بانتخاب الجمعية العامة للأمم المتحدة أمس الأول (11 يونيو الجاري) دولة الإمارات عضواً غير دائم في مجلس الأمن للفترة 2022-2023، تدخل الإمارات العربية المتحدة مرحلة جديدة من تاريخها، حيث الانتقال من تحقيق أهدافها الكبرى في علاقاتها الدولية خاصة، ومع المجتمعات الإنسانية عامة، إلى الإسهام المباشر في صناعة المستقبل الإنساني من خلال نشاطها المميز في الأمم المتحدة، معتمدة على تجربة خاضتها في الفترة 1986-1987، حين شغلت مقعداً غير دائم في مجلس الأمن، وعلى نشاطها الدبلوماسي خلال 34 سنة الماضية.
الإمارات تذهب بعيداً في صناعة الفعل ـ بكل أنواعه ـ على المستوى الدولي، وهي لا تقطع المسافة زماناً ومكاناً وحيدة في رحلتها نحو الأفق البعيد، لجهة التعويل على تحقيق مصير إنساني مشترك في عالم اليوم، تزرع فيه قيم المحبة والتسامح والحوار، وإنما تستقطب، وتستدعي، وتدفع الحكومات والمؤسسات والشعوب إلى اعتراف بدورها المميز في خدمة الجميع، وقد أثبتت التجارب صدقيّة ما تقوم به الإمارات، فغدت مؤيدة من دول كثيرة لكل أطروحاتها ومواقفها وأفعالها، وما عدد الدول التي أيدت انتخابها إلا دليلاً على ذلك.
والإمارات في صناعتها للفعل عبر علاقتها الدولية المستدامة والهادفة، تستند ـ في تصوري ـ إلى مرتكزين أساسيين، متداخلين، بل إنهما يسيران معاً، ويتعذر الفصل بينهما، أولهما: تراكم النشاط على الصعيد الدولي من خلال ربط أي موقف، أو فعل، أو تصريح، بما يخدم البشر جميعهم، وذلك منذ قيام دولة الاتحاد في ديسمبر 1971، أي منذ خمسين سنة تقريباً، وإلى غاية اللحظة الراهنة، وهو ما سمّيته في مقالات سابقة، بالجمع بين «الرشد والخيرية»، كما هي جلية في أقوال وأفعال الشيخ زايد ـ رحمه الله ـ والتأسيس عليها بشكل دائم في العمل الدبلوماسي الإماراتي، حتى أنه يمكن القول: إن كل الإنجازات التي حققتها الإمارات اليوم على الصعيد الدولي، وتلك التي تحققها اليوم، وحتى تلك التي ستتمكن من تحقيقها في المستقبل المنظور أو البعيد ستظل مرهونة بثنائية «الرشد والخيرية».
ثانيهما: تحملها لمسؤولية القيام بنشاط دولي مثمر بوعي وصبر وبذل وعطاء، يعمق من حضورها ضمن مسارات متعددة ومتنوعة، تحت مظلة القيم الإنسانية المشتركة، بما يجعل من تحملها للمسؤولية خياراً حضاريّاً، على النحو الذي بيّنه سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، وزير الخارجية والتعاون الدولي، بقوله: «لقد كانت دولة الإمارات مستعدة دائماً للاضطلاع بنصيبها في مسؤولية مواجهة التحديات العالمية الملحة بالتعاون مع المجتمع الدولي، وهذا هو الدافع الأساسي لحملتنا لعضوية مجلس الأمن».