ثورة 25 يناير: مبارك شاهد ونظرية المؤامرة تعود من جديد

الاثنين 21 يناير 2019 7:39 م
ثورة 25 يناير: مبارك "شاهد" ونظرية المؤامرة تعود من جديد

كل يمضي في سبيل تحصيل لقمة العيش ولا وقت لتذكر الماضي

جنوب العرب - جنوب العرب - القاهرة

مع اقتراب الذكرى الثامنة لثورة 25 يناير في مصر، يبدو لافتا تراجع حماس التحركات والتحضيرات التي تعوّد عليها الشارع المصري منذ ثمانية أعوام. ويفسر البعض ذلك بأن شيئا لم يتغير، فيما يقول آخرون إن المشكلات الاجتماعية والاقتصادية التي تعاني منها مصر حاليا بحاجة للتفكير في المستقبل وليس العودة إلى الماضي.

ويغيب صوت المعارضة والنقاشات التي تثار كل عام بين مؤيدي الثورة ومعارضيها. ويحوّل الشارع المصري وجهه عن هذه المناسبة التي لم يجد المصريون ما يثير فيها سوى يوم الإجازة الإضافي (يوم الخميس 24 يناير) الذي سيأخذونه بديلا عن يوم الجمعة (25 يناير) وهو عطلة رسمية أصلا.

أسئلة حيوية

طرحت “العرب” مجموعة من الأسئلة على عدد من السياسيين والخبراء لاستكشاف أسباب الفتور البادي على فئة كبيرة من المصريين. واتفق أغلب المتحدثين على أن الانتكاسات التي مرت بها دول شهدت ثورات مماثلة من الدوافع الرئيسية التي أدت إلى فتور الرغبة في تذكّر ثورة 25 يناير، كما أن التوظيف السياسي للصعوبات التي واجهت دول “الربيع العربي” ساهم في تخلي الكثيرين عنها.

وقال طارق الخولي، أحد الشباب البارزين في ثورة 25 يناير، وعضو البرلمان المصري حاليا، عقب مرور هذه السنوات قام المصريون بالتحليل والتدقيق في إيجابيات وسلبيات الثورة، بعيدا عن التشدد في الرؤى بين مؤيد ومعارض لها، الأمر الذي ساهم في تفسير جزء من الهدوء الحالي، كما أن انتهاء فترة سياسية من عمر البلاد كانت فيها النزعة الثورية سائدة، صبّ في الاتجاه نفسه.

وأضاف لـ”العرب”، أن التحسن الملحوظ في معدلات الأمن الداخلي وانحسار الأعمال الإرهابية والسير باتجاه تثبيت مؤسسات الدولة، وترقب المصريين لعوائد الإصلاحات الاقتصادية تدفع بهم للنظر إلى المستقبل، وتزيد الرغبة في تخطي مرحلة صعبة ترتبت عليها فوضى داخلية فاقمت من حدة الأزمات.

ومن وجهة نظر النائب البرلماني الذي يشغل أمين لجنة العلاقات الخارجية بحزب “مستقبل وطن”، هناك إدراك عام من قبل المواطنين بأن التحديات التي تواجهها الدولة المصرية في الوقت الحالي أكثر شراسة من نظيرتها التي واجهتها قبل يناير 2011، في ظل خوض البلاد حربا مفتوحة مع الإرهاب ومواجهة دول راعية له، وسط منطقة عربية تعجّ بالحروب الأهلية، ومعاناة دول الجوار مع انتشار لحالة عدم الاستقرار التي يمكن أن تؤثر على الأوضاع في مصر.

ويرى مؤيدو الحكومة أنها نجحت في التعامل مع الأزمات وفرضت قدرا من التفاؤل تجاه المستقبل، على رأسها حل الكثير من مشكلات البنية التحتية للبلاد، والتعامل مع العجز الدائم للإسكان الاجتماعي والقضاء على جزء من العشوائيات، وإنهاء أزمة الكهرباء وتوظيفها لصالح الاقتصاد المصري عبر تصديرها للخارج، وهذه نجاحات خفّفت المعاناة عن كاهل المواطنين.

وأكد حسن سلامة، أستاذ العلوم السياسية بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية بالقاهرة، أن السنوات الماضية شهدت قدرا كبيرا من الفوضى أثّر سلبا على حياة المصريين المعيشية، وأصبح الاستقرار مطلبا شعبيا، حتى وإن كانت هناك أخطاء تمارسها الحكومة الحالية. وأشار لـ”العرب” إلى أن الحكومة نجحت في تقديم خطاب تطغى عليه صيغة المستقبل بشكل دائم وربطه باستراتيجية الدولة المصرية لعام 2030.

