إن العملة النقدية و ما تحتويه من شعارات تُعْتَبَرُ من أهم الرسالات التي تُعَرِفُ على الرموز التي تمتلكها الدولة و تثبت تاريخها و ثقافيتها ومكانتها بين المجتمعات. فكل دولة تسعى لتثمين مورثوها ليصبح بعد ذلك من مبادئها الراسخة و مقدستها و يتجلى هذا في المعالم و تمجيد البطلات في المناسبات من أجل تحسس أجيالها.
و كمثال حديث ها هي مملكة ابريطانية تصدر عملة بصورة تشارلز الثالث. أو امريكا كأمة تمجد مؤسسها في عملتها الدولار لظهور مكانتهما المرموقة عبر العالم. فالعملة من خلال التعامل هي بمثابة الناطق الرسمي لما تحتويه تلك الدولة من أبعاد ثقافية و سياسية و إعلامية و أيضا إشهارية لعاداتها و تقاليدها. كل هذا يعتمد على ما تكون عليه الرؤية المسيرة لدولة أو المنهاج المجموع عليه من طرف الأمة. و من بين المبادرات التي شرعت السلطة الجزائرية في اتخاذها مؤخرا إصدار عملة نقدية تحتوي على صور أبطال ثورة التحرير المجيدة حيث نلتمس نوع من الكلام و ملاحظات في المجتمع حول ما يتخذ من قرارات تخدم التأسيس في بنية الدولة و الأمة.
فالعملة التي كانت بعد الاستقلال ترمز الى مؤسس الدولة الجزائرية الحديثة، استبدلت بصور من ألحيوانات في ظرف تتطلب البلاد المزيد في التعريف بالأحداث التاريخية للاستقلال الوطني و التذكير بها في إحياء كل مناسبة من أجل التطور و النهضة و تثمين كل ما بشأنه يعرف الأجيال بجميع المحطات التي مرت بها بلادهم و بطولات أجدادهم. بمثل هذه الإجراءات التي تجسد تلك الرموز و تذكر في تاريخ الأمة دائما يقول السيد عبد الوهاب محمد مواطن من مدينة الجلفة وأحد المتتبعين لسياسة الحالية المتهجة في إطار التوجهات الجديدة قائلا" أن المجتمع عليه أن يواكب المرحلة و يثمن كل المجهودات الرامية إلى بناء الدولة الجزائرية لا السلطة. لم تعرف قبل البلاد تجسيد هذه الأحداث التي تجمعنا و تزيد في صلابة المجتمع مثل :
معلم المنفيين إلى كاليدونية
اليوم الوطني للكتاب
اليوم الوطني للمعلم
اليوم الوطني لجيش الوطني الشعبي
اليوم الوطني لذاكرة
اليوم الوطني للغة العربية
اليوم الوطني للمدينة
اليوم الوطني للإمام إلى ...أخر.
فهذه المعالم لها دلالتها و مرجعيتها في مسار الدول الجزائرية و من جملتها ما تخذ في جعل صور أبطال ثورة التحرير في العملة النقدية الوطنية. أعتقد أن البلاد انتقلت من مرحلة إلى محطة يجب علينا جميعا كمواطنين أن نثمن و نمجد و نساهم في إقحام الأجيال الصاعدة حتى لا يتعرضوا مرة أخرى للتضليل و التزوير لتاريخنا و ثقافتنا و أصولنا و هويتنا في ترسيخ موروث الأمة الجزائرية. يمكن لسلطة الراشدة أن تثقف المجتمع و هذا ما هو حاصل اليوم و العكس صحيح أيضا إذا كنت الأمة تتكون من رصيد ثقافي في هذه الحالة البلاد تشهد نهضة كبيرة في المستقبل استقرارا و أمنا"