تشجيع تركي على الموت
يعرقل استمرار تدفق الدعم العسكري التركي للميليشيات الليبية في طرابلس جهود وقف إطلاق النار الذي يسعى المجتمع الدولي لفرضه واستئناف العملية السياسية، ما يحتم تدخلا دوليا لوقف عبث أنقرة بليبيا.
طرابلس- تقود أنقرة معركة التصدي لسيطرة الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر على طرابلس، لاسيما مع إدخال طائراتها المسيرة إلى المعركة ما من شأنه تأجيج الصراع وإطالة أمده، وهو ما يتضارب مع مساعي المجتمع الدولي التي بدأت منذ بداية المعارك في أبريل الماضي لوقف إطلاق النار واستئناف العملية السياسية.
ويقول عسكريون تابعون للقيادة العامة للجيش إنهم دمروا كل الطائرات الحربية التي كانت تحت سيطرة ميليشيات حكومة الوفاق وأنها لم يتبق لها حاليا سوى الطائرات التركية المسيرة التي تحاول من خلالها أنقرة نقل المعركة بعيدا عن طرابلس من خلال تحرشها بقاعدة الجفرة العسكرية الواقعة وسط البلاد.
وأعلن آمر غرفة العمليات المشتركة بالمنطقة الغربية التابعة لحكومة الوفاق أسامة الجويلي في بيان أن طائرة حربية تابعة للغرفة قامت فجر الجمعة بقصف قاعدة الجفرة الجوية. وأضاف الجويلي المحسوب على تنظيم الإخوان المسلمين أن القصف أسفر عن تدمير حظيرة الطائرات المسيرة وطائرة شحن من طراز “يوشن 76” تستخدم لنقل الذخائر ومنظومات الدفاع الجوي.
وجاءت هذه العملية بعد محاولات عدة فاشلة نفذتها طائرات تركية مسيرة لقصف قاعدة الجفرة الاستراتيجية كان آخرها الخميس، حيث أكدت قيادة الجيش الليبي تمكن وحدات الدفاع الجوي بمنطقة الجفرة من إسقاط طائرة مُسيرة تركية تابعة لقاعدة مصراتة الجوية، كانت تحاول قصف قوات الجيش.
وقال اللواء أحمد المسماري، الناطق باسم القيادة العامة للجيش إن الطائرة المُسيرة تم رصدها وتتبعها حتى دخولها قطاع المسؤولية القتالية شمال قاعدة الجفرة الجوية، ومن ثم تم التعامل معها وتدميرها. ويضغط المجتمع الدولي من أجل وقف إطلاق النار واستئناف العملية السياسية بما يجنب ليبيا مزيدا من الاقتتال.
وأعربت حكومات مصر وفرنسا وإيطاليا والإمارات العربية المتحدة والمملكة المتحدة والولايات المتحدة، الأسبوع الماضي عن قلقها العميق إزاء أعمال العنف المستمرة بمدينة طرابلس في ليبيا، محذرة من استغلال الجماعات الإرهابية للفراغ الأمني.
ودعت الدول الست في بيان صدر عن وزارة الخارجية الأميركية إلى وقف التصعيد فورا في طرابلس، وطالبت بالعودة إلى العملية السياسية التي تتوسط فيها الأمم المتحدة.
سلطنة المسماري: هناك اعتراف أميركي بدور الجيش في محاربة الإرهاب
سلطنة المسماري: هناك اعتراف أميركي بدور الجيش في محاربة الإرهاب
ويرى مراقبون أن مطالبة المجتمع الدولي بضرورة وقف القتال لا بد أن يسبقه موقف حازم تجاه العبث التركي بليبيا الذي لم يعد يحتاج لتوضيح، ويرى هؤلاء أن الميليشيات لن ترضخ لمطالب وقف إطلاق النار مادامت تحصل على الدعم العسكري التركي والقطري.
وقالت قوات الجيش الليبي في بيان الأربعاء إنها رصدت تسليم صفقة سلاح تركية إلى ميليشيات مصراتة فجر الثلاثاء. وأضاف البيان أن الصفقة التركية تمثلت في إرسال ذخائر وأسلحة عن طريق طائرة شحن خاصة للتموين عبر ميناء مصراتة الجوي.
وتابع الجيش الليبي أن هذه هي المرة السادسة التي تقوم فيها هذه الطائرة برحلة مشابهة، محملة بـ4 مدرعات حديثة و80 صندوق ذخيرة و291 قطعة سلاح ما بين خفيف وثقيل، إضافة إلى 6 ضباط أتراك.
وأرسلت تركيا في مايو الماضي طائرة تركية من طراز “Antonov” محملة بطائرات دون طيار، وبلغ عدد الطائرات التركية المدمرة في ليبيا 5 طائرات، إضافة إلى تدمير غرفة العمليات وهوائيات التحكم في القسم العسكري من قاعدة معيتيقة بطرابلس، من قبل سلاح الجو بالجيش الليبي.
ويثير صمت المجتمع الدولي إزاء خرق أنقرة لحظر التسليح الدولي المفروض على ليبيا رغم اعترافها بذلك، حيرة واستغراب الليبيين. ويراهن مجلس النواب والأطراف السياسية الأخرى الداعمة للجيش على موقف أميركي حازم لوقف العبث التركي بليبيا.
