من يسيطر أكثر
وجه الرئيس الإيراني حسن روحاني انتقادات ضمنية للحرس الثوري، الذي يعد المؤسسة الدينية المتشددة والقوية في البلاد، بسبب تهديدات للمسؤولين الحكوميين وسياسة التضييق على الحريات الفردية والعامة التي يعتمدها. وهذه ليست المرة الأولى التي يتواجه فيها روحاني مع هذه المؤسسة التي تلعب دورا كبيرا في السياسة والاقتصاد.
وجاءت تصريحات روحاني السبت، التي انتقد فيها العديد من الممارسات التي من بينها التهديدات المتواصلة للمسؤولين في الدولة والتضييق على الحريات الفردية في الشارع وفي وسائل التواصل الاجتماعي، لتؤكد مدى تفاقم الصراعات بين الأجنحة المتنافسة داخل النظام الإيراني.
وانتقد روحاني ما اعتبره عدم تحرك المسؤولين بشكل فاعل للرد على احتجاجات شعبية متزايدة، لأسباب منها تعرضهم للتهديد من جانب قوى لم يسمها.
وانتشرت في الأسابيع القليلة الماضية على مواقع التواصل الاجتماعي تسجيلات وتقارير عن احتجاجات كان من الصعب التأكد منها نظرا لأن وسائل الإعلام المحلية بالكاد قامت بتغطيتها، فيما الوصول إلى مناطق الاحتجاجات غير مسموح للصحافيين الأجانب.
وشملت تلك التحركات احتجاجات لمزارعين على نقص المياه في أصفهان، واحتجاجات لسكان من العرب على التمييز في معاملتهم في محافظة خوزستان جنوب إيران، واحتجاجات على إصلاحات إدارية في مدينة كازرون بجنوب غرب البلاد.
وتظهر تلك التسجيلات على ما يبدو احتجاجات محلية تتوسع في شعاراتها ضد المؤسسة الإسلامية في البلاد وتطلق مثلا شعار “عدونا هنا، وخطأ القول إن أميركا هي عدونا”.
وقال أمام مسؤولين كبار في طهران “بما أن الناس ليست لديهم معلومات كافية وبما أن الناس لا يرون خططا للمستقبل، قد يشعرون بالاستياء والغضب وينزلون إلى الشارع ويصرخون”.
وقال روحاني إن إحدى المشكلات الكبيرة هي أن المسؤولين يتعرضون للترهيب من جانب “هيئات إشراف” لم يسمها.
ومع أن روحاني لم يسم تلك الجهات، فإن الرئيس الإيراني لطالما تواجه مع الحرس الثوري القوي والقضاء الذي يهيمن عليه المحافظون لدورهما الكبير في السياسة والاقتصاد.
وكان رئيس بلدية طهران الإصلاحي محمد علي نجفي ونائب رئيس هيئة حماية البيئة كاوه مدني استقالا الشهر الماضي عقب ضغوط من متشددين.
وتفاقمت وتيرة الصراع بين التيارات السياسية داخل بنية النظام الإيراني، منذ اندلاع الاحتجاجات الشعبية التي ضربت عدة مدن في البلاد في ديسمبر الماضي، احتجاجا على السياسات القمعية التي يتبناها النظام الإيراني داخل وخارج طهران.
وحاول روحاني تقليص النفوذ الاقتصادي للمؤسسات النافذة وفي مقدمتها الحرس الثوري. ويرى مراقبون أن الصراع داخل بنية النظام الإيراني يتزايد على إثر الاحتجاجات الأخيرة، وسط تنافس شرس بين المؤسسات الإيرانية، إلى جانب التصادم بين تياري الأصوليين والإصلاحيين، في ظل سعي كل طرف منهما للعودة إلى مقعد السلطة من جديد.
روحاني يستنكر ممارسات الشرطة الدينية في إيران بعد انتشار تسجيل فيديو يظهر مواجهة عنيفة مع امرأة متهمة بانتهاك قواعد اللباس المحتشم في البلاد
كما انتقد روحاني، بشكل ضمني، الشرطة الدينية بعد انتشار تسجيل فيديو يظهر مواجهة عنيفة مع امرأة متهمة بانتهاك قواعد اللباس المحتشم في البلاد.
وقال في الخطاب الذي تطرق فيه إلى مواضيع عدة أمام مسؤولين حكوميين وبثه التلفزيون الرسمي، “البعض يقول إن الوسيلة لنشر الفضيلة ومنع الرذيلة هي بالنزول إلى الشارع والإمساك بالناس من أعناقهم”. وأضاف “إن نشر الفضيلة لن ينجح عن طريق العنف”.
وانتشر تسجيل بهواتف ذكية، الخميس، على وسائل التواصل الاجتماعي الإيرانية يظهر شرطية من الشرطة الدينية وهي تنهال بالضرب على امرأة لم يكن حجابها يغطي شعرها بما يكفي.
وأثار التسجيل غضبا على مواقع التواصل الاجتماعي ووعدت وزارة الداخلية بإجراء تحقيق لكنها ألمحت أيضا إلى أن المرأة ربما أثارت الاستفزاز بعد توجيهها شتائم للشرطة.
ولم يشر روحاني مباشرة إلى الواقعة لكنه استخدمها على ما يبدو لانتقاد محاولات للتضييق على شبكات التواصل الاجتماعي.
وقال “إن الهواتف النقالة طريقة لنشر الفضيلة ومنع الرذيلة. لا أعرف لماذا لا يحب البعض من الأشخاص الهواتف النقالة أو شبكات التواصل الاجتماعي”.
وتابع “الاطلاع على المعلومات حق للناس. الانتقاد حق للناس. دعوا الناس يعيشون حياتهم”.
وتتزايد الضغوط لحظر شبكات التواصل الاجتماعي مثل تلغرام، التي تعتبر الوسيلة الوحيدة لنشر معلومات تنتقد النظام الإسلامي في إيران.
وفي إيران هناك تنافس بين الوكالات الأمنية، أين تخضع وزارة الاستخبارات للحكومة المنتخبة فيما يخضع الحرس الجمهوري فقط للمرشد الأعلى آية الله علي خامنئي.