رستم قاسمي وعلي خامنئي
أعلن الممثل الخاص لوزارة الخارجية الأميركية لشؤون إيران، بريان هوك،الخميس، أنه لن تكون هناك إعفاءات جديدة لصادرات النفط الإيراني في مايو/ أيار المقبل، في إشارة إلى الدول الثماني، بما فيها الصين وكوريا والهند واليابان وتايوان.
وقال هوك إنه سيتم فرض المزيد من العقوبات على طهران لاستمرار سلوكها العدواني ودعمها للإرهاب وعدم الاستقرار.
ويعتبر النفط حالياً المنتج الوحيد للإيرادات الإيرانية، وتستخدمه طهران بشكل أساسي لتلبية احتياجاتها المالية أولاً واحتياجات حلفائها المالية ثانياً.
وعلى ضوء ما أكده المسؤول الأميركي، قد تفقد إيران إيراداتها من النفط والغاز بالكامل تقريباً بسبب عقوبات واشنطن التي تزداد شدة بين الحين والآخر، إلا أن النظام الإيراني يحاول بشتى الطرق الالتفاف عليها، مستعيناً بتجارب سابقة ساعدته على خرق العقوبات المفروضة.
ولمعرفة محاولات إيران على هذا الصعيد، نسلط الضوء على أهم التجارب الإيرانية السابقة، التي ساعدت طهران في تحمل عبء الضغوط الاقتصادية الناجمة عن العقوبات. وفي هذا السياق، من الضروري الإشارة إلى إيراني لعب دوراً بارزاً في عمليات الالتفاف المعقدة التي سبقت توقيع الالتفاق النووي عام 2015، ويدعى "بابك زنجاني". وتحاول إيران حالياً تقديم نسخ محدثة داخلية وخارجية لزنجاني، ليسهل لها بيع النفط والغاز المحظورين وتمويه تحركاتها وعملياتها المالية من خلال النظام المصرفي العالمي.
وكان وزير الخزانة الأميركي، ستيفن منوتشين، قد حذر أن "مسؤولي البنك المركزي الإيراني لا يزالون يستغلون النظام المالي الدولي، حتى إنهم استفادوا من الشركات التي تعمل تحت غطاء تجارة البضائع الإنسانية، ليقوموا بنقل عائدات البترول المالية إلى إيران".
كذلك أوضح بريان هوك أن إيران تحاول التغلب على العقوبات من خلال إنشاء شركات وهمية على مدار العام ونصف العام الماضي، واستخدام هذه الشركات الأمامية للحصول على 800 مليون دولار، والتي تم إنفاقها بعد ذلك على أنشطة عسكرية وتمويل عمليات الحرس الثوري، محذراً جميع الدول من خطر التعامل مع نظام طهران وشركاته الوهمية للحيلولة دون التورط في تسهيل التجارة أو تمويل الإرهاب أو انتشار أسلحة الدمار الشامل.
وفي مقابلة أجراها مع أسبوعية "آسمان" الناطقة بالفارسية، قال زنجاني إنه كان عضواً في الحرس الثوري، وعمل سائقاً لرئيس البنك المركزي الإيراني، نوربخش، ليصبح وبشكل فجائي ميليارديراً يمتلك عشرات الشركات الاستثمارية وشركة طيران خاصة وقام باستثمار في دول آسيا الوسطى، خاصة في طاجيكستان. كما تمكن من تأسيس شبكة واسعة من مؤسسات غسيل الأموال وساعد النظام الإيراني في فترة حكم أحمدي نجاد للالتفاف على العقوبات. وبجهوده، استطاعت إيران نقل أموال بيع النفط.
واستناداً إلى تصريح النائب الإيراني الأسبق، أمير عباس سلطاني، لموقع "آفتاب نيوز"، تمكن زنجاني، في الأشهر الأولى من عام 2012 من الاتفاق مع 4 من وزراء حكومة نجاد ورئيس البنك المركزي الإيراني آنذاك، وإبرام 12 عقداً دون أن يقدم أي ضمانات.أما الوزراء فهم وزير الأمن، ووزير الصناعة والمعادن والتجارة، ووزير النفط، ووزير الاقتصاد، بالإضافة إلى رئيس البنك المركزي.
وقال سلطاني إن "قيمة هذه العقود بلغت أكثر من 4.1 مليار دولار، ولا يزال2.7 مليار دولار لم نعرف أين وكيف تم صرفها".
