بأي حال جئت يا السيد ماكرون

الأحد 28 أغسطس 2022 5:48 م

لم أجد مثال يعكس الحدث أو يعبر عنه في زيارة الرئيس الفرنسي إلى الجزائر اليوم في جو ما تتميز به علاقات البلدين في هذا الظرف بالذات. في القديم يقال في مجتمعنا "إبْنُو آدم إذا جاع يَتَلَوَ و إذا أشْبَعَ يَكْلُكْ هُوَ". في تقديري ما تَزَوَدَ و ما تَشَبَعَ به القادة الفرنسيين من معطيات عبر فترة من الزمن من طرف فئة مزدوجة الجنسية مرتبطة بها تعيش بتصور خيالي بأن الجزائر فرنسيةهو ما أدى إلى جعل هذه الزيارة تدخل في إطار ما يسمى بإعادة النظرة في حقيقة معرفة الأمة الجزائرية بأسلوب التسامح و تعاون بين البلدين على أساس ما يربط الشعبين. و يا ليت الرئيس الفرنسي ما أختار هذا الظرف المحرج له و أخذ بنصيحة سفيره السابق بالجزائر الذي تطلع على حقيقة الأمة الجزائرية طيلة تواجده  و أدرك أن هذا الشعب  طيلة 130 سنة لم يتغير و سيغير من اليوم فصاعدا بإزالة هذا التصور و التمني من أذهان بعض المشككين و يأخذ بـ:

« Disait le dicton – les Conseilleurs ne sont pas les payeurs »

 إن هذه الصورة الموجودة على المستوى بلدان ما سموها بالعالم الثالث هي في حقيقة الأمر دبرت بإحكام منذ سايس بيكو لنهب الثروات و تجويع شعوبها. فاليوم بعد تغيير المعطيات بعوامل الإعلام وتوعية الشعوب و غيرها لم تمحى الصورة بسهولة. و ما يعيشه العالم الآن من نتيجة تفكيك موازينه راجع إلى عدم إعادة النظر في المعاملة مع تطورات شعوب العالم الثالث من طرف العالم المتقدم كما يسمونه. و في هذا السياق قد أشار وزير الخارجية الأمريكي الأسبق  هنري كيسنجر في تصريحه "الصين تطورت بسرعة وأصبحت ثاني أقوى دولة في العالم، والسؤال هنا هل ينبغي علينا التعامل معها عن طريق المواجهة أم الحوار. فهذا السؤال مطروح على كل الدول في المعاملة مع غيرها و على كل المستويات.

إذا كان تعامل الجزائر أو غيرها من دول النامية قد تغيرت لهجته في خطاب الخيرات و أصبح محتوم بناؤه على إرث تاريخي و ذاكرة لابد من المرور بها فما عاد التعامل الغربي  مع الدول العربية و الإسلامية و غيرها من الخذول والاستغلال و الاستعمار و الإذلال له جدوى و ان لم تبني واقعك على ماضيك لم تصب هدفك. فشاء القدر أن يتغير هذا العلم من حال تَمَيَزَ بالخوف و الترقب لبصيص من الخلاص من الوضعية إلى حال تصدع فيه ميزان القوة و أصبحت كفيه مرمية في سبيل مجهول لعله يجد الاتجاه السليم في توازنه.

التعليقات

الأكثر قراءة

كاريكاتير

اتبعنا على فيسبوك

اتبعنا على تويتر