دفع عباس نحو معاقبة غزة.. خطة حماس
استبقت حركة حماس، جلسة المباحثات التي يجريها وفدها مع مسؤولين في جهاز المخابرات العامة في القاهرة، الأحد، بتكرار اتهام فتح بتخريب جهود المصالحة، وبأنها تسعى إلى التفرد بالقرار الفلسطيني واعتماد إقصاء الآخرين، والتهديد بوقف مساعي التوصل للوحدة الوطنية.
وقالت حماس، على لسان حسام بدران، رئيس مكتب العلاقات الوطنية في الحركة، إن فتح عطلت كل الجهود السابقة، من جولات للحوار الوطني لإنهاء الانقسام، وفي مقدمتها الدور المصري، مؤكدا أن حركته تعتبر المصالحة قرارا ثابتا ودائما لديها.
وأوضح بدران، المقيم في قطر، أن حماس متفقة مع غالبية القوى الفلسطينية على منهجية إنهاء الانقسام، اعتمادا على اتفاقية 2011 وما بعدها.
وأوضح مصدر مصري رفيع لـ”العرب”، أن القاهرة تدرك أن المصالحة على المحك، لكنها تتمسك باستمرار المشاورات والإبقاء على العملية السياسية، واستمرار الزخم حولها وقطع الطريق على الأطراف الأخرى (قطر وتركيا) للقفز على المشهد بأريحية. وأشار سمير غطاس، مدير مركز مقدس للدراسات السياسية لـ“العرب”، إلى أن وفد حماس وصل القاهرة بأجندة منحازة لأفكار قطر التي تمنح التهدئة أولوية، وتجد فيها ملاذا للمزيد من الحضور السياسي والاقتصادي في غزة.ولفت المصدر إلى أن الجولة الراهنة “حاسمة وهي محاولة لإنقاذ ما تبقى من خيوط رفيعة في العلاقة بين فتح وحماس، يسعى كل طرف على طريقته لقطعها”.
وأكد أن القاهرة سوف تبلغ حماس صراحة، “لا تهدئة قبل المصالحة، ولا مجال للتمادي في استفزاز السلطة، وأن المساعدات مرتبطة بإثبات حسن النوايا لإنهاء الانقسام وتسليم إدارة القطاع إلى الحكومة، لأن عكس ذلك يسرع تمرير صفقة القرن الأميركية التي تقوم بالأساس على استمرار الانقسام وعدم امتلاك السلطة زمام الأمور في غزة”.
القاهرة سوف تبلغ حركة حماس صراحة بأن لا تهدئة قبل المصالحة ولا مجال للتمادي في استفزاز السلطة الفلسطينية
وأضاف أن “مصر مستاءة من تصرفات حماس التي تبدو أنها تتعمد من خلالها استمرار الانقسام، واستفزاز الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبومازن) لدفعه نحو اتخاذ قرارات عقابية غير مسبوقة تجاه قطاع غزة”.
وتريد حماس استثمار مواقف فتح من ملف العقوبات لتوظيفها في المراوغة، حيث باتت ترغب في دفع الرئيس عباس إلى اتخاذ قرارات عقابية جديدة، حتى تتنصل من المصالحة بشكل كامل في خطوة قد تفضي إلى فصل القطاع عن الضفة الغربية. وتوعد الرئيس عباس في كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، الخميس، بأن الأيام القليلة المقبلة ستكون آخر جولات الحوار مع حماس وبعدها سيكون لنا شأن آخر.
وتعمل حماس بالتوازي مع ذلك على خلق انطباع عام بأن فتح تحرض إسرائيل على شن حرب على غزة. وعلمت “العرب” أن مصر في تواصل مستمر مع السلطة الفلسطينية، لإثناء عباس عن فرض عقوبات، والضغط على حماس للقبول بالعودة إلى استكمال المصالحة من حيث توقفت.
وأصرت القاهرة على حضور وفدين من حركتي حماس والجهاد الإسلامي معا، لأنهما يسيطران على زمام الأمور في غزة، بعد شعورها أن كلّا منهما يتحجج برأي الآخر، في المصالحة أو التهدئة، حيث اعتادت حماس التذرع بموقف الجهاد.
وتسعى مصر إلى استمالة حماس والجهاد بعيدا عن كل من تأثيرات قطر وتركيا وإيران، كمدخل لتقريب وجهات نظرهما مع السلطة الفلسطينية وطمأنتهما بعدم الإقصاء الكامل لهما بحيث يكون لهما حضور سياسي شرعي، من خلال مصالحة تفضي إلى خوض الجميع إلى الانتخابات.
وكشفت مصادر لـ“العرب”، أن القاهرة لن تطرح ورقة جديدة بشأن المصالحة، حتى لا تتحجج فتح أو حماس بأن الوسيط المصري يساند طرفا على حساب آخر، وتكتفي بإلزام كل منهما ببنود اتفاق عام 2011، وتفاهماته التي جرى التوافق عليها بين الطرفين عام 2017.
ورأى سمير غطاس في تصريحات لـ“العرب”، أن حماس تتنصل من المصالحة انتظارا لمتغيرات إقليمية ودولية مرتبطة بالقضية الفلسطينية، وتريد أن تكون جزءا من المشهد السياسي المرتبط بتبعات صفقة القرن المقرر طرحها من قبل الرئيس الأميركي دونالد ترامب في غضون بضعة أشهر.
وأضاف أن مشكلة القاهرة مع حماس أنها ما زالت تتمسك بدور الوسيط، وهو ما تفضله الحركة، لكن إذا أصبحت مصر حكما وأعلنت الطرف المعطل للمصالحة، فإن حماس ستكون في مواجهة مع الشارع الذي قد يضطر للخروج عليها ويسقط حكمها في غزة.