منجم الطاقة في شرق البحر الأبيض المتوسط يشعل المنطقة . بإعلان الحرب وإلى زيادة التوتّرات في المنطقة، من جنوب أوروبا إلى شمال أفريقيا.سلّط النزاع من أجل التنقيب عن الطاقة وتراخيص الإنتاج صراع الطاقة الجيوسياسية .من حرب غير معلنة بين أطراف كثيرة أوروبية وعربية .دخلت تركيا في هذا الصراع علي حساب المياة الاقتصادية لليبيا
.وقعت ليبيا في دوّامة الجغرافيا السياسيّة للطاقة، لتشكّل أرض المعركة للتدخّل الأجنبيّ والتدخّل العسكريّ الخارجيّ. تصعيد بين تركيا ومصر .هل تصبح ليبيا ساحة حرب وملعب أخر بعد سوريا لتصفية حسابات إقليمية ؟
حيث جرت وتيرة التصعيد بعد تراجع قوات الجنرال خليفة حفتر عن الدخول إلي العاصمة طرابلس وتراجع قواتة عن المنطقة الإستراتيجية حول (خليج سرت )
تصعيد بين مصر وتركيا. جرت وتيرته بسرعة كبيرة خلال الأيام الماضية بسبب ليبيا. فقبل يومين وافق مجلس النواب المصري علي نشر تشكيلات عسكرية خارج الحدود .وهذا بمثابة اعلان عن حرب .شكك البعض عن قدوم مصر بمواجهة برية مع تركيا علي الأراضى الليبية .بسبب تعرض مصر لخطر الإعلان عن ملء سد النهضة .وتهديد أمنها القومي والغذائي حيث قالت بعض التقارير أن مصر سوف تتعرض لعملية الشح المائي .وسوف تفقد حوالي 5 ملايين فدان من مجموع 9 ملايين فدان أي حوالي 60% من مجموع المساحة المنزرعة في مصر وسوف تفقد مساحات من المزارع السمكية . ومواجهة مشاكل في شرق البلاد في شبة جزيرة سيناء من جماعات راديكالية .ومواجهات عسكرية شبة يومية كان أخرها أمس بعملية كبيرة راح ضحاياها إعداد كبيرة من الجنود والضباط في منطقة بئر العبد . في الوقت نفسة بدأ استعراض للقوة من الجانب الفرنسي بإرساله فرقاطات بحرية قبالة السواحل الليبية واستعراض القوة رحبت بها كل من قبرص واليونان العدو اللدود لتركيا . نشر المتحدث باسم القوات المسلحة المصرية بياناً حول تنفيذ عملية برمائية كاملة "بإحدى مناطق البحر المتوسط " في إطار تدريب القوات المسلحة المصرية. وسبق ذلك اجتماع للرئيس عبد الفتاح السيسي مع قيادات أفرع القوات المسلحة المصرية. كل ذلك أجواء تصاعد للمواجهة .أمريكا تدخل علي طريقتها بعد موافقة البرلمان المصري بإرسال قوات خارج الحدود . ومطالبة الجانب المصري .أعطاء فرصة للدبلوماسية للمفاوضات . وعلي الصعيد التركي
يحدّد الاتّفاق بين تركيّا وحكومة الوفاق الوطنيّ الليبيّة حدودًا بحريّةً جديدةً كما يساهم في زيادة الاحتكاك بين اليونان وتركيّا. ويمثّل الاتّفاق المبرم حديثًا مع ليبيا حلقةً واحدةً في سلسلةٍ من المشاحنات التجاريّة والقانونيّة والدبلوماسيّة حول الحدود البحريّة وطرق الإمداد والشحن المحتملة. حروب غير معلنة راح ضحاياها الكثير . ومن الملاحظ اصطدام مطالبات تركيا، بموجب الاتّفاق، بالمطالبات القائمة من اليونان وقبرص. وقد أدّى مشروع خطّ أنابيب شرق المتوسّط (إيستميد) إلى تشكيل كتلٍ متعارضةٍ بين اليونان وإسرائيل وقبرص ومصر من جهةٍ، وتركيّا وجمهوريّة شمال قبرص التركيّة (المعترف بها فقط من قبل تركيّا) وحكومة الوفاق الوطني الليبيّة من جهةٍ أخرى، حيث يعترض الجانب التركي علي تقسيم الغاز من أمام السواحل القبرصية حيث اخرجت الاتفاقية تركيا ومصر بحق الانتفاع . وان الاتفاقية المبرمة بين اليونان وقبرص واسرائيل ليس من حقهم وان المسافة بين أنطاكية و إسكندرية حوالي 500ميلا أفقد مصر وتركيا حوالي 40الف ميلا من المياة الاقتصادية في التقسيم ومن جهة اخري حيث يهدف المشروع إلى توصيل الغاز الإسرائيلي إلى جنوب أوروبا عبر اليونان وقبرص وخروج تركيا من أمداد خطوط الغاز .
