إقالة ليست مفاجئة
أقدم رئيس الحكومة التونسية، يوسف الشاهد، على إقالة وزير الداخلية لطفي براهم، في قرار مُثير من حيث توقيته، ستكون له تداعيات مباشرة على الأجواء المشحونة ارتباطا بالأزمة السياسية التي تعيشها البلاد منذ تعليق اجتماعات وثيقة قرطاج 2.
وقالت رئاسة الحكومة التونسية في بيان مُقتضب وزعته الأربعاء، إن رئيس الحكومة يوسف الشاهد قرر إعفاء وزير الداخلية لطفي براهم من منصبه، وتكليف وزير العدل غازي الجريبي وزيرا للداخلية بالنيابة.
ولم تُوضح في بيانها أسباب هذه الإقالة، التي تأتي بعد ساعات من قرار وزير الداخلية إعفاء 10 من كبار المسؤولين الأمنيين في محافظة صفاقس، وذلك على خلفية فاجعة غرق مركب صيد على متنه العشرات من المهاجرين غير الشرعيين في عرض البحر قبالة سواحل جزيرة قرقنة من محافظة صفاقس.
وتحمل الإقالة، على هذا المستوى، رسالة إلى الاتحاد الأوروبي تؤكد جدية تونس في مقاومة موجة الهجرة السرية، وأنها لا تتوانى في إقالة أي مسؤول يتهم بالتقاعس في تنفيذ التزام تونسي بمواجهة هذه الظاهرة ولو كان على أعلى مستوى.
وجاء هذا القرار مباشرة بعد اجتماع الرئيس الباجي قائد السبسي مع رئيس الحكومة يوسف الشاهد، وكذلك أيضا مع وزير الدفاع عبدالكريم الزبيدي، حيث ذكرت الرئاسة التونسية أنه تم خلال الاجتماعين المُنفصلين، استعراض الوضع العام في البلاد، وخاصة الأوضاع الأمنية ومستجدات التحقيقات في فاجعة غرق مركب للمهاجرين غير الشرعيين قبالة سواحل جزيرة قرقنة.
ورغم أن السياق العام لهذه الإقالة يبدو أنه على صلة مباشرة بتداعيات فاجعة غرق مركب المهاجرين غير الشرعيين التي مازالت تتفاعل على أكثر من صعيد، فإن القراءات السياسية المحيطة بها تذهب إلى ربطها بالأزمة السياسية الراهنة المتعلقة ببقاء حكومة الشاهد أو برحيلها.
وتباينت تلك القراءات في تحديد أهدافها ودلالاتها، حيث رأى فيها البعض من المراقبين خطوة جديدة من الشاهد في هروبه إلى الأمام، وإرضاء حركة النهضة الإسلامية لتواصل دعمها له في مواجهة الذين يطالبون برحيله، وخاصة حركة نداء تونس والاتحاد العام التونسي للشغل.
وأفادت مصادر مطلعة لـ”العرب” بأن إقالة لطفي براهم كانت منتظرة بل وجاهزة منذ أسبوع تقريبا حتى قبل منحه من قبل رئيس الحكومة يوسف الشاهد مهلة بيومين للقبض على وزير الداخلية السابق ناجم الغرسلي المتهم في قضية رجل الأعمال المثير للجدل شفيق جراية بالتخابر لفائدة جهات أجنبية.
وأكّدت نفس المصادر أن العلاقة بين الشاهد ووزير الداخلية عرفت فتورا كبيرا في الفترة الأخيرة بسبب اختلاف في تصورات العمل الأمني أو بسبب تحركات لطفي براهم الفردية والتي رأى فيها رئيس الحكومة عدم انضباط لأوامره.
وقال مهدي بالشاوش الناطق الرسمي باسم نقابة وحدات التدخل لـ”العرب” إن إقالة وزير الداخلية لم تكن مفاجئة بالنظر لتراكم كل الأسباب وفي مقدمتها تعرضه للعديد من الضغوط السياسية.
وأكّد أنه رغم اختلافات نقابته منذ تعيين براهم على رأس وزارة الداخلية فإن الوضع الأمني في عهده شهد تحسنا كبيرا بسبب حنكته وتمرسه في العمل الأمني باعتباره أحد أهم قيادات المؤسسة الأمنية.
وأضاف بالشاوش أن الظرفية التي تمت فيها إقالة براهم قد تؤدي إلى نوع من الإحباط لدى أبناء المؤسسة الأمنية الذين يقع تحميلهم في كل مرّة أسباب فشل الخيارات السياسية وتدهور الوضع العام بالبلاد وفق تعبيره.