الشعوب تنتفض .. وتتدافع

الاثنين 23 ديسمبر 2019 11:45 ص

في بلاد العرب والمسلمين، والمؤمنين من كل الملل والنحل، والملاحدة والعبثيين، وأولئك الذين يعتقدون بفنائهم عبر هلاك الدهر، وحتى الذين يذهبون بعيدا ـ حقا أو باطلا ـ في سعيهم لتغير نافع أو ضار، عادل أو ظالم، أرضي أو سماوي.. في بلاد أولئك جميعهم تنتفض الجبهات الداخلية، التي لم يبق منها إلا اسمها، ذلك لأن الآلاف أو الملايين الذين يسيرون في جُنْح ضلال الوعود ـ لكل أمة حلّت لاعنة أختها ـ هم مؤنسون لبعضهم بعضا فقط في وحدة الظلام اليومي وريث الليل ودجاه، لكنهم لا يصلون إلى النهايات المتوقعة، وقد طال انتظارهم، وزادت مآسيهم، وعمتهم المخاوف من التغيير المقبل مع أنهم ينتفضون من أجله.

أيكون عالمنا المعاصر في حاجة لإطفاء لظى قلوب المرضى بعودة إيمانية؟.. ربما، ذلك لأن تطبيقات الإيمان محل خلاف واختلاف حتى بين أتباع الدين الواحد إلى قيام الساعة، ومن أدرنا لعلها تكون قريبة؟!، لكن المؤكد أن دساتير الأمم جميعها تنطلق من عالم القيم، وهذه الأخيرة، وإن كانت نابعة من فطرتنا ما كنا لنميزها لولا أن الله سبحانه وتعالى هدانا لها.

كل هذا يرجعنا إلى الانتفاضات الحاصلة في العالم كله منذ سنوات، وقد بلغت ذرتها في هذا العام، والتي هي نتيجة للتوحش في كل مجالات الحياة، حتى غدت قلوبنا كالحجارة أو أشد قسوة، ولنتعمق في هذا الموضوع أكثر علينا أن نتأمل مطالب التغيير من الشعوب والوعود من الحكام، والمقدرات المتاحة التي يمكن لها جعل المسافة قريبة على مستوى المطالب والمقدرات.

إن حركة التدافع بيننا في عصرنا الحالي تعتبر وريثا شرعيا لأفعال تراكمت في مجالات الحياة المختلفة، وهي أكثر وضوحاً في المجال السياسي، منها ما تحقق وهو قليل، ومنها ما بقي معلقا في انتظار قادم من الغيب، يختلط توقع مجيئه بالأسطورة والخرافة، ومع ذلك فهو يريح بعض الأنفس في رحلتها نحو عدل لن يتحقق أبدا على الأرض، ليس فقط لوجود الطبقية من جهة، والتميز من جهة ثانية، والسيطرة في لحظة غفلة أو قوة قامت عليها ممالك ودول ثالثا، ولكن لأن النفس البشرية أمَّارة بالسوء، والحالات النادرة الني يكون أصحابها أقرب إلى الخير لا يمكن التأسيس عليها لتحقيق مطالب المنتفضين في كل مكان، ومع ذلك فإن تغيير مسار البشرية اليوم لم يعد في أيدي من يملكون القوة المادية فقط.

التعليقات

الأكثر قراءة

كاريكاتير

اتبعنا على فيسبوك

اتبعنا على تويتر