زنغنه المحاصر
أقرّ منتجو النفط من داخل أوبك وخارجها اتفاقا على تمديد تخفيضات إنتاج النفط تسعة أشهر، وهو ما يعني عمليا خلق وضع في السوق قادر على التلاؤم مع غياب النفط الإيراني الذي ينوء تحت وطأة العقوبات الأميركية.
وقال مندوب في أوبك إن المنظمة اتفقت، الاثنين، على تمديد تخفيضات إنتاج النفط تسعة أشهر.
وبدا أن أوبك+ باتت الآن أوبك-إيران، بعد الاتفاق السعودي الروسي الذي لعب دورا مهما في نجاح هذا الاتفاق. كما نجحت السعودية في جذب العراق إلى الاتفاق، الأمر الذي عكسه الاتصال الهاتفي بين العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز، ورئيس الحكومة العراقية عادل عبدالمهدي، وهو ما يثبت أن المصالح تتقدم في حساب الدول على التحالفات السياسية.
وبعث التوافق بين موسكو والرياض برسالة واضحة لإيران التي تعوّل على روسيا في ملفات دبلوماسية كثيرة، مفادها أن ملف النفط مختلف تماما، وأن المصالح الروسية تفترض الدفع نحو تخفيضات ضرورية لاستقرار السوق.
وباتت موسكو مقتنعة بأن المدّ أقوى من إيران وعنادها، وعلى العكس يعتقد مراقبون أن موسكو تريد أن تضغط من جانبها لكي تتجاوب إيران مع الأميركان وتخرج من مأزق العقوبات بدل إرباك سوق النفط لإرضاء حساباتها السياسية.
وأفاد بيان صادر عن وزارة الطاقة الروسية أن الوزير ألكسندر نوفاك قال عقب اجتماع مع نظيره الإيراني بيجن زنغنه في فيينا، الاثنين، إن موسكو مهتمة ببقاء إيران لاعبا على قدم المساواة في سوق الطاقة العالمية.
ولئن أعلن الوزير الإيراني قبول بلاده بالاتفاق الجديد، فإنه عارض توقيع ميثاق بين أوبك ودول أخرى غير أعضاء وبينها روسيا، ما يظهر انزعاجا إيرانيا واضحا من دور روسيا في التوصل إلى اتفاق التخفيضات رغم تعارضه التام مع مصالح حليفتها إيران.
وقال زنغنه إنه لا يعارض المزيد من خفض الإنتاج لكنه سيرفض اقتراحا لتوقيع ميثاق جديد للتعاون مع الدول غير الأعضاء في أوبك والتي تقودها روسيا.
صادرات إيران
وعبر عن خيبة أمله من إعلان الرئيس الروسي فلادمير بوتين الاتفاق خلال قمة مجموعة العشرين في أوساكا قبل انتظار اجتماع دول أوبك في فيينا.
وقال زنغنه “الشيء المهم بالنسبة لي أن تظل أوبك كما هي. لقد فقدت صلاحياتها وهي على شفا الانهيار.. إيران لن تغادر أوبك لكنني أعتقد أن أوبك ستنتهي بهذه الأساليب”.
وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قال، السبت، إنه اتفق مع السعودية على تمديد خفض الإنتاج الحالي البالغ 1.2 مليون برميل يوميا، بما يعادل 1.2 بالمئة من الطلب العالمي، من ستة إلى تسعة أشهر حتى ديسمبر 2019 أو مارس 2020.
كما انضمت فنزويلا، وهي حليف سياسي لإيران ومشمولة بالعقوبات الأميركية هي أيضا، إلى الاتفاق. وصرح مانويل كيفيدو، وزير النفط الفنزويلي ورئيس منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك)، بأن المنظمة وافقت على تمديد خفض إنتاج النفط لمدة 9 أشهر، مشددا على أن بلاده تحافظ على الاستقرار.
وانخفضت صادرات إيران إلى 0.3 مليون برميل يوميا في يونيو من 2.5 مليون برميل يوميا في أبريل 2018 بسبب العقوبات الجديدة التي فرضتها واشنطن.
وتضع العقوبات إيران تحت ضغوط غير مسبوقة. وحتى في 2012 عندما انضم الاتحاد الأوروبي إلى واشنطن في فرض عقوبات على طهران، ظلت صادرات البلاد عند حوالي مليون برميل يوميا. ويسهم النفط في الجانب الأكبر من إيرادات الميزانية.
وتقول واشنطن إنها تريد تغيير ما تصفه بأنه نظام “فاسد” في طهران. ونددت إيران بالعقوبات واعتبرتها غير شرعية وتقول إن البيت الأبيض يديره أشخاص “معاقون ذهنيا”.
وقالت آن لويز هيتل، نائبة الرئيس في وود ماكنزي الاستشارية “التوترات المتفاقمة بين الولايات المتحدة وإيران تزيد من احتمال حدوث تقلبات في أسعار النفط قد يكون من الصعب على أعضاء أوبك إدارتها”.
وانضم العراق، وهو حليف سياسي لإيران، إلى الاتفاق، خاصة بعد اتصال هاتفي بين العاهل السعودي ورئيس الحكومة العراقية هدف من خلاله الملك سلمان إلى الاطمئنان على استعداد العراق ل-لإسهام في سدّ حاجة السوق بدلا عن إيران.
وقال مكتب عادل عبدالمهدي إن رئيس الوزراء والعاهل السعودي بحثا التنسيق لتحقيق استقرار أسعار النفط في محادثة هاتفية، الاثنين.
وذكر المكتب في بيان “جرى البحث أساسا في تعاون البلدين الشقيقين في مؤتمر أوبك لوزراء النفط والطاقة المنعقد حاليا في فيينا لتنظيم أوضاع السوق النفطية والتنسيق بين البلدين بما يحقق استقرار أسعار النفط خلال الفترة المقبلة”.