حياتنا.. «أمل ذو عوج»

الثلاثاء 13 يوليو 2021 4:02 م

نتداول منذ سنوات، كلما كبرت أزماتنا وتعمقت، عبارة: « أنْ لا أمل»، فهل هذا يعني أننا وصلنا إلى النهاية، سواء بالسقوط من فوق شفا جرف هارٍ، أو تصعدت بنا المشكلات- في سياقها الإيماني قولاً وفعلاً- فأصحبنا كمن خرَّ من السماء، أو أننا تخطّفتْنا طيور الظن والشك والعجز والهوان، أو هوت بنا رياح التطور في مكان سحيق؟

قبل الإجابة على السؤال أعلاه، علينا إبداء ثلاث ملاحظات قد تساعدنا على فهم الأمل من حيث هو حقيقة أو وهم، مطلب أو ضرورة، حق أو واجب، بعيد أو قريب، حالة نفسية أم ظاهرة اجتماعية، بعد زمني، أو فسحة مكانية.

أولها: تقلُّص الأمل بالنسبة للبشر جميعهم على المستوى العالمي، حيث هناك تأجيل غير مُسمّى لحل أزماتنا، بدءاً من الجانب الصحي، وانتهاء بمحاولتنا الوهمية لاستعمار الفضاء، وهذا يعني تخلّي الأمل عن مكانه لمصلحة اليأس، صحيح أن مظاهر الصخب العامة، مرفقة بجهد طيب من

بعض العلماء، أبقت على حضور الأمل من حيث هو قيمة، لتعديل الوضع نحو الأحسن ولكن ضمن توزيع غير عادل بين البشر.
ثانيها: تمدُّد الأمل على المستوى الفردي، بحيث لم يعد محدوداً، وعادةً ارتفاع الأمل لدى الإنسان يعدُّ ظاهرة صحيّة، كونه يبعده عن حالة القنوط واليأس، وقد يدفع به إلى تحقيق- ولو بشكل جزئي- بعض مما يطمح إليه، لكن بالنسبة لنا فرادى- في العالم كله- تحول الأمل اليوم لدينا إلى ظاهرة مرضيّة، لأنه لا يستند إلى العمل، كُلٌّ في مجال اختصاصه- طبعاً هناك حالات نادرة تُذْكر ولكن لا يقاس عليها- وإنما يخضع لثقافة حرق المراحل، وإحلال الأذل مكان الأعز، والباطل بدل الحق، والظلم بدل العدل، والحرب بدل السلم، والعنف بدل الحوار، وما يتبع كل ذلك بوعود واهية ولاهية، لتحقيق الأمل صغيراً كان أو كبيراً، وترويج لثقافة تحقيق غير الممكن بشروط الممكن.

ثالثها: الصدام الحتمي بين تراجع الأمل على المستوى العالمي بما في ذلك التعايش، الذي تروج له المؤسسات الرسمية على نطاق واسع، وتمدد الأمل على المستوى الفردي، الأمر الذي سيطيل من عمر أزماتنا في كل المجالات.

تأسيساً على الملاحظات السابقة، نقرُّ بوجود أمل على المستوى النظري يصعب تحقيق جلّه في الوقت الراهن، وقد يتحول في المستقبل المنظور إلى نوع من الانشغال خارج إطار المُنْجَز المُنْتَظر أو ربما يصبح ذلك المُتحقِّق في صيغة «أمل ذي عوج»، يلهينا، بحيث نتنعّم بما نعتقد أنه متعة حتى لو كان مصحوباً بالألم، ونأكل مثل الأنعام، وما بعد ذلك يعلمه الله وحده.

التعليقات