الفنان المصري حسن حسني .. نجومية متأخرة كسرت قواعد الفن

السبت 30 مايو 2020 5:26 م
الفنان المصري حسن حسني .. نجومية متأخرة كسرت قواعد الفن

الفنان المصري حسن حسني

جنوب العرب - لندن

كسر الفنان المصري الراحل حسن حسني قواعد فرضت شروطها في مضمار الفن حتى كادت تصبح بديهيات في عالم التمثيل، تاركًا أرشيفًا هائلًا من الأعمال التي تؤرخ للحركة الفنية في مصر منذ ثلاثينيات القرن الماضي وحتى لحظة رحيله.

القاعدة الأساسية الأولى من قواعد السينما وعلوم التمثيل، التي كسرها الراحل، هي النجومية، فهذه الأخيرة تتحقق للممثل، عادة، في سن مبكرة عبر الوسامة، ومن خلال عنفوان وحماسة البدايات، ثم تخبو تدريجيًا، إلا أن نجومية حسن حسني ظهرت في مرحلة نضوج متأخرة، ولمع بريقها شيئًا فشيئًا، كلما تقدم في العمر إلى أن رحل ”شابًا في التاسعة والثمانين“.

وبرع الفنان الراحل في السينما والمسرح والدراما التلفزيونية، وتمكن بأداء عفوي صادق عبر هذه الأنواع الفنية من انتزاع بسمة المتلقي ودمعته، فقد كان ماهرًا في أداء الأدوار التراجيدية، مثلما برز في الأدوار الكوميدية، دون أن يؤطر نفسه ضمن قالب درامي محدد، أو هكذا توسم فيه مخرجو أعماله، وهنا يمكن الحديث عن قدرته على كسر قاعدة ثانية في فن التمثيل، وهي ”تنميط الفنان“ ضمن أدوار محددة، فعادل إمام، مثلًا، يصنف ضمن الأدوار الكوميدية، في حين يصنف أحمد زكي ضمن الأدوار التراجيدية، على سبيل المثال.

ومثلما أجاد حسن حسني تجسيد أدوار ”المأساة والملهاة“ معًا، دون أن يكون أسيرًا لأحدها، فإنه جمع كذلك بين أدوار الخير والشر، وهو في كلا الحالتين كان مقنعًا، وذا حضور مؤثر، فقد وظف الراحل خبراته الطويلة في مجال المسرح الذي يوصف بـ“أب الفنون“، في أدواره التلفزيونية والسينمائية، إذ وقف حسن حسني سنوات طويلة على خشبات المسارح قبل أن يخطفه بريق الكاميرا والشهرة المتأخرة.

واللافت كذلك في سيرة الراحل هو أنه شارك في السينما النخبوية الجادة والرصينة، مثلما حضر في سينما الموجة الشبابية الخفيفة، وهنا تمكن من كسر قاعدة أخرى من قواعد الفن، وهي قدرته على التوفيق بين نخبوية الفن وجماهيريته، وهو ما يعجز غالبية الفنانين عن تحقيقه.

في البدايات ظهر حسن حسني في أفلام، تعد الآن، من كلاسيكيات السينما المصرية وتحفها الباقية في الذاكرة، مثل فيلم ”الكرنك“ للمخرج علي بدرخان، و“سواق الأتوبيس“و“دماء على الأسفلت“ و“البريء“مع المخرج عاطف الطيب، و“الهجامة“ لمحمد النجار، و“سارق الفرح“ لداود عبد السيد، و“ليه يا بنفسج“ لرضوان الكاشف، و“المواطن مصري“ لصلاح أبو سيف.. وغيرها من الأفلام التي تعد من أهم نتاجات السينما المصرية.

لكن هذه المشاركات السينمائية الرصينة لم تصب الفنان الراحل بالغرور والتعالي، أو تمنعه من المشاركة في موجة السينما الشبابية المصرية الجديدة التي اتسمت بالخفة والتسلية، مثل أفلام ”عبود على الحدود“ و“اللمبي“، و“محامي خلع“، و“ميدو مشاكل“، و“ليلة سقوط بغداد“ وسواها من الأفلام الخفيفة التي كاد الراحل أن يكون القاسم المشترك الأوحد بينها، حتى لقب بـ“الجوكر“.

ولم يأتِ هذا اللقب من فراغ، فالفنان حسن حسني فرض حضوره ”الأبوي“ بالمعنى الفني على أبطال الموجة الجديدة، مثل أحمد حلمي وأحمد السقا وهاني رمزي ومحمد سعد ومحمد هنيدي وغيرهم ممن كانوا يستمدون من مشاركته الجرأة في تقديم أعمال تنهمك بشباك التذاكر أكثر من كونها امتدادًا للسينما الجادة الملتزمة، التي أسس لها عاطف الطيب ورضوان الكاشف وصلاح أبو سيف وداود عبد السيد ومحمد خان ويوسف شاهين وغيرهم.


ورغم أن حسن حسني لم يلعب أدوار البطولة المطلقة في هذه الأفلام الشبابية، لكن كان من الصعب أن تحقق تلك الأفلام جماهيريتها وانتشارها دون حسن حسني الذي حول دوره إلى ”ضرورة درامية“ لا يمكن التغاضي عنها، فهو كان بمثابة ”الوصفة السحرية“ التي تجذب الجمهور العربي لمتابعة العمل.

وأضفى الفنان الراحل بملامحه المصرية الأصيلة ونبرة صوته المميزة وانفعالاته الدرامية التي أتقنها خلال اشتغاله المسرحي، نكهة خاصة على جميع الأعمال التي شارك فيها، فقد كان الراحل أشبه بتلك ”العلامة المضيئة والخفية“ في آن، التي تمنح العمل الفني وقارًا وألفة من نوع خاص لا يمكن تفسيرها بأدوات ومعايير النقد الأكاديمي.

جسد الراحل عبر امتلاكه لتلك الصفات والمهارات بساطة الإنسان المصري وتلقائيته، ونقل همومه ومعاناته، مثلما التقط خفة ظله ومرحه عبر توليفة فريدة كان للفنان الراحل فيها النصيب الأكبر من اسمه، فالحسن الفني كان يليق بالراحل الذي سيظل طويلًا في ذاكرة ووجدان المشاهدين.

التعليقات

تقارير

السبت 30 مايو 2020 5:26 م

اعترف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، بأن زعيم جبهة التحرير الوطني وحكيم الثورة العربي بن مهيدي "قتله عسكريون فرنسيون"، وذلك بمناسبة الذكرى السبعين لا...

السبت 30 مايو 2020 5:26 م

لا تزال التكهنات تتواصل حول مقتل زعيم حزب الله حسن نصر الله وكيفية معرفة إسرائيل بمكانه كان أحدثها ما قاله زعيم مليشيات موالية لإيران في العراق.وفي لق...

السبت 30 مايو 2020 5:26 م

هل نجا رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو من محاولة اغتيال؟** هذا السؤال يتصدر المشهد بعد إعلان استهداف منزله في قيساريا، وسط تكهنات وتكتم حول ال...