خيارات واهنة
يخطط حزب العدالة والتنمية الإسلامي في تركيا لقطع الطريق أمام المعارضة في انتخابات 2023 خاصة مع تآكل الخزان الانتخابي لزعيمه الرئيس رجب طيب أردوغان.
وعقد الحزب الذي مُني بهزائم كبيرة خلال الانتخابات المحلية الأخيرة اجتماعا لمناقشة تداعيات تراجعه في استطلاعات الرأي الأخيرة.
ورجح مراقبون أن يكون أردوغان وقيادات حزبه يبحثون عن منفذ لضرب معارضيهم خاصة الذين باتوا منهم يمثلون قوة ضاربة في استطلاعات الرأي.
وتتخوف الأوساط المعارضة التركية من تحركات جديدة للسلطة قد تشكل عقبة أمام ترشح شخصيات بارزة لمواجهة أردوغان الذي تراجعت شعبيته بشكل كبير.
وجاءت خطوة حزب العدالة والتنمية بعد تشكيل أبرز حلفاء أردوغان السابقين أحزاب وهما رئيس الوزراء السابق أحمد داود أوغلو والمسؤول السابق عن تنسيق الشؤون الاقتصادية في الحكومة علي باباجان.
وشكّل الطرفان حزبين سياسيين منفصلين خلال الأشهر الماضية لمنافسة حزب العدالة والتنمية.
ووجّه باباجان على سبيل المثال انتقادات لاذعة في وقت سابق لخيارات أردوغان متهما إياه بتدمير تركيا وديمقراطيتها.
ويرى مراقبون أن باباجان وداود أوغلو لهما القدرة على استمالة أصوات من حزب العدالة والتنمية في الانتخابات المقبلة التي ستحدد مستقبل أردوغان ورفاقه.
وقال ثلاثة من المسؤولين في الحزب الحاكم إنه لا نيّة لإجراء انتخابات قبل موعدها المقرر عام 2023.
المعارضة التركية تتخوف من تحركات جديدة للسلطة قد تشكل عقبة أمام ترشح شخصيات بارزة لمواجهة أردوغان الذي تراجعت شعبيته
وأضافوا أن الإجراءات المزمع اتخاذها لا تهدف لحجب الأحزاب الجديدة بل لمنع مناورة سياسية استخدمت في الماضي.
وكان 15 عضوا في البرلمان تابعين لحزب المعارضة الرئيسي، حزب الشعب الجمهوري، قد انتقلوا عام 2018 إلى الحزب الصالح الجديد ليتمكنوا من خوض انتخابات مبكرة بتشكيل مجموعة برلمانية. وقال مسؤول في حزب العدالة والتنمية إن الإجراءات الجديدة ستمنع الأحزاب من تشكيل مجموعات برلمانية بهذه “الطريقة غير الأخلاقية”.
ومن شأن الإجراءات أن تخفض الحد الأدنى من الأصوات اللازم لدخول الأحزاب البرلمان إلى خمسة في المئة بدلا من عشرة في المئة.
ولكن الأهم بالنسبة للأحزاب الجديدة أنها ستمنع عمليات النقل التكتيكية بين الأحزاب كتلك التي حدثت عام 2018.
وقال المسؤول في حزب العدالة والتنمية إن الحكومة تتوقع تقديم التعديلات إلى البرلمان بحلول يونيو.
وكان حزب الشعب الجمهوري قد أشار إلى أنه سيقدم الدعم للأحزاب الجديدة، مما دفع ناجي بستانجي، أحد كبار مسؤولي حزب العدالة والتنمية، للقول إن حزبه يعمل مع حلفائه في حزب الحركة القومية لمنع محاولات “تسويق” مشرعين بطريقة مخالفة للديمقراطية.
وللمشاركة في الانتخابات، يتحتم على الحزب أن يكون قد عقد مؤتمرا وشكل هيكلا حزبيا في نصف الأقاليم التركية، أو أن يكون لديه بالفعل مجموعة من 20 نائبا على الأقل في البرلمان، وهي معايير لا يستوفيها الحزبان الجديدان بعد.