تصريحات الرئيس التركي عن مصر عن عدم احقيتها في التدخل في الشأن الليبي جاءت مناقضة للواقع الجغرافي حيث تشترك مصر في حدود غربية حوالي 1050 كم .وهذا يهدد أمنها القومي من وصول جماعات وفصائل جهادية مرتزقة إلي الأراضي المصرية . وان علاقات ليبيا تمتد حوالي 500 عام مع تركيا وكأن طيب أردوغان يعيش في زمن الإمبراطورية العثمانية القديمة .علي الرغم من ذلك تلعب أطراف أخري مع الجنرال حفتر . فقد حظي زعيم الحرب الليبيّ خليفة حفتر بدعم الإمارات العربيّة المتّحدة وروسيا والمملكة العربيّة السعوديّة ومصر والأردن وفرنسا، على الرغم من ميل قوّاته إلى القتل العشوائيّ . وكان لدولة الإمارات العربيّة المتّحدة على وجه الخصوص دورٌ خطيرٌ، حيث قامت أبو ظبي بتزويد حفتر والجيش الوطنيّ الليبيّ التابع له بطائراتٍ مسيّرةٍ وطائراتٍ ثابتة الجناحين. فأغرق الإماراتيّون والروس وغيرهم ليبيا بالأسلحة في انتهاكٍ صارخٍ لحظر توريد الأسلحة الّذي فرضته الأمم المتّحدة، الذي أشار إليه البعض بأنّه «بلا أنيابٍ». وشنّ الجيش الوطنيّ الليبيّ حملة الأرض المحروقة للاستيلاء على العاصمة الليبيّة طرابلس، ممّا أدّى إلى مقتل الآلاف، منهم مئات المدنيّين خلال العمليّة، وتدمير البنية التحتيّة في ليبيا، ونزوح مئات الآلاف من المدنيّين. وتواصل تركيّا دعم حكومة الوفاق الوطنيّ المحاصرة من خلال تقديم الدعم العسكريّ والمساعدة في إدارة المرتزقة السوريّين في ساحة المعركة. ومن أهمّ ما يمكن أن يساهم أردوغان في إنجازه، إذا تمكّن، تأخير القتال لفترةٍ كافيةٍ تسمح بالتفاوض على اتّفاقٍ لوقف إطلاق النار أو اتّفاق سلامٍ، مع سعيه، في الوقت نفسه، إلى استغلال موارد الطاقة الليبيّة.
مستوى التدخل الخارجي في الحرب الليبية يجعلها إلى حد بعيد لعبة شطرنج جيوسياسية..
ورغم أن الليبيين هم الذين صنعوا المعركة، فإنهم لم يكونوا وحدهم، وكانت مقاتلات أجنبية بقيادة حلف شمال الأطلسي تحلق في السماء وتحول دون وصول المقاتلين الموالين لمعمر القذافي إليهم.
وعلى عكس الإنكار الرسمي، كان هناك "جنود على الأرض" لقوات خاصة من فرنسا، وبريطانيا، والولايات المتحدة، ودول عربية، وكانت مهمتها تهريب الأسلحة بحذر وتدريب المجموعات المناهضة للقذافي.
وفي مثل هذا التورط كانت ثمة علامات على أن حرباً بالوكالة ستنفجر بعد حرب مفتوحة تمتد لأعوام.
محمد سعد عبد اللطيف *
كاتب مصري وباحث في الجغرافيا السياسية .*