غارات مجهولة المصدر
أدت غارات جوية الخميس بحسب ما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان الجمعة إلى مقتل 26 عنصرا من تنظيم الدولة الإسلامية فضلا عن 28 مدنيا، في أحد آخر جيوب التنظيم الجهادي في شرقي سوريا.
وليس من المؤكد ما إذا كان التحالف الدولي ضد داعش من يقف خلف هذه الغارات بيد أنه من الثابت أن هناك توجها لحسم المعركة ضد التنظيم سريعا، حسب ما أكده في وقت سابق جنرال فرنسي.
وقال مدير المرصد رامي عبدالرحمن إن “قتلى التنظيم من الجنسيتين السورية والعراقية”. ولم يتمكن المرصد من تحديد هوية الطائرات التي استهدفت منطقة محاذية لبلدة السوسة قرب الحدود العراقية في محافظة دير الزور، مشيرا إلى أنها قد تكون “عراقية أو تابعة للتحالف الدولي بقيادة واشنطن”.
بدوره لم يستبعد الكولونيل شون ريان المتحدث باسم التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة في أن تكون قوات التحالف أو “قوات شريكة له ربما نفذت ضربات في الجوار”.
وأضاف أن التحالف سيقيّم التقرير الذي يتحدث عن سقوط ضحايا مدنيين. وتابع قائلا “لا نملك معلومات أخرى حاليا”. واتهمت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) التحالف الدولي بشن الغارات التي قالت إنها استهدفت “أحياء سكنية”.
وتواجه العمليات العسكرية التي يقوم بها التحالف الدولي ضد داعش في شرقي سوريا انتقادات من دمشق وأيضا من منظمات دولية عدة بسبب سقوط العشرات من المدنيين قتلى خلالها.
وكانت قوات سوريا الديمقراطية المدعومة من التحالف الدولي قد أطلقت في مايو الماضي المرحلة النهائية من المعركة ضد مقاتلي تنظيم داعش المتحصنين بجيوب صغيرة في محافظتي الحسكة ودير الزور الحدوديتين مع العراق. كما ينفذ الطيران العراقي منذ أبريل ضربات جوية ضد الجهاديين داخل الأراضي السورية على امتداد الحدود المشتركة بين البلدين، بالتنسيق مع دمشق، وبضوء أخضر من التحالف الدولي.
وخسر تنظيم الدولة الإسلامية القسم الأكبر من مساحة الأراضي التي كان يسيطر عليها في سوريا والعراق عام 2014.
وتوقع الجنرال الفرنسي فريدريك باريزو الخميس أن يهزم تنظيم الدولة الإسلامية في شرق سوريا “خلال أسابيع”، مرجحا أن يحصل ذلك “بحلول نهاية الصيف”.
وجاء كلام هذا الجنرال الفرنسي الكبير في تصريح أدلى به في بغداد، حيث يمثل فرنسا لدى قيادة التحالف الدولي الذي يحارب التنظيم الجهادي بقيادة الولايات المتحدة.
وقال الجنرال باريزو في المؤتمر الصحافي الأسبوعي لوزارة الجيوش الفرنسية في باريس عبر دائرة فيديو مغلقة “لا يزال هناك جيبان، وأعتقد إنه سيكون بإمكاننا القول خلال أسابيع، إن داعش لم يعد مسيطرا على أي بقعة داخل منطقة عملياتنا”. وما يزال لتنظيم داعش حضور في جنوب غربي محافظة درعا الحدودية مع الأردن، حيث يستعد الجيش السوري لشن عملية عسكرية ضده، كما للتنظيم بعض الخلايا في محافظة إدلب شمال غربي سوريا.
وأوضح الجنرال الفرنسي “التقديرات الأفضل تدور على الأرجح حول نهاية الصيف الحالي، لإنهاء المعارك في وادي الفرات الأوسط”.
وتابع الجنرال باريزو “المعركة الأخيرة لداعش ستكون بين البوكمال والميادين (محافظة دير الزور) خلال الأسابيع القادمة”. وأضاف “نرصد نقل مقاتلين (لتنظيم الدولة الإسلامية) نحو هذا الجيب في جنوب سوريا، إلا أنهم ليسوا في وضع جيد لأن العراقيين يبذلون كل ما بوسعهم لمنع التسلل عبر حدودهم”.
وكان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون توقع في السابق انتهاء معارك التحالف في فبراير الماضي. إلا أن قيام تركيا بشنّ هجوم في شمال سوريا، أجبر القوات الكردية التي تشارك في قتال التنظيم الجهادي، على نقل قسم من قواتها إلى هذه المنطقة، وبالتالي تأخير المعارك بوجه تنظيم الدولة الإسلامية.
ويطرح قرب تطهير شرق سوريا من داعش العديد من التساؤلات لجهة مستقبل وجود التحالف الدولي في سوريا.
ومعلوم أن هدف التحالف الذي تشكل في العام 2014 بقيادة واشنطن هو محاربة تنظيم داعش الذي نجح في العامين 2013 و2014 في السيطرة على مناطق واسعة من شمال سوريا وشرقها، بيد أن مراقبين يرون أن وجود هذا التحالف لا يرتبط فقط بمحاربة الجهاديين بل أيضا هو رهين حسابات الدول المتصارعة في سوريا. وتشهد سوريا منذ العام 2012 صراع مسلحا سرعان ما تحوّل إلى حرب على النفوذ بين قوى إقليمية ودولية، وعلى رأسها روسيا والولايات المتحدة وإيران وتركيا.
ويشير المراقبون إلى أن تسريع التحالف الدولي لعملياته ضد آخر جيوب التنظيم الذي يتزامن مع تحقيق النظام السوري المدعوم من روسيا لإنجازات مفصلية في الصراع قد يأذن بمرحلة جديدة تقود لتسوية نهائية للنزاع في هذا البلد.
وهناك اليوم مفاوضات جارية بين النظام السوري والأكراد حول بعض المناطق ومنها مدينة الطبقة في محافظة الرقة يرجح أن تأخذ بعدا أكثر عمقا بعد حسم النظام لملف الجنوب.
ويقول مراقبون إن حسم مستقبل التحالف الدولي يبقى خاصة رهين الوجود الإيراني في سوريا، ويشير هؤلاء إلى أن القمة المرتقبة بين الرئيسين الأميركي دونالد ترامب والروسي فلاديمير بوتين في عاصمة فنلندا هلسنكي ستتطرق بالتأكيد إلى هذه المعظلة.
وسبق وأن أكد مسؤولون أميركيون وفرنسيون أن استمرار وجود التحالف الدولي في سوريا رهين أيضا التسوية السياسية في سوريا.