الإصلاح يسوّق بأنه القوة الوحيدة في اليمن
لم يعد خافيا أن حزب الإصلاح الإخواني يسعى لركوب الاحتجاجات الاجتماعية في بعض مناطق الجنوب اليمني خلال الأيام الأخيرة بهدف التشويش على محادثات جنيف وإرباك وفد الحكومة اليمنية وإظهاره في موقع الضعيف وليس طرفا شرعيا يسيطر على أغلب المناطق، فضلا عن تقديم خدمة مجانية للحوثيين خلال محطة جنيف.
ويرى مراقبون محليون أن الحزب الإخواني اختطف حاجة سكان بعض المناطق، إلى تحرك حكومي جدي لتحسين شروط العيش والخدمات، وحوّل احتجاجاتهم إلى شعارات تعكس أجندته الخاصة التي تقوم على إضعاف الحكومة، فضلا عن التهجم على التحالف العربي غير عابئ بالنجاحات التي حققها هذا التحالف في معركة التحرير وتجميعه لفصائل ومجموعات قبلية وحزبية مختلفة لاستعادة الدولة، وهو ما يرفضه حزب الإصلاح.
وأشار المراقبون إلى الإصلاح لا يريد أن تبدو حكومة هادي قوية خارجيا، بل تظل ضعيفة ليتحكم بمؤسساتها، ويحولها إلى خادم لأجنداته محليا وخارجيا، لافتين إلى أن الإخوان يريدون تسويق أنفسهم باعتبارهم الجهة الوحيدة القوية في البلاد، وأنه يجب إشراكهم، بصفتهم الحزبية وليس كطرف ممثل في الحكومة، في أي جلسات تفاوض إقليميا أو دوليا، وهو أمر فشلوا فيه إلى الآن.
من غير المستبعد أن يكون حزب الإصلاح مدفوعا بأجندات، فالحزب يحافظ على قنوات مفتوحة مع الحوثيين وإيران وقطر
وعكست الشعارات التي رفعها منستبو الحزب ضد دول التحالف العربي، وتمزيق صور رموز بلدانه، أن الإصلاح منزعج من رعاية دول التحالف للتقارب بين حزب المؤتمر والحكومة، والمساعي لالتحاقه بالشرعية، وهو ما يضيق على الإخوان هامش المناورة، ويفسد خطتهم بالسيطرة على الحكومة، خاصة وأن هذا الاندماج مسنود بنجاحات عسكرية لقيادات من أسرة صالح وكانت فاعلة في المؤتمر، على عكس أسلوب الابتزاز الذي كان الإخوان يمارسونه قبل المشاركة في المعارك، وهو أحد الأسباب المباشرة لتعطل مهمة التحرير.
وتقول مصادر يمنية متابعة للاحتجاجات إن الإخوان يسعون لإظهار التحالف في صورة من يهتم بالحسم العسكري، دون أن يهتم بوضع المناطق المحررة اقتصاديا، وهو أمر يتناقض تماما مع الواقع.
ويقدر مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية حجم مساعدات دول التحالف لليمن خلال السنوات الثلاث الماضية بـ16 مليار دولار في المواد الغذائية والمساعدات الطبية والمواد الإيوائية والدعم المجتمعي والتعليم ودعم اللاجئين والنازحين ودعم الاقتصاد والبرامج التنموية، وفق آخر إحصائية قدمها المركز في يوليو الماضي.
وشهدت معظم المناطق في محافظة حضرموت، شرقي اليمن، الخميس، شللا تاما للحركة تجاوبا مع دعوات العصيان المدني واحتجاجا على تدهور العملة المحلية أمام سوق العملات الأجنبية.
وقالت مصادر محلية إن الحركة في مدن سيئون والمكلا وقطن وعدد من المدن الأخرى بحضرموت، شهدت شللا كبيرا في الحركة وإغلاقا تاما للمحلات التجارية والمؤسسات.
وأكدت المصادر أن المحتجين أحرقوا الإطارات وأعلام دول التحالف العربي إلى جانب ترديد شعارات تطالب بإقالة الحكومة وانسحاب قوات التحالف العربي.
كما شهدت العديد من المحافظات الجنوبية، من بينها عدن، وأبين وشبوة، احتجاجات ومظاهرات واسعة، مطالبة بإجراء إصلاحات اقتصادية عاجلة.
وقال أحمد عبيد بن دغر، رئيس الحكومة، إن حكومته اتخذت عددا من الإجراءات والقرارات لوقف تدهور الريال وتخفيف معاناة المواطنين.
واعتبر بن دغر في تغريدة نشرها على حسابه في “تويتر” أن ما وصفها بـ”الممارسات غير المسؤولة لبعض القوى وما نتج عنها من أعمال فوضى وتخريب في العاصمة المؤقتة عدن وبعض المحافظات، استغلالا لحاجات الناس جراء تداعيات تراجع سعر الصرف، قوبلت برفض شعبي”.
ويرى محللون يمنيون أن تركيز حزب الإصلاح على تغذية الاحتجاجات في عدن وبعض مناطق الجنوب، الهدف منها إثارة غضب المجلس الانتقالي الجنوبي، صاحب الثقل الشعبي في المنطقة، واستدراجه لاحتجاجات مضادة وإعادة تفاهمات الاستقرار في عدن إلى المربع الأول.
وشهدت عدن أواخر يناير الماضي مواجهات مسلحة بين قوات تابعة للحماية الرئاسية التي يقودها نجل الرئيس هادي وبين وحدات أمنية مقربة من المجلس الانتقالي الجنوبي الذي أعلن عن سلسلة من الخطوات التصعيدية مطالبا بتشكيل حكومة كفاءات مصغرة وإقالة حكومة بن دغر، وانتهت المواجهات عقب تدخل التحالف العربي بقيادة السعودية.
ولا يستبعد المحللون أن يكون الإصلاح مدفوعا بأجندات أخرى غير الأجندة الحزبية الخاصة، فالحزب يحافظ على قنوات مع الحوثيين ومن ورائهم إيران. كما أنه محسوب على الأجندة القطرية التي تتقاطع في الفترة الأخيرة مع الدور الإيراني في المنطقة، في تحالف يستهدف الدور السعودي الذي عاد بقوة إلى ملفات المنطقة.