ولعبت جهات رسمية على وتر سد حاجات المجتمع في الخطابات الموجهة إلى الجمهور المصري لضمان عدم العودة إلى الماضي، وساهم التركيز عليها وتحليلها من وجهة نظر أطراف مؤيدة في وسائل الإعلام الحكومية والخاصة في تصحيح الكثير من العلامات الخاطئة في مسيرة ثورة يناير.

وفي المقابل يعتقد العديد من السياسيين أن حالة اللامبالاة المرتبطة بذكرى الثورة تكمن في تعرضها لقدر هائل من التشويه عقب إزاحة نظام الرئيس الأسبق حسني مبارك، ما أدى إلى حالة من الإحباط انتشرت لدى الرأي العام من دون أن يتوصل أحد إلى نتيجة نهائية حول هل ما حدث في يناير 2011 ثورة أم مؤامرة خارجية؟

الخطاب الرسمي

أوضح محمود العلايلي، رئيس حزب المصريين الأحرار، وهو أحد الأحزاب التي أفرزتها ثورة يناير، أن المواطنين والقوى السياسية تأثروا بالخطابات التي حاولت طمس المكاسب التي حققتها الثورة على مستوى إتاحة الحريات العامة وفتح المجال أمام تداول السلطة ومحاسبة الأنظمة السياسية.

ولفت في تصريحات لـ”العرب” إلى أن تصحيح مسار ثورة يناير من خلال مسار ثورة 30 يونيو 2013 أثر بشكل مباشر على زخم ثورة يناير، وقلل من حضورها في الوجدان الشعبي.

وشدد على أن الارتباك الذي عانت منه مؤسسات الدولة في السنوات التي تلت ثورة يناير لعب دورا مهما في ما لحق بها من تشويه، بسبب عدم الاستعداد الجيد للتعامل مع تحركات الشارع، وبحث القوى الثورية عن مصالحها الشخصية، واختراقها من قبل أشخاص هدفوا إلى تشويه صورتها، وكلها عوامل ساهمت في إنهاء الحالة الثورية مبكّرا، وتسبب ذلك في انتصار “حزب الكنبة” (عبارة تطلق على المواطنين البسطاء غير المسيّسين)، والذي كان يراهن على أن عدم التجاوب مع التظاهرات هو السبيل لتحسين الأوضاع المعيشية، بما انعكس على الموقف الشعبي الراهن من يناير.

وتجد الثورة المصرية نفسها في وضع غريب بين اعتراف الدستور المصري بها كثورة شعبية بالإضافة إلى ثورة 30 يونيو، وبين خطاب آخر يصدر من دوائر قريبة من الحكومة يتحدث عن أن يناير مؤامرة استهدفت ضرب استقرار الدولة.

وفي ندوة تثقيفية عقدها الجيش المصري احتفالا بذكرى نصر أكتوبر العام الماضي، أكد الرئيس عبدالفتاح السيسي، أن “ما حدث في 2011 علاج خاطئ لتشخيص خاطئ، والبعض قدم للناس صورة عن أن التغيير من الممكن وأن يحدث بهذه الطريقة، وأن هناك عصا سحرية سوف تحل المشكلات”.


وأوضح عمرو الشوبكي، الكاتب والمحلل السياسي، أن جزءا من غياب ثورة يناير عن إعلام الدولة الرسمي يرتبط بأن النظام السياسي يعتبر نفسه بديلا عن تعثر مسار ثورة يناير، والذي انتهي بوصول الإخوان إلى السلطة، وبالتالي فإنه يعمل على تصحيح هذا المسار لضمان عدم سيطرة التنظيمات الإسلامية على الشارع مرة أخرى.

وأشار لـ”العرب” إلى أن هناك عاملا مهمّا يرتبط بفشل تحقيق الثورة لأهدافها وهو إحساس المجتمع بأن حلم الحرية والديمقراطية الذي خلقته لم يتحقق، وبالتالي فإن الجميع انصرف عن الاحتفال بها في وقت لا يستطيع تنظيم نفسه للتظاهر، إلى جانب أن فكرة الحراك الشعبي تواجه رفضا كبيرا في الخطاب الرسمي للدولة وتراه مضيعة للوقت والأولوية يجب أن تكون للتنمية الاقتصادية وليست للفعاليات السياسية التي ثبت فشلها.

وهو ما يتفق معه أيضا النائب مصطفى بكري، عضو ائتلاف دعم مصر (صاحب الأغلبية في البرلمان)، والذي أكد على أن المصريين أضحوا يتذكرون الثورة بنوع من المأساة بعد أن كانت سببا رئيسيا في انتشار الإرهاب وتغوّله، وكان ضعف سيطرة الدولة على مجريات الأمور في الداخل سببا في تدهور الاقتصاد وموت السياحة، في وقت كان الهدف الأساسي من خروج المصريين الإصلاح وليس محاولة هدم مؤسسات الدولة.

