عقول مبرمجة على القتال لحساب إيران
حمّل السفير الأميركي لدى اليمن، الخميس، الحوثيين مسؤولية تعثر تنفيذ اتفاق ستوكهولم بشأن الحديدة، معتبرا أن سلاح الميليشيا المدعومة من إيران، يمثل خطرا على دول أخرى في المنطقة.
وقال السفير ماثيو تولر في مؤتمر صحافي أذيع تلفزيونيا من مدينة عدن بجنوب اليمن حيث المقر المؤقّت للحكومة المعترف بها دوليا “نشعر بإحباط بالغ لما نراه من تأخير ومماطلة من جانب الحوثيين في تنفيذ ما اتفقوا عليه في السويد، لكن لدي ثقة كبيرة في مبعوث الأمم المتحدة وفي ما يقوم به”.
وأضاف “نحن مستعدون للعمل مع آخرين كي نحاول تنفيذ هذه الاتفاقات ونرى ما إذا كان بوسع الحوثيين في الواقع إبداء نضج سياسي والبدء في خدمة مصالح اليمن بدلا من العمل بالنيابة عمن يسعون لإضعاف وتدمير اليمن”.
وكلام السفير تولر هو أحدث تأكيد للموقف الأميركي السلبي من الحوثيين، ولنظرة واشنطن للجماعة المتمرّدة باعتبارها ذراعا لإيران وامتدادا لسياستها في المنطقة، وهو ما دفع إدارة الرئيس دونالد ترامب مؤخّرا لرفض طلب الكونغرس وقف الدعم للتحالف الذي تقوده السعودية ضد الحوثيين في اليمن.
وعبّر عن ذلك وزير الخارجية مايك بومبيو معتبرا دعم بلاده للتحالف جزءا من جهود مواجهة السياسات الإيرانية في المنطقة ومحاولة طهران التمدّد في عدد من بلدانها، وحتى لا “ينتقل اليمن إلى السيطرة الإيرانية، وحتى لا يصبح دولة يحركها نظام إيران الفاسد”.
ونسف المتمرّدون الحوثيون تفاؤل المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث بشأن تحقيق “تقدّم” قال إنّه تحقّق باتجاه تنفيذ اتفاق الحديدة بما من شأنه للمضي خطوات أبعد في تحقيق السلام بالبلد.
وأكّدت الجماعة المدعومة من إيران على لسان أحد أكبر مسؤوليها أنّها لن تتنازل عن سيطرتها على الحديدة، الأمر الذي أثار، مجدّدا الأسئلة بشأن طبيعة الحراك الأممي الذي يقوده الدبلوماسي البريطاني السابق ومدى جدواه في إخراج اليمن من الواقع الصعب وتجنيب مواطنيه المزيد من المعاناة.
ولم يتردّد مهتمّون بالملف اليمني في التساؤل عما إذا كان “غريفيث بصدد كسب الوقت لمصلحة جهة ما عبر ترويج أوهام بشأن إمكانية تحقيق السلام”.
واحتجت الحكومة اليمنية، الخميس، على ما اعتبرته “تجاوز مهام” من قبل موظفين يمثلون آلية الأمم المتحدة للتحقق والتفتيش ومدير مكتب المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث.
وجاء ذلك في رسالة لوزير الخارجية خالد اليماني إلى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش نشرها الحساب الرسمي للوزارة على تويتر.
وقال اليماني إن الموظفين الأمميين عقدوا السبت الماضي اجتماعا مع سلطات الحوثيين في صنعاء “بغرض بحث إجراءات بدء عمل آلية الأمم المتحدة للتحقق والتفتيش في موانئ الحديدة، الخاضعة لسيطرة الحوثيين”.
وأضاف أن حكومته ترفض هذه الممارسات غير المسؤولة، التي لا يمكن القيام بها دون توجيهات مباشرة من المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث ودون تفاهم وتنسيق وموافقة الحكومة اليمنية.
وطالب اليماني غريفيث تأكيد عدم تكرار تلك الممارسات مطلقا، لأنها تتجاوز الصلاحيات الممنوحة له، مشددا على أن “الحكومة ستتخذ كافة الإجراءات القانونية الضرورية لضمان تأكيد سيادتها واستقلالها وتنفيذ واجباتها الدستورية، ولن تسمح بانتهاك حقوقها أو الانتقاص منها”.
وأشار إلى أن إنشاء آلية الأمم المتحدة للتحقق والتفتيش جاء بطلب من الحكومة اليمنية في أغسطس 2015، بموجب قرار مجلس الأمن 2216، بهدف فرض الحظر على وصول الأسلحة إلى الحوثيين من إيران.
وقال الوزير إنّ “التفويض الممنوح للآلية لا يخولها التعامل خارج سلطة الحكومة الشرعية في اليمن، أو التعدي على وحدة وسيادة واستقلال أراضي الجمهورية”، مشدّدا على أنّ دور الأمم المتحدة في موانئ الحديدة والصليف ورأس عيسى مرهون بالتقدم الذي يتمّ تحقيقه في تطبيق اتفاق الحديدة وانسحاب الحوثيين، وأنّ اتفاق ستوكهولم برمته، قد تعثر تحقيق أي تقدم في تنفيذه.
وينسف هذا الاستنتاج الأخير ما كان أعلنه مكتب المبعوث الأممي إلى اليمن، الثلاثاء، بشأن تحقيق “تقدم ملموس” نحو الاتفاق على تنفيذ المرحلة الأولى من إعادة الانتشار في الحديدة، طبقا لاتفاق الذي تمّ التوصل إليه في ديسمبر الماضي إثر محادثات بين الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا وجماعة الحوثي المتمرّدة، احتضنتها العاصمة السويدية ستوكهولم برعاية أممية.
والرسالة الجديدة تكريس لتوتّر العلاقة بين الحكومة اليمنية والمبعوث الأممي إلى اليمن، وقد تجلّى ذلك على لسان عسكر زعيل، عضو الفريق الحكومي المفاوض في مشاورات السويد الذي وصف عمل “مارتن غريفيث وفريقه، والجنرال مايكل لوليسغارد رئيس لجنة الأمم المتحدة في الحديدة وفريقه” بـ”من يحرث في البحر”.
وقال زعيل مخاطبا غريفيث عبر تغريدات في تويتر “ما أسميتموه تقدما ملموسا في تنفيذ الاتفاق، أصبح سرابا في ميزان الإرهاب الحوثي، بعد لقاء محمد علي الحوثي مع وكالة أسوشيتد برس”. وتابع “ما قاله الحوثي، هو