وبعد أن استفادت إيران من زنجاني، قامت في نفس عام توقيع الاتفاق النووي باعتقاله، وحكم عليه بالإعدام بتهمة الفساد المالي، غير أن الحكم لم ينفذ، وهو لا يزال في السجن. وقد تكون طهران بحاجة لتجاربه بعد انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي.ويرى البعض أن زنجاني لم يكن ليدخل السجن لولا ظهوره الإعلامي الذي أثار تساؤلات حول مصادر ثروته. إذ هناك نسخ أخرى مماثلة قامت وتقوم بالالتفاف على العقوبات وكونت أموالاً هائلة لكنها تتحرك خلف الكواليس ولا تظهر للعلن.
بابك زنجاني، من جندي بسيط في الحرس الثوري وسائق لرئيس البنك المركزي، إلى أكبر ملياردير في إيران، فما سر هذا التحول؟
فبعد البحث يظهر لنا اسم شخص يدعى "رستم قاسمي"، حيث كان زنجاني قد كشف في مقابلة مع أسبوعية "آسمان" عن هذا الشخص وكيفية التعرف عليه قائلاً: "دخلت عام 2010 بشراكة مع شركة استثمار الغدير التابعة لمقر خاتم الأنبياء (التابع للحرس الثوري) وهذه الشركة كانت اشترت بضاعة، إلا أنها عجزت عن سداد ثمنها، فتدخلت نيابة عنها وقمت بالسداد، حيث كان تعاملي مع هذا المقر جيداً ويسير على خير ما يرام. وفي يوم من الأيام قال لي الشباب في مقر خاتم الأنبياء لنذهب معاً للقاء السيد قاسمي. وعندما ذهبنا إليه، قال لي: "عندما اطلعت على ما قمت به من أعمال رأيت أنها في غاية الأهمية". وهكذا كلما صعد نجم زنجاني، تعاظم دور قاسمي أيضاً.
ورستم قاسمي من مواليد 1964 في محافظة فارس. هو مهندس معماري التحق بالحرس الثوري عام 1981 وشارك في الحرب العراقية الإيرانية. وبعد أن وضعت الحرب أوزارها عام 1988 التحق بمقر خاتم الأنبياء التابع للحرس الثوري ونال رتبة عميد، ثم أصبح رئيساً للمقر الذي يدير الشركات التابعة للحرس الثوري عام 2007، وبعدها وزيراً للنفط في حكومة محمود أحمدي نجاد.وفي عام 2013، ذكر اسمه من قبل "فورين بوليسي" ضمن 500 شخصية قوية في العالم بصفته وزير النفط الإيراني. ولكن قبل ذلك، أضيف اسمه إلى قائمة العقوبات لمجلس الأمن بصفته رئيساً لمقر خاتم الأنبياء التابع للحرس الثوري، وإلى القائمة السوداء للولايات المتحدة وأوروبا وأستراليا.
وتحتاج إيران اليوم إلى المزيد من الأشخاص، خاصة في منطقة الشرق الأوسط، ليقوموا بالدور الذي كان يلعبه بابك زنجاني. كما تجري محاولات إيرانية ببعض الدول في هذا المجال.
وتحدثت وسائل إعلام في الأشهر القليلة الماضية عن تاجر سوري يدعى "محمد عامر الشويكي" بعد أن تم وضع اسمه على قائمة عقوبات وزارة الخزانة الأميركية.وبالمقارنة بين أنشطة زنجاني والشويكي، فإن الأخير نسخة لنظيره الإيراني إن صح التعبير. وتعاون الشويكي، من خلال تأسيس شركات متعددة مثل "غلوبال واغن غروب"، في مجال نقل أموال النفط إلى إيران وأماكن أخرى.كانت عملية غسيل الأموال، التي يقوم بها الشويكي، تتم عن طريق عدد من البنوك، منها "البنك المركزي الإيراني" وبنك "میربیزنس" الروسي، و"البنك المركزي السوري" و"شركة دركيش السورية لصناعة الأدوية" و"رومیسري إیمبورت" و"شرکة النفط الوطنية الإيرانية". وتصل هذه الأموال في نهاية المطاف إلى "فيلق القدس" في سوريا، وهنا يظهر اسم أحد الجنرالات الكبار في إيران مرة أخرى وهو رستم قاسمي.
وأخذ رستم قاسمي على عاتقه مسؤولية تنمية العلاقات السورية الإيرانية، والتقى مع بشار الأسد مرات عدة. وخلال زيارته إلى سوريا في ینایر/كانون الثاني 2015، طمأن حكومة النظام السوري بأنه وعلى الرغم من انخفاض أسعار النفط الإيراني 50% إلا أن بلاده ستستمر في تزويد سوريا بالنفط