العصر... لا الرجل

الأحد 30 مارس 2025 6:02 م

اكتشف كريستوفر كولمبوس أميركا وفي ظنه أنه بلغ الهند. طبعاً كان ملاحاً ماهراً ومستكشفاً عظيماً، لكن أهميته كانت في عصره. عصر ازدهر بالجغرافيين. وبالحكام الذين آمنوا بشجاعته ومعارفه. وبرجال الأعمال، والتجار الذين أدركوا أهمية الفرص التي سوف تكون في انتظار أهل المحيط عندما يروّضون الأمواج، ويعبرون المجهول الغامض.

الفرد كائن هائل، لكن لا بد له من أن يكون في فريق. لذلك نقول «عصر النهضة» سواء كنا نقصد النهضة الأوروبية أو العربية. وفي المقابل، نقول أيضاً عصر الظلام. ونضع لكل عصر عنواناً لفرد أضاء على البشرية لعقود أو قرون. عصر شكسبير، وعصر نيوتن، وعصر الخوارزمي، وعصر فولتير. زمن المتنبي كان عدد الشعراء الذين لا نعرف عنهم شيئاً كثيراً جداً. لذلك؛ جمعنا الذين نعرفهم والذين لا نعرفهم تحت مظلة واحدة: العصر الأموي، والعصر العباسي، ولم نوفق كثيراً بوصف عصر المعلقات بالجاهلي؛ لأنه كان فيه أجمل الشعر ورواده. وهل يحق لنا أن نصنف امرأ القيس جاهلياً؟ يقول المستشرق وليم جونز، الذي تأثر كثيراً بشاعر ألمانيا غوته في وصف امرئ القيس ورفاقه: «معلقة امرئ القيس رقيقة، بهيجة، لماعة، أنيقة، متنوعة، سارة. وأما معلقة (طرفة) فجريئة، حية، وثابة، ومع ذلك يشيع فيها نوع من البهجة. وقصيدة زهير قاسية، جادة، عفيفة، حافلة بالحِكم والأدب والجمل الجليلة. وقصيدة (لبيد) خفيفة هيمانة، أنيقة، رقيقة، تذكرنا بالرعوية الثانية لفرجيل لأنه يشكو من كبرياء الحبيبة، ويتخذ من ذلك فرصة لتعداد مناقبه والتفاخر بقبيلته. وقصيدة عنترة تبدو متكبرة، مهددة، حافلة بالتعبير، رائعة، لكنها لا تخلو من جمال أوصافها وصورها. وعمرو (ابن كلثوم) عنيف، سام، ماجد. والحارث (بن حلزة) على العكس مليء بالحكمة، والفطنة، والكرامة. وهاتان القصيدتان الأخيرتان تبدوان بمنزلة خُطب ألقيت في المنازعات الشعرية – السياسية، أمام جمهور من العرب اجتمع لتسكين الأحقاد المدمرة بين قبيلتين».

التعليقات

الأكثر قراءة

كاريكاتير

اتبعنا على فيسبوك

اتبعنا على تويتر