عملت جماعة الإخوان في السنوات الأولى التي تلت ثورة 25 يناير على توظيف ذكراها لصالح تحقيق مكاسب سياسية، فيما عهدت منذ تركها السلطة على توريط عناصر الأمن في أحداث عنف ومحاولة خلق حالة ثورية أخرى وإيهام المواطنين بأنها الحامي والمحرك الأول لها.

لكن، غابت هذه التحركات هذا العام، ويبدو أن الجماعة تسعى إلى الاختفاء بما يساهم في إعادة ترتيب أورقاها، لأن دعواتها العام الماضي لم تلق استجابة من أحد، وكانت تبرهن على مدى الضعف الذي تعاني منه.


غير أن للمعارضة المصرية رأيا آخر، يلقي اللوم بشكل مباشر على الحكومة، ويتهمها بتضييق مجال العمل السياسي، وعدم رغبتها في أن يكون للمعارضة تواجد في الشارع، سواء كان ذلك في ذكرى ثورة يناير أو في مناسبات أخرى، ووصل الوضع إلى مرحلة القطيعة بين المواطنين والقوى السياسية التي كانت تحتمي بالشارع، الذي تبدلت بعض رؤاه للثورة ومن ساندوها.

وقال زهدي الشامي، نائب رئيس حزب التحالف الشعبي (معارض)، إن الهجوم المتصاعد على ثورة يناير يبرهن على أن المناخ العام لا يشجع على الاحتفال بذكرى الثورة أو حتى مجرد تذكرها، في ظل التعامل الشكلي معها باعتبارها امتدادا دستوريا لشرعيتها.


وأضاف في تصريحات لـ”العرب”، أن الظروف الاقتصادية الضاغطة تؤدي إلى التسليم بالأمر الواقع، أملا في تحسن الأوضاع مستقبلا، لكن استمرار الوضع على ما هو عليه لفترات طويلة أو تزايد الصعوبات قد يفتح الباب أمام النزول إلى الشارع مرة أخرى، باعتباره خيارا للتغيير، لكن هذا الأمر يتطلب حالة شعبية عامة صعبة التحقق في ظل الإخفاقات الماضية.

وتكتفي بعض الأحزاب هذا العام بالاحتفال داخل مقراتها. وتعقد أحزاب تيار الكرامة والتحالف الشعبي بمشاركة الحركة المدنية ندوة داخل مقر حزب تيار الكرامة في 26 يناير للتذكير بالإنجازات والتأكيد على ضرورة السير باتجاه المسار الثوري لتحقيق مطالبها.

وشرح عمرو هاشم ربيع، الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، أن غياب الزخم الذي رافق في السابق الاحتفالات بذكرى ثورة 25 يناير يبرهن على أنها “كانت حركة وليست ثورة، لأنها لم تستمر وخرج الناس من الميدان قبل أن يحققوا مطالبهم، كذلك أيدت السلطة الحاكمة وضعها في الدستور قبل أن تنذر الجميع بأنها لن تسمح بتكرارها مجددا”.

وأشار لـ”العرب” إلى أن الحكومة تخلت عن الشرعية التي كانت توفرها لها ثورة 25 يناير وبعدها ثورة 30 يونيو، وانعكس ذلك على غياب اهتمامها برموزها وعدم الاحتفاء بها، بالرغم من أنها كانت الذراع الحامية لها أمام سعي العديد من القوى الغربية للوقوف بجانب الإخوان، لافتا إلى أن استمرار شرعية الثورة التي ينص عليها الدستور صراحة يخدم الحكومة ولا يضرها.

التعليقات

تقارير

الاثنين 21 يناير 2019 7:39 م

اعترف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، بأن زعيم جبهة التحرير الوطني وحكيم الثورة العربي بن مهيدي "قتله عسكريون فرنسيون"، وذلك بمناسبة الذكرى السبعين لا...

الاثنين 21 يناير 2019 7:39 م

لا تزال التكهنات تتواصل حول مقتل زعيم حزب الله حسن نصر الله وكيفية معرفة إسرائيل بمكانه كان أحدثها ما قاله زعيم مليشيات موالية لإيران في العراق.وفي لق...

الاثنين 21 يناير 2019 7:39 م

هل نجا رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو من محاولة اغتيال؟** هذا السؤال يتصدر المشهد بعد إعلان استهداف منزله في قيساريا، وسط تكهنات وتكتم حول ال...