، والحقيقة أن هذا الأمر عبارة عن مزحة مُرة“.
وأضافت في مقطع فيديو نشرته على صفحتها الرسمية على منصة ”انستغرام“: ”أقول لخامنئي إنني الأحق بالاعتراض على قتل جورج فلويد، بل وقتل آلاف من جورج فلويد في إيران، وإنني أصُرح بهذا هنا في أمريكا، بينما لا أستطيع البوح بهذا مثلي مثل ملايين الإيرانيين خشية من الشرطة في بلدك“.
وتؤكد تقارير لمنظمات حقوقية عالمية، تعمد أجهزة النظام الإيراني الأمنية مواجهة المحتجين في الشارع بالقمع والاعتقال والتعذيب في المعتقلات، فضلًا عما توثقه مقاطع فيديو وصور لمماسات العنف ضد المحتجين في إيران ضد النظام وسياساته الحاكمة.
تعاطف روحاني
في ذات الإطار، هاجم الرئيس الايراني حسن روحاني، الخميس، نظيره الأمريكي دونالد ترامب، لحمله الإنجيل وهو يأمر بقتل مواطنيه، على حد تعبيره، مشيرا إلى أن إيران تتعاطف مع المتظاهرين في الولايات المتحدة.
وقال روحاني خلال كلمة له بمناسبة إزاحة الستار عن بعض المشاريع الاقتصادية: إن ”الإنجيل الذي يدعو للإنسانية، هو كتاب مقدس بالنسبة للمسلمين ولكافة الأديان السماوية، ومن المخجل والمخزي حمله من قبل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وهو يأمر بالقتل وارتكاب الجرائم بحق شعبه“.
ونقل موقع الرئاسة الإيرانية عن روحاني قوله: إن ”الشعب الأمريكي أصبح ينظر إلى البيت الأبيض بكراهية، ونحن نعرب عن مواساتنا له، وندين بشدة الجرائم التي ترتكب ضده بأوامر من البيت الأبيض“.
وتابع روحاني أن ”قضية المواطن الأمريكي من أصول أفريقية جورج فلويد، الذي تعرض لظلم كبير وقتل بطريقة وحشية، أصبحت حدثا عالميا“، مشيرا إلى أن الولايات المتحدة تعيش أسوأ ظروفها على الإطلاق.
وأضاف ”لا يهم ما إذا كان الشخص الذي قُتل في الولايات المتحدة مسيحيا أو مسلما، فالقضية أنه قُتل بطريقة وحشية، ونحن نتعاطف مع المتظاهرين الأمريكيين“.