سعي تركي لبسط السيطرة
كشفت وسائل إعلام ليبية عن إرسال تركيا لتعزيزات عسكرية إلى قاعدة الوطية، الواقعة على بعد 140 كلم جنوب غرب العاصمة طرابلس، من أجل تعويض منظومة الدفاع الجوية التي تم تدميرها خلال الغارة الجوية الأخيرة، وتتزامن هذه التحركات التركية الجديدة التي تستهدف ترسيخ الوجود التركي في ليبيا مع الرفض الدولي المعلن في مجلس الأمن للوجود الأجنبي في ليبيا.
وتعززت التقارير الإعلامية التي تتحدث عن التعزيزات التركية لقاعدة الوطية بصور لشهود عيان ليبيين على مواقع التواصل الاجتماعي تظهر تفريغ حمولة طائرة شحن عسكرية تركية في مطار معيتيقة بالعاصمة طرابلس ثم توجه رتل عسكري يضم العديد من الشاحنات المحملة بأسلحة ومعدات نحو القاعدة الجوية الوطية.
وتسيطر الميليشيات التابعة لحكومة الوفاق الليبية على قاعدة الوطية الجوية بعد خيار الانسحاب الذي اتخذه الجيش الليبي في منتصف مايو الماضي لتجنب الخسائر البشرية التي يمكن أن تقع مع تصعيد نسق القتال من قبل حكومة السراج بدعم عسكري من أنقرة.
والأسبوع الماضي، كشفت وسائل إعلام تركية عن تحضير أنقرة لنشر منظومة دفاع جديدة في قاعدة الوطية، بعد الدمار الذي طال منظومتها السابقة جراء الغارات الجوية التي تعرّضت لها القاعدة.
كما قالت نفس المصادر إن الجيش التركي يستعد لتفعيل منظومة دفاعية اشتراها من أوكرانيا فوق المجال الجوي لعدد من المناطق ذات الأهمية الاستراتيجية للحضور التركي في غرب ليبيا وكذلك لسرت.
وكان مصدر تركي قد كشف وجود مباحثات بين أنقرة وحكومة الوفاق التي يرأسها فايز السراج في ما يتعلق باستخدام تركيا لقاعدتين عسكريتين في ليبيا في إطار مساعيها لضمان وجود دائم لها في جنوب المتوسط.
وتدرك القوى الإقليمية والعالمية مدى خطورة مساعي تركيا لترسيخ موطئ قدم لها في ليبيا والأهداف التي رسمتها لنفسها من وراء ذلك وهي التمدد في المنطقة العربية من أجل تحقيق الأطماع التركية في الاستيلاء على ثروات المنطقة إلى جانب تحقيق أحلام الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في استعادة أمجاد الإمبراطورية العثمانية.
وأعلنت العديد من الدول خلال جلسة لمجلس الأمن الأربعاء رفضها للوجود الأجنبي في ليبيا، في إشارة إلى التحركات التي يقوم بها الجيش الليبي هناك في خرق واضح للقوانين الدولية واحترام سيادة الدول.
ودق الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش ناقوس الخطر الأربعاء حيث حذر أمام مجلس الأمن الدولي من أن الصراع الدائر في ليبيا بلغ مرحلة جديدة “مع وصول التدخل الخارجي لمستويات لم يسبق لها مثيل” مع “تسليم معدات متطورة وعدد المرتزقة المشاركين في المعارك”.
وأعرب غوتيريش عن قلقه إزاء حشد قوات عسكرية في محيط مدينة سرت، الواقعة بين طرابلس (غرب) وبنغازي (شرق).
وقال إن ميليشيات حكومة الوفاق “تواصل بدعم خارجي كبير، تقدّمها نحو الشرق وهي حاليا على مسافة 25 كلم من سرت”، مشيرا إلى قيام هذه الميليشيات في السابق بمحاولتين للسيطرة على سرت.
وقال غوتيريش “نحن قلقون للغاية إزاء الحشد العسكري المخيف حول المدينة والمستوى المرتفع للتدخل الخارجي المباشر في النزاع والذي يشكل انتهاكا لحظر الأسلحة الذين تفرضه الأمم المتحدة، ولقرارات مجلس الأمن ولتعهدات الدول المشاركة في (مؤتمر) برلين” الذي أجري في يناير.
وتابع غوتيريش “الصراع في ليبيا بلغ مرحلة جديدة مع وصول التدخل الخارجي لمستويات لم يسبق لها مثيل تشمل وصول المعدات المتطورة وأعداد المرتزقة المشاركين في القتال”.
وقال وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية أنور قرقاش لمجلس الأمن الدولي إن هناك “نحو 10 آلاف من المرتزقة السوريين يعملون في ليبيا، وهو تقريبا ضعف العدد الذي كان هناك قبل ستة أشهر”.
وشدد على أن وقف إطلاق النار والحوار السياسي يشكلان السبيل الوحيد لإنهاء السيطرة التي تتمتع بها الميليشيات في ليبيا، وضمان الأمن والاستقرار الدائمين فيها وإنهاء معاناة شعبها.
وأكد أنه بعد ستة أشهر من انعقاد مؤتمر برلين، “تأسف دولة الإمارات لتدهور الوضع الأمني في البلاد، والذي يعزى إلى التدخل الأجنبي الإقليمي المستمر في الشؤون الداخلية لليبيا”