حياتنا الدنيا مجموعة قصص البشر، المُؤسَّسَة على علاقة الرجل بالمرأة قبل التحول المعاصر والاعتراف بالمثليّة، منذ بداية الخلق إلى قيام الساعة، قد تختلف في التفاصيل، لكنها بلا ريب متَّفِقَة إلى حد كبير في السياق العام، وبناءً عليه، فإن كلاً منا بطل في مجال حياته، ما يعني أننا لا نشكل طبقات فوق بعضها من ناحية البطولة لجهة الفعل، وهذا على خلاف المعنى الأساسي للبطولة المحتكر لدى أولئك الذين يستعملون العنف بحق أو بظلم، أو أولئك الذين ندفعهم إلى الظهور حتى إذا ما تمكَّنوا شكَّلوا بطولة ترقى إلى مستوى الوثنيّة.
البطولة مثل السلطة تماماً، هي مقسمة بيننا بقدر، وهناك تداخل بينهما، وكثيراً ما تأتي الأولى من الثانية، بغض النظر إن كانت شرعية من ناحية الانتماء أو المولد، هذا في الحالات التي تُعدُّ، مهما كان عددها، قليلة مقارنة ببطولات ملايين البشر الأحياء منهم والأموات، أما في الفعل الإنساني اليومي المتراكم، حيث القصص التي تفوق الخيال، فإن البطولة هي سعي دائم للبقاء على قيد الحياة، وهنا يظهر الأمل، الذي قد يُلْهيِنا عن إدراك النهايات الحتمية، ولكنه في الوقت ذاك يُغْنِينا عن تلك البطولات الآتية من القوة، مقابل بطولات نابعة من الضعف، وقلة الحيلة، وانعدام المقومات لمواجهة الحياة.
والواقع، أن الحياة مليئة بأنواع البطولات، التي تتعمَّق كلما زادت معاناة البشر، ولا داعي للمقارنة فلِكُلٍّ منَّا تجربته الخاصة.. هنا تحضرني تجربة صديق عزيز اقتربت منه على مدى عقد أو يزيد، وفيه تجّلت معاني الصبر والأمل.. خوفه طبيعي مثل كل البشر، ولكن طريقة التعبير عن الأمل عنده مختلفة، ربما يعود ذلك إلى تكوينه الصوفي، أو لأفق النظّر البعيد عنده حيث تخصصه في الفنون الجميلة، والأكثر من هذا إلى ذلك الشوق الإيماني، حتى إنه في بحر الأسبوع الماضي حين كتبت عن «معركة بدر»، أرسل لي قائمة بأسماء الصحابة المشاركين في تلك المعركة، قد يبدو الأمر عادياً لمن يتبادلون الرسائل كل يوم في زمن الصمت المطبق، والاتجاه نحو الصمت الأبدي، لكن بالنسبة لي أرى الأمر من زاوية تأسيس بطولة الحياة اليوم على مرتكزات الماضي.. فتحيّة لصديقي العزيز«فواز ناظم»، ومنه لأهل سوريا ولكل العرب والمسلمين، ولكل البشر، الذين يعيشون الزمن السوري، ويعمِّقُون معنى البطولة في حياتنا.