احتجاجات السودانيين
"أي كوز ندوسو دوس".. شعار ظل يردده جموع المحتجين السودانيين منذ 19 ديسمبر/كانون الأول الماضي، موعد انطلاق الانتفاضة السلمية في وجه "الحركة الإسلامية" السياسية التي تعد المكون الرئيسي للحزب الحاكم في السودان بقيادة عمر البشير، وهي النسخة السودانية من تنظيم "الإخوان المسلمين" الدولي.
وبعد صمود المتظاهرين نحو 4 أشهر، تزلزلت أقدام التابعين للحركة ووصلوا إلى مصير السقوط الحتمي بإرادة الشعب، في نهاية أكد الخبراء أنها "مذلة وأنها لا مستقبل لها في البلد".
وتطلق عبارة "الكيزان" ككنية على التنظيم الإخواني الذي يحمل اسم "الحركة الإسلامية" في السودان نسبة إلى مقولة "الدين بحر ونحن كيزانه" التي يرجعها البعض إلى حسن الترابي في حين ينسبها آخرون لحسن البنا، والمراد بها أن الإخوان المسلمين هم تلك الكؤوس الغارفة من بحر الدين.
و"الكوز" هي كلمة عربية تعني الكوب أو الكأس، لكن نظرا لاقترانها بنظام البشير، أضحى مصطلح "كيزان" في السودان مرادفا للإجرام والفساد والنفاق الديني.
وتمثل الفترة منذ تسلم البشير السلطة في البلاد عام 1989، وتأسيس حزب المؤتمر عام 1991، أطول فترة حكم للإسلاميين في السودان، وربما في المحيط الإقليمي.
وخرج ملايين السودانيين إلى كل أنحاء البلاد وهم يرددون شعارات مناوئة للتابعين الحركة الإسلامية تطالب باجتثاثهم بشكل نهائي من الساحة السياسية السودانية، في مشهد يعكس درجة الغبن الذي تولد لدى الشعب تجاه التنظيم الإخواني.
ورددت جموع المحتجين "صايمين رمضان من غير كيزان"، "سقطناها يا كيزان"، ورصدت "العين الإخبارية" قيام عدد من المتظاهرين خلال المسيرات، بجمع أكواب شرب المياه "كيزان" ورميها على الأرض في إشارة رمزية لسقوط حكم الحركة الإسلامية.
وفي مشهد لافت، وضع المعتصمون صور قيادات حزب المؤتمر الوطني الذراع السياسي لما يسمى بالحركة الاسلامية، على "أكياس جمع النفايات، مصحوبة بتعليق "هذا مكانكم الطبيعي".
وصعد الإسلاميون لسدة الحكم في السودان، عام 1989م بعد تنفيذهم انقلاباً عسكريا على الحكومة الديمقراطية الشرعية التي كان يرأس مجلس وزراءها الصادق المهدي، وتوترت علاقتهم مع الشعب عقب تسببهم في أزمات سياسية واقتصادية وأمنية في البلاد.
وقال الكاتب والمحلل السياسي حيدر المكاشفي إنه لم يجد مستوى عالٍ من الكراهية، كما شاهده من الشعب السوداني تجاه التنيظم الإخواني، مشدداً أن "ما يحدث الآن يمثل استفتاءًا واضحاً يؤكد انتهاء مسيرة الإسلاميين ولن يكون لهم أية وجود خلال المستقبل القريب".
وأرجع المكاشفي في تصريحات لـ"العين الإخبارية" نبذ الشعب السوداني للتنظيم الإخواني لمستوى الظلم الذي لحقهم منه، حيث أدار البلاد بالبطش والجبروت والترويع وكل سوداني تأذى منهم بصورة مباشرة الأمر الذي خلف الاحتجاجات وانفجار البركان.
وأضاف "التابعين للحركة الإسلامية وصلوا مرحلة التعالي والافتراء على الشعب، فضلاً عن الفساد والنهب الذي مارسوهم خلال حكمهم وما خلف ذلك من تدهور في الاوضاع الاقتصادية والمعيشية، الشي الذي جعل من شعار أي كوز ندوسو دوس المرفوع من قبل المحتجين واقعاً لتنهي معه النهاية المزلة للإخوان".
فيما ذكر المحلل السياسي عبداللطيف محمد سعيد أن "غبن الشعب السودانيين تجاه الإسلاميين، كان نتيجة لسياسة الاقصاء التي مارسوها بحقهم، لافتاً إلى أن هذا التنظيم حكم البلاد بقبضة من حديد طوال 3 عقود الماضية وكانت النتيجة الحتمية هذا الانفجار الحتمي في وجههم".
وقال سعيد لـ"العين الإخبارية" إن "الإسلاميين لن يكون لهم أي وجود في المسرح السياسي السوداني، نسبة للصورة السالبة التي ارتسمت للشعب تجاههم، نسبة للتجربة السيئة التي قدموها وهزمت مشروعهم بصورة مزلزلة".
وأضاف: "انتصرت إرادة الشعب، الذي صبر على المعاناة والذل والهوان طوال السنوات الماضية".