وقال مسؤول رفيع في حزب “ديفا” الجديد الذي يتزعمه باباجان “من الواضح أن أي تشريع قانوني بخصوص الأحزاب السياسية، يتم طرحه لمنع الأحزاب الجديدة كحزبنا من دخول الانتخابات”.
وقال سليم تمرجي، المتحدث باسم حزب المستقبل الذي يتزعمه داود أوغلو، إن حزبه على وشك استيفاء شروط القانون وسيعقد مؤتمرا في أغسطس
ومن جهة أخرى، أظهرت استطلاعات الرأي الأخيرة تزايد التأييد لأكبر أحزاب المعارضة التركية، في الوقت الذي اضطرت فيه البلديات التي يسيطر عليها حزب الشعب الجمهوري، بما في ذلك أكبر ثلاث مقاطعات، إسطنبول وأنقرة وإزمير، إلى إيجاد طرق مبتكرة لدعم ناخبيها في مواجهة العداء الحكومي ضدّ الخدمات البلدية التي تمّ اتخاذها لمواجهة وباء كورونا، بينما بدأت الحكومة التركية بمحاصرتهم بالاتهامات والدعاوى القضائية.
وقال الكاتب والمحلل التركي أورهان أوروغلو، إن حزب الشعب الجمهوري المعارض الرئيسي في تركيا، سوف يساعد الأحزاب التي شكلها منشقون عن حزب العدالة والتنمية الحاكم، على دخول البرلمان التركي، وهما حزبا داود أوغلو وعلي باباجان.
وكشف أوروغلو بالمقابل، أن زعيم حزب الشعب الجمهوري كمال كيليجدار أوغلو أخبره أن حزبه سوف يسعى إلى تغيير الحد الأدنى لدخول البرلمان، والبالغ 10 في المئة، من أجل دعم الديمقراطية، مُعتبراً أنّه “يجب تمثيل كل حزب في المجلس”. وأوضح المحلل التركي أن (ديفا) وحزب المستقبل سوف يُدرجان في تحالف الأمة الانتخابي الرئيسي للمعارضة.
ودفع تأسيس حزب باباجان الجديد (ديفا) في مارس الماضي وحزب المستقبل بقيادة رئيس الوزراء السابق في ديسمبر الماضي، إلى التكهن بأن الانشقاقات في الحزب الحاكم يمكن أن تشكل تحديا قويا لأردوغان.
وكان علي باباجان نائب رئيس الوزراء التركي السابق، قال مؤخراً إن هناك فرصة في أن تجري تركيا انتخابات مبكرة في عام 2021 أو 2022. وقال إنه لم يتوقع إجراء انتخابات مبكرة قبل موعدها المقرر في عام 2023 لأن حزب العدالة والتنمية الحاكم في وضع ضعيف حاليًا.
وبينما يرى أن إجراء الانتخابات هذا العام خلال ذروة تفشي فايروس كورونا غير واردة أبدا، فإن احتمال إجراءها في 2021 أو 2022 سيكون أعلى قليلا. وكانت هناك تكهنات في الآونة الأخيرة بأن الرئيس التركي قد يدعو إلى إجراء انتخابات مبكرة، كما فعل في الماضي عندما كانت تأتي لصالحه.
وفي حديثه عن الشائعات حول أنّ الحكومة قد تُغير نظام التصويت للانتخابات الرئاسية المقبلة من أجل تحقيق انتصار أسهل لأردوغان، قال باباجان إن الشعب التركي لن يقبل مثل هذه الخطوة وأن ذلك سيدفع “الطريق إلى النهاية”، في إشارة إلى هزيمة أردوغان المرتقبة في صناديق الاقتراع.
وتعهد باباجان، الذي استقال من حزب العدالة والتنمية بعد تيقنه من استحالة إحداث تغيير داخله، بالقيام بإصلاحات كبيرة في مجالات حقوق الإنسان والديمقراطية في تركيا إذا تمكن إلى جانب حزبه من الوصول إلى السلطة.
ويرى مراقبون أن هذا التعهّد يغري الناخب التركي الذي سئم انتهاكات حقوق الإنسان، خاصة بعد الانتكاسات التي تعرضت لها حرية التعبير وغيرها في بلاده.