مسار تعاون جديد تؤطره الاتفاقيات
وسّعت دولة الإمارات من رهاناتها على الآفاق الاقتصادية الكبيرة مع إثيوبيا بهدف تعميق التعاون الاستراتيجي والتكامل الشامل في معظم القطاعات التجارية والاستثمارية، والذي بات محور طموحات البلدين، كونه يشكل حلقة مهمة في الأمن الإقليمي وخاصة في القرن الأفريقي.
أبوظبي - تسعى الإمارات إلى تكريس علاقتها الاقتصادية مع إثيوبيا بشكل أعمق في المستقبل عبر ترسيخ آليات لرصد آفاق مشاريع التنمية والاستثمار المستقبلية المشتركة بين البلدين والهادفة لتقوية وتنويع التعاون على أسس صلبة ومستدامة.
وشكلت زيارة وزيرة التجارة والصناعة الإثيوبية فيتلورك جيبر إغزيابر الجمعة إلى الإمارات آخر حلقات التواصل في هذا المضمار.
ودخلت الإمارات منذ أكثر من 10 سنوات بقوة في محاولات تحقيق الاستقرار والازدهار الاقتصادي في المنطقة، وعززت استثماراتها في إثيوبيا التي تحقق نموا قويا، وقطع الطريق أمام نفوذ دول مثل إيران وقطر وتركيا.
وأكد سلطان بن سعيد المنصوري وزير الاقتصاد الإماراتي أن إثيوبيا تعد شريكا تجاريا واستثماريا مهمّا للإمارات بمنطقة شرق أفريقيا ولديها سوق ضخم بتعداد سكاني يصل إلى 100 مليون نسمة.
ونسبت وكالة أنباء الإمارات (وام) للمنصوري قوله إن “تجارة البلدين تشهد نمواً جيداً ولكن علينا تطوير خطوط مباشرة للتصدير وإعادة التصدير بين الجانبين، والاستغناء عن المحطات التجارية الوسيطة”.
ومن المتوقع أن يسهم هذا التوجه في تخفيض تكلفة التجارة وتعزيز أرباحها، وبالتالي زيادة عائدها التنموي على اقتصادي البلدين، والارتقاء بها إلى مستويات أعلى.
وأشار المنصوري إلى أن السوق الإثيوبية التي تعد من أسرع الاقتصادات الأفريقية نموا تطرح فرصا واسعة للتعاون الاقتصادي المتبادل بما تمتلكه من مقومات واعدة وموارد متنوعة وإمكانات غير مكتشفة في عدة قطاعات.
كما أكد أهمية الخدمات الإلكترونية والذكية في تعزيز النشاط الاقتصادي وإمكانية استفادة أصحاب الأعمال والمستثمرين من هذه الخدمات في تعزيز التجارة والاستثمارات الثنائية بين البلدين.
ويقول محللون إن إثيوبيا تعد بوابة حيوية لتجارة الدول كما أنها تفسح المجال لغزو الأسواق الأفريقية الواعدة بما تتيحه من استثمارات وتبادل تجاري بفضل قوانينها التي تتلاءم مع الانفتاح على الأسواق العالمية.
وناقش الوزيران سبل تطوير التعاون التجاري في مجالات الزراعة والمنتجات الغذائية وتجارة اللحوم والدواجن، وبناء شراكة في المجال اللوجستي بما يعزز أنشطة التبادل التجاري بين البلدين.
ويحاول البلدان تعزيز سبل العمل المشترك لتعزيز المبادلات التجارية ودعم أنشطة الاستيراد والتصدير وإعادة التصدير، والتعاون في مجال الخدمات اللوجستية والإلكترونية الداعمة للتجارة البينية.
وتشير البيانات الرسمية إلى أن التجارة الخارجية غير النفطية بين البلدين حققت خلال العام الماضي نموا بنسبة 7 بالمئة بمقارنة سنوية لتبلغ حوالي 3.1 مليار درهم (840 مليون دولار).
