أزمة مستمرة
شهدت جلسة الحكومة اللبنانية التي انعقدت الجمعة في قصر بعبدا تجاذبا بين رئيس مجلس الوزراء حسّان دياب من جهة ورئيس الجمهورية ميشال عون وصهره جبران باسيل من جهة أخرى.
وقالت مصادر سياسية لبنانية إنّ هناك اتفاقا بين حزب الله والتيّار الوطني الحر على صيغة تحفظ ماء الوجه لرئيس الجمهورية وصهره اللذين يعلّقان أهمية على إقرار مجلس الوزراء إنشاء معمل لإنتاج الكهرباء في سلعاتا، وهي بلدة ساحلية قريبة من مدينة البترون مسقط رأس جبران باسيل.
وتم التوصّل بالفعل إلى صيغة حفظ ماء الوجه لعون وباسيل بعدما قرر مجلس الوزراء التراجع عن قرار سابق له والاتفاق على أن تكون في لبنان ثلاثة معامل للكهرباء أحدها في سلعاتا.
وسبق انعقاد جلسة مجلس الوزراء اجتماع بين عون ودياب يرجح أن يكونا اتفقا فيه على تمرير قرار إنشاء معمل كهرباء سلعاتا.
وكشفت هذه المصادر أن باسيل، الذي لا يشغل أي منصب وزاري في الحكومة الحالية، كان مصرّا على معمل سلعاتا، الأمر الذي جعل الرئيس اللبناني يعتبر المعمل مسألة حياة أو موت بالنسبة إليه، نظرا إلى رغبته في إيجاد تمويل دائم وثابت للحزب الذي يرأسه. وأوضحت أن صهر رئيس الجمهورية يتذرّع بأن خطة الحكومة، التي أقرت في اجتماع سابق لمجلس الوزراء البدء بإنشاء معملين للكهرباء الأول في الزهراني في جنوب لبنان والآخر في دير عمّار في عكار، غير مقبولة.
ويعتبر باسيل، استنادا إلى قريبين منه، أن دير عمار سيكون بمثابة معمل للسنّة، فيما سيكون معمل الزهراني للشيعة.
وذكر القريبون من باسيل أنّ صهر رئيس الجمهورية يريد معملا للمسيحيين في إحدى مناطقهم من منطلق الدفاع عن “الأمن المسيحي” في لبنان.
واعتبرت المصادر السياسية اللبنانية أن عبارة الدفاع عن “الأمن المسيحي” تشكّل أفضل شعار في الوقت الحاضر من أجل استعادة التيّار الوطني الحر شعبيته التي فقدها في عدد كبير من الأوساط المسيحية بسبب الأزمة الاقتصادية التي يعاني منها البلد.
وتوصّلت الحكومة إلى صيغة تدرج فيها معمل سلعاتا في سياق خطّة لجعل الكهرباء مؤمّنة للبنانيين 24 ساعة على 24 ساعة.
وذكرت المصادر نفسها أنّ حزب الله يسعى إلى لعب الدور الأساسي في إعادة الكهرباء إلى لبنان، وذلك في سياق تأكيد أنّه مسيطر على البلد، كما أنّه حريص على النجاح حيث فشل التيّار الوطني الحر الذي يشغل أحد أعضائه موقع وزير الطاقة منذ ما يزيد على عشر سنوات.
وأشارت إلى أن تراجع الحكومة عن استبعاد سلعاتا يشكّل انتصارا معنويا لجبران باسيل.
وقبل انعقاد جلسة مجلس الوزراء تفقد حسّان دياب مواقع للجيش اللبناني مرابطة في مناطق قريبة من الحدود السورية.
وأعلن رئيس الحكومة اللبنانية، خلال زيارة قام بها إلى ثكنة إلياس الخوري التابعة للجيش اللبناني في منطقة رأس بعلبك شرق لبنان، متابعة الجهود لوقف اقتصاد التهريب عبر إقفال المعابر غير الشرعية.
وقال رئيس الحكومة خلال زيارته التي قام بها برفقة قائد الجيش جوزيف عون ووزيرة الدفاع زينة عكر ”سنتابع الجهود من أجل وقف اقتصاد التهريب عبر إقفال المعابر غير الشرعية التي تتسبب بأضرار كبيرة للدولة وتستفيد منها حفنة من المهربين”.
ويعيش لبنان أزمة مالية مستمرة منذ فترة طويلة وتمثل أكبر تهديد لاستقرار البلاد منذ الحرب الأهلية.
وبدأت الأزمة تتصدّر المشهد في أكتوبر عندما اندلعت احتجاجات واسعة ضد الفساد وسوء الإدارة من جانب النخبة الطائفية.
وكان أكثر ما لفت في تلك الزيارة سحب رئيس الحكومة اللبنانية مشطا من جيبه بغية تسريح شعره قبل إلقاء كلمة في إحدى الثكنات العسكرية.
وأثار الفيديو الذي ظهر فيه حسّان دياب يسرّح شعره موجة من التعليقات الساخرة في وسائل التواصل الاجتماعي.
على صعيد آخر قال السياسي اللبناني المعارض سمير جعجع إن الفرصة ضئيلة أمام لبنان للحصول على مساعدات يحتاجها بشدة من صندوق النقد الدولي في ضوء فشل الحكومة في القيام بإصلاحات يطالب بها المانحون لمعالجة الأزمة المالية.
وأضاف جعجع، الذي انسحب حزبه من الحكومة بعد اندلاع الاحتجاجات، أن حكومة رئيس الوزراء حسان دياب لم تنفذ أي إصلاحات. وفي ظل غياب أي سبل بديلة للحصول على مساعدات، بدأت الحكومة مفاوضات مع صندوق النقد الدولي في مايو.
لكن جعجع قال إن الأمل في الحصول على الدعم “كثير كثير ضئيل (ضئيل جدّا جدّا)”.