انهيار اقتصادي مخيف
حث المجلس الانتقالي الجنوبي على انتفاضة شعبية ضد الحكومة اليمنية التي وصف تعاطيها مع الأزمة الاقتصادية الخانقة بالعبث، في تصعيد قوي يهدف إلى استثمار الغضب الشعبي في التحريض على الانفصال.
وقال المجلس في بيانه له، الأربعاء، إنه في حل من أي التزام يربطه بالحكومة، مؤكدا دعمه “لانتفاضة شعبية تزيل كل هذا العناء”، في إشارة إلى الأوضاع الاقتصادية المتردية التي تشهدها المناطق المحررة.
ودعا البيان قوات المقاومة الجنوبية إلى الاستنفار والجاهزية استعدادا لما وصفه “مواجهة مثيري العبث والإفساد لحماية شعبنا في انتفاضته المشروعة حتى تحقيق كامل أهدافه المتمثلة في طرد حكومة العبث وتمكين أبناء شعبنا من إدارة محافظاتهم”، كما دعا القطاعات العسكرية والأمنية في المحافظات الجنوبية للوقوف مع “خيارات الشعب والانتصار لأمنه وكرامته وسيادته”.
وفي خطوة وصفت بالتصعيدية وغير المسبوقة منذ مواجهات يناير التي شهدتها عدن مطلع العام 2018، دعا الانتقالي أنصاره إلى السيطرة “الشعبية” على كل المؤسسات الإدارية و”طرد مسؤوليها الفاسدين بكافة الوسائل السلمية”.
وعزا القيادي في المجلس منصور صالح في تصريح لـ”العرب” هذه الخطوات التصعيدية إلى “الانهيار الاقتصادي المخيف والفساد الذي تمارسه الشرعية وحكومتها والذي ضاعف من معاناة المواطنين”.
ولفت صالح إلى أن بيان المجلس حمل العديد من الرسائل الداخلية والخارجية، حيث دعا الأطراف في الداخل بالوقوف في صف الشعب ومع معاناته، كما وجه رسالة أخرى إلى الخارج “مفادها أن العبث الحكومي يهدد كل انتصار تحقق على الأرض وهذا أمر غير مقبول ولا يمكن القبول باستمراره”.
وأشار إلى أن البيان يتضمن جوانب سياسية أخرى اقتصادية واجتماعية، مضيفا أن “المجلس ككيان مفوض بأن يسعى إلى التمكين أكثر على الأرض وبناء وإدارة مؤسسات الدولة الجنوبية”.
وعن إمكانية تكرار سيناريو مواجهات يناير 2018 التي شهدتها عدن بين فصائل تابعة للانتقالي وأخرى من قوات الحماية الرئاسية وسقط فيها العشرات من القتلى والجرحى، قال القيادي في المجلس الانتقالي الجنوبي “لا أحد يسعى للعنف والصدام، لكن في حال تعرضت الانتفاضة للعنف أو القمع، فقوات المقاومة الجنوبية جاهزة لحماية شعبنا”.
واعتبر صالح أن “الانتفاضة الشعبية القادمة قرار فرضته المعاناة الناتجة عن فساد الشرعية، وعبر عنها المجلس الانتقالي الذي هو جزء من هذا الشعب، وتقع على عاتقه مسؤولية أخلاقية وقانونية، لحماية الشعب والدفاع عنه وتمثيله سياسيا”.
وكان الوزير السابق ونائب رئيس المجلس الانتقالي هاني بن بريك قد كتب في تغريدة له على تويتر “لن يطول الصبر هذا كاف وحينها لن نتوقف عند الأسوار”، وهو ما فسره مراقبون بأنه تلميح إلى أن التصعيد لن يتوقف هذه المرة عند أبواب قصر “معاشيق” في عدن، كما حدث في مواجهات يناير.
ويتزامن التصعيد الجنوبي مع وصول المبعوث الخاص إلى اليمن مارتن غريفيث إلى العاصمة الإماراتية أبوظبي، حيث سيعقد اجتماعات مع قيادة المجلس الانتقالي الجنوبي لمناقشة تدابير بناء الثقة واستئناف عملية السلام في اليمن.
وعن طبيعة اللقاء المرتقب مع غريفيث في أبوظبي بعد البيان التصعيدي للانتقالي الجنوبي، قال الناطق الرسمي باسم المجلس سالم ثابت العولقي في تصريح لـ”العرب”، إن غريفيث سيلتقي رئيس المجلس عيدروس الزبيدي، وإن اللقاء سيناقش المسار العام لتحقيق عملية السلام ورؤية المجلس الانتقالي لآليات التفاوض خلال الفترة القادمة إضافة إلى مشاورات تتعلق بقضية الجنوب.
وتوقعت مصادر سياسية أن يتطرق اللقاء إلى الخطوات التصعيدية التي أعلن عنها المجلس الانتقالي ومحاولة ثنيه عنها، عبر الموافقة على مشاركته كطرف ممثل للحراك الجنوبي في المشاورات التي يتوقع أن يدعو إليها غريفيث في نوفمبر القادم في إحدى العواصم الأوروبية، يرجح أنها لندن.
وتوقع مراقبون سياسيون أن يلقي بيان الانتقالي بظلاله الثقيلة على المشهد السياسي اليمني، في ظل النبرة التصعيدية والتي ترقى إلى البدء عمليا بتنفيذ مطالب الانفصال على الأرض.
ورجحت مصادر سياسية خاصة لـ”العرب” أن يتدخل التحالف العربي لدعم الشرعية، كما حدث في يناير 2018، ليعمل على وقف خطوات التصعيد المرتقبة في عدن، مقابل تنفيذ بعض مطالب الانتقالي والتي تحولت إلى مطالب للكثير من القوى السياسية والشعبية وفي مقدّمها تشكيل حكومة مصغرة لإدارة الملفات السياسية والعسكرية والأمنية والاقتصادية، عوضا عن الحكومة الحالية التي تتهمها بعض الأطراف بالفشل في مواجهة الأزمة الاقتصادية والخدمية التي تعاني منها المناطق المحررة.
ويشير مراقبون إلى أن عدن قد تشهد جولة جديدة من المواجهات المسلحة بين قوات الحزام الأمني والمقاومة الجنوبية من جهة وألوية الحماية الرئاسية التي يقودها نجل الرئيس عبدربه منصور هادي، فيما لم يتم التوصل إلى صيغة اتفاق عاجلة بين الحكومة والمجلس الانتقالي بوساطة من التحالف العربي.