ومع ذلك يطمح البلدان إلى زيادة مستوى المبادلات لتتجاوز هذا المبلغ مع الدخول في بناء شراكات جديدة بين المستثمرين في البلدين.
وهناك اهتمام إماراتي بمشاركة إثيوبيا في معرض إكسبو 2020 والفرص التي يوفرها المعرض لإيجاد شركاء تجاريين واستثماريين من مختلف الدول.
وأكدت الوزيرة الإثيوبية حرص بلادها على تطوير قنوات تعاون جديدة تخدم الأجندة الاقتصادية للبلدين، مشيرة إلى أهمية أنشطة التجارة والاستثمار كمحرك للشراكة المتينة بين البلدين.
ونسبت وكالة أنباء الإمارات (وام) لإغزيابر قولها إن “العمل المشترك يساعد على إزالة أي عوائق في تنمية التجارة بين إثيوبيا والإمارات”.
وأضافت “يجب العمل أكثر على تشجيع القطاع الخاص من الجانبين على زيادة حجم التبادل التجاري واستقطاب مزيد من الاستثمارات التي تخدم القطاعات الحيوية في البلدين”.
وكانت الإمارات قد أعلنت أواخر العام الماضي، عن خطط لضخ استثمارات لبناء خط أنابيب نفط يربط إثيوبيا وإريتريا، بعد أن قادت أبوظبي جهود المصالحة التاريخية بين الجارين.
وذكرت هيئة الإذاعة والتلفزيون الإثيوبية حينها أن الإمارات تعهدت ببناء خط أنابيب لنقل النفط يمتد من ميناء عصب الإريتري على ساحل البحر الأحمر إلى العاصمة الإثيوبية أديس أبابا.
وأشارت إلى أن الإمارات كشفت عن تلك التعهدات خلال اجتماع في أديس أبابا بين رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد وريم الهاشمي وزيرة الدولة الإماراتية لشؤون التعاون الدولي.
ونسبت وكالة رويترز إلى مدير مكتب رئيس الوزراء الإثيوبي فيتسوم أريجا قوله حينها إن “المباحثات تركزت على الاستثمار في قطاعات التصنيع والزراعة والعقارات وأنابيب النفط وبناء المنشآت السياحية”.
ويقول محللون إن الدعم الإماراتي لإثيوبيا يأتي في سياق الدبلوماسية الاقتصادية لكسب مواقف تجاه أزمات المنطقة سواء ما تعلق بإيران أو الوضع في اليمن أو بقطع الطريق على التدخلات الخارجية في القرن الأفريقي، وما تمثله من تهديدات لأمن مصر ودول الخليج على المديين القريب والبعيد.
وقبل عقدين كان البلدان يعتبران من أفقر دول قارة أفريقيا. وقد حقق الاقتصاد الإثيوبي نموا متسارعا في السنوات الأخيرة، في حين لا يزال اقتصاد إريتريا يعاني من الركود.
ولدى خبراء الاقتصاد قناعة بأن تطبيع العلاقات بين البلدين يمكن أن ينعش الاقتصاد الإريتري ويفتح الأبواب أمام إثيوبيا لإيجاد منفذ على البحر الأحمر، وهو أحد محاور الصراع بينهما طيلة السنوات الماضية.
كما تعهدت الإمارات بتقديم 3 مليارات دولار مساعدات واستثمارات لإثيوبيا، سيذهب مليار دولار للبنك المركزي لتخفيف نقص حاد في العملة الأجنبية، فيما سيُستثمر المليارا دولار الآخران في قطاعات السياحة والطاقة المتجددة والزراعة.
ووقع صندوق خليفة لتطوير المشاريع ووزارة المالية الإثيوبية في شهر يوليو الماضي، بأديس أبابا اتفاقية لدعم وتمويل المشاريع الريادية والابتكار في إثيوبيا بقيمة 100 مليون دولار.