نفاق تركي
كشف هبوط طائرة تابعة لشركة "العال" الإسرائيلية للخطوط الجوية على الأراضي التركية وذلك للمرة الأولى منذ عشر سنوات، سياسة الازدواجية في الخطاب السياسي التي ينتهجها نظام الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.
ففي الوقت الذي أعرب فيه بخطاباته الرنانة عن دعمه الكامل للقضية الفلسطينية ضد العدوّ الإسرائيلي، تعمل أنقرة على بناء علاقات سياسية واقتصادية متينة مع تل أبيب.
ويسلّط ذلك الضوء على متاجرة الرئيس التركي بقضية عربية محورية من خلال رفع مجرد شعارات واهية للتسويق السياسي ولرسم صورة مزيفة لنظام تركي نصير المظلومين والضعفاء.
وباتت سياسة الازدواجية من ممارسات أنقرة في علاقاتها مع المجتمع الدولي محل جدل وانتقادات كبيرة، وذلك منذ اعتلاء أردوغان سدة الرئاسة.
وأكد متحدث باسم "العال" أن طائرة "دريملاينر" تابعة للشركة هبطت في مطار اسطنبول اليوم الأحد، في أول رحلة إسرائيلية مباشرة إلى تركيا منذ وقوع أزمة حادة بين البلدين في عام 2010.
وكتبت صحيفة "جيروزاليم بوست" أنه تم في اسطنبول، تحميل الطائرة الإسرائيلية بنحو 24 طنا من مواد الإغاثة الموجهة للولايات المتحدة لمساعدتها في معركتها ضد وباء كورونا.
وذكرت الصحيفة أن "العال"، التي عانت أضرارا اقتصادية شديدة نتيجة الوباء، تقدمت للسلطات التركية بطلب للحصول على إذن لاستئناف الرحلات الجوية المنتظمة للبلاد.
وأضاف التقرير أنه في ظل الأزمة، حولت شركة الطيران الإسرائيلية بعض طائراتها إلى طائرات شحن.
وفي مايو 2010، لقي 10 مواطنين أتراك حتفهم عندما اقتحم جنود إسرائيليون سفينة "مافي مرمرة" أثناء إبحارها في المياه الدولية بالبحر المتوسط في طريقها إلى غزة.
وقالت مصادر إسرائيلية إن السفينة كانت تحمل إمدادات إغاثة لقطاع غزة، وكان على متنها نشطاء مسلحون.
يشار إلى أن تركيا هي الوجهة الأولى للسياح الإسرائيليين، حيث يسافر هؤلاء إلى آسيا عبر تركيا مستخدمين الخطوط الجوية الإسرائيلية.
وبدأ أردوغان في مهمة صناعة “الزعيم” بالانحياز إلى حركة حماس في الحرب مع إسرائيل، لكنه انكفأ على نفسه بعد أن هاجمت إسرائيل الأسطول في رسالة تحد واضحة لأردوغان شخصيا الذي حاول أن يبدو متحديا لرئيسها شمعون بيريز في اجتماعات دافوس.
وقال مراقبون إن سكان غزة انخدعوا في البداية بشعارات أردوغان، لكنهم اكتشفوا أنه لم يقدم شيئا لهم طيلة سنوات، فأصبحوا يتندرون به وبوعوده التي لم تعد تنطلي حتى على قياديين في حماس خاصة من “كتائب القسام” التي حذرت قيادتها السياسية من وعود رئيس الوزراء التركي.
ولاحظ المراقبون أنه فيما كان أردوغان يطلق الشعارات المتحدية لإسرائيل، كانت أنقرة تقيم علاقات اقتصادية وعسكرية متطورة مع تل أبيب، وكان أبرز علاماتها تواصل المناورات المشتركة وزيارات متبادلة للمسؤولين العسكريين ورجال الأعمال.
وسبق أن فجرت صحيفة “يديعوت أحرونوت” الإسرائيلية فضيحة كبرى حين كشفت أن بلال نجل أردوغان عقد صفقات تجارية مع إسرائيل، ونقلت عن مصادر من المعارضة التركية قولها إن سفينتين تابعتين لشركة “إم بي” التي يملكها بلال كانتا تنقلان المواد التجارية بين موانئ تركيا وإسرائيل خلال الثلاث سنوات الأخيرة.
وعلق معارضون أتراك بالقول إن علاقات بلال مع إسرائيل تكشف نفاق أردوغان نفسه الذي ينتقدها في العلن، لكنه يقود العلاقات معها في السر، إلى درجة أن المعاملات التجارية بين البلدين خلال أزمة مرمرة بلغت 4 مليارات دولار بارتفاع يصل إلى نسبة 30 بالمئة عما كانت عليه في السابق.