الممر إلى المستقبل

الثلاثاء 13 يوليو 2021 4:36 م

تُقرأ العلاقات بين الدول من خلال عناوينها الكبرى. فالعناوين تعبّر دائماً عن مدى تطور تلك العلاقة، وعمّا تعنيه للدولتين؛ سواء ضمن الإطار الثنائي، الأكثر أهمية، وضمن الإطار القومي الشامل.
أين نبدأ القراءة في القمة السعودية - العُمانية؟ أولاً، طبعاً، رجالها. ثانياً، مكانها. فاللقاء بين الملك سلمان بن عبد العزيز والسلطان هيثم بن طارق لم يجرِ في الرياض كالعادة، وبين معالمها القديمة، بل كانت الصورة الرئيسية للقاء العاهلين في قاعة حديثة فسيحة الآفاق، في مدينة «نيوم». لم تعد «نيوم» فكرة تنقل من التخطيط إلى التنفيذ؛ بل ها هي صورة واضحة من صور المستقبل المبهر، وملامحه، ومعالمه. وكما قدمت القمة المزيج الجميل بين صخور الماضي وأضواء «الرؤية»، قدّمت القمة في «نيوم» صورة الحداثة وآفاقها غير المحدودة.
سابقتان في قمة «نيوم»؛ واحدة أن المملكة خصّت الحدث الأول بضيفها السلطان هيثم، الذي قرر أن تكون زيارته الأولى للخارج إلى جارته الكبرى، التي تتشارك معها أعمق مراحل التاريخ والجغرافيا. وليس بالحدث العادي، حجم التعاون الماضي والمقبل، بين أكبر دولتين في «مجلس التعاون». فالسياسة هنا في أهمية الاستراتيجية الكبرى، والتبادل احتمالات بلا حدود، وما من بلدين في العالم تجمع بينهما مكونات استراتيجية في أهمية الربع الخالي وباب المندب. مساحة جغرافية تبدأ من هنا وتنتهي من هناك؛ سواء بدأت من هنا وهناك.
لا يمكن أن يكون قراراً عفوياً فقط أن يسجل من «نيوم» العنوان الأول في مسيرة الانفتاح التي بدأها لحظة تسلمه الحكم. لقد دخلت عُمان، بكل وضوح، مرحلة جديدة وبأسلوب مختلف... العصر السياسي والعمراني والعالمي الجديد. كان للسلطان الراحل أسلوبه، وللسلطان هيثم رؤيته. وحقائق العصور واحدة في أمكنتها وجغرافيتها، لكن التطور جزء أساسي من الحقائق ومن متغيراتها على السواء. وقد سار السلطان هيثم على وتيرة سريعة في عرض رؤيته، للداخل والخارج معاً. والصورة الفوتوغرافية في «نيوم»، بالعباءات الفاتحة والابتسامات، وشباب الدولتين من حول الرجل الذي أمضى 60 عاماً في البناء والتحديث ورعاية العلاقات الحسنة مع الجميع.
ليست مجرد صورة شبه خيالية في «نيوم» وحداثتها. إنها صورة منطقة لا شبيه لها. ولا أحد يستطيع أن يقدّر نوعية المستقبل، ولا مدى سعة الجوار السعيد والطمأنينة، إذا تعقّل هواة الخراب.

التعليقات