وطالب عدد من أعضاء مجلس النواب الليبي (البرلمان)، الإدارة الأميركية بالتدخل من أجل وقف الدعم التركي والقطري للميليشيات والتنظيمات الإرهابية التي تعبث بالعاصمة الليبية طرابلس.
ويوجد حاليا في العاصمة الأميركية واشنطن، وفد برلماني يتألف من ثمانية أعضاء في مجلس النواب الليبي، هم حميد حومة، نصرالدين مهني، سلطنة المسماري، علي التكبالي، طلال الميهوب، زايد هدية ، صباح جمعة ويوسف العقوري، وذلك في زيارة لافتة من حيث دلالاتها السياسية، وتوقيتها الذي تزامن مع احتدام المعارك في محيط العاصمة طرابلس.
وبدأت هذه الزيارة قبل ثلاثة أيام، حيث قالت عضو هذا الوفد، النائبة سلطنة المسماري، في اتصال هاتفي مع “العرب” من العاصمة واشنطن، إن الهدف من هذه الزيارة هو شرح الوضع في ليبيا للمسؤولين الأميركيين، والعمل على إقناعهم بضرورة التدخل من خلال مجلس الأمن الدولي لوقف دعم تركيا وقطر للميليشيات والإرهاب في ليبيا.
وأكدت في هذا السياق أن الوفد البرلماني الليبي سلم لعدد من المسؤولين الأميركيين وثائق تؤكد تورط تركيا وقطر في دعم الإرهاب والفوضى في ليبيا، حيث طلب الوفد ضرورة تدخل الولايات المتحدة لمنع خرق وانتهاك تركيا لقرارات حظر تسليح الميليشيات والقوات الموالية لحكومة الوفاق برئاسة فائز السراج.
وأشارت إلى أن الوفد البرلماني الليبي شارك مساء الخميس في اجتماع وصفته بالمهم في مقر وزارة الخارجية الأميركية، بحضور نائبة وزير الخارجية لشؤون المغرب العربي ومسؤول ملف شمال أفريقيا والشرق الأوسط في وزارة الخارجية ومسؤولة من مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض، بالإضافة إلى مستشار في شؤون الطاقة في البيت الأبيض.
وقبل ذلك، اجتمع الوفد البرلماني الليبي مع عدد من أعضاء مجلسي الشيوخ والنواب الأميركيين، حيث تم خلاله التأكيد على “ضرورة إرجاع الملف الليبي إلى مجلس الأمن الدولي، باعتباره عندما أعطى الشرعية للمجلس الرئاسي الليبي الحالي برئاسة السراج كان ذلك لتحقيق جملة من الاستحقاقات أهمها تنفيذ الترتيبات الأمنية الواردة في الاتفاق السياسي، غير أن السراج بدل ذلك احتضن الميليشيات واعتبرها هي الجيش”، على حد تعبيرها.
مطالبة المجتمع الدولي بضرورة وقف القتال لا بد أن يسبقه موقف حازم تجاه العبث التركي بليبيا الذي لم يعد يحتاج لتوضيح، ويرى هؤلاء أن الميليشيات لن ترضخ لمطالب وقف إطلاق النار مادامت تحصل على الدعم العسكري التركي والقطري
وشددت المسماري في اتصالها الهاتفي مع “العرب” على أنه بات “لزاما على مجلس الأمن الدولي، والقوى الإقليمية والدولية، بما فيها أميركا، إعادة النظر في شرعية المجلس الرئاسي الحالي، والتوجه نحو التعاون مع القيادة العامة للجيش بقيادة المشير حفتر للقضاء على المتطرفين والإرهاب في ليبيا”.
وأكدت أن الوفد البرلماني الليبي دعا خلال اجتماعاته مع المسؤولين الأميركيين إلى أهمية تعزيز التعاون بين وزارة الدفاع الأميركية “البنتاغون” والقيادة العامة للجيش الليبي، وتكثيف تبادل المعلومات في ما يخص الحرب على الإرهاب، لافتة في هذا السياق إلى وجود “تفهم أميركي لأهمية ما يقوم به الجيش في مجال الحرب على الإرهاب”.
ويرى مراقبون أن تحرك الوفد البرلماني الليبي في واشنطن، يكتسي أهمية بالغة في هذا التوقيت بالذات الذي دخلت فيه العملية العسكرية التي أطلقها الجيش الليبي مطلع شهر أبريل الماضي في طرابلس، لتخليصها من سيطرة المجموعات المُسلحة، مرحلة جديدة، اتسمت بتزايد تدفق السلاح والعتاد التركي والقطري على الميليشيات وتنظيمات الإسلام السياسي التي حولت حكومة السراج إلى أداة وظيفية لها.
ودفع هذا الوضع، رئيس البرلمان الليبي، المستشار عقيلة صالح إلى القول في تصريحات صحافية، إن بلاده “تتعرض منذ سنوات لمؤامرة تُنفذها تركيا وقطر وجماعة الإخوان المسلمين التي هي من نصبت فائز السراج رئيسا للمجلس الرئاسي، لذلك لا يرفض طلبا لها”.
وأضاف قائلا “طلبنا مرارا من السراج ترك الإخوان وميليشيات طرابلس لكنه رفض ذلك”، مشيرا في المقابل إلى أن “تدخل تركيا في ليبيا لصالح الإخوان أصبح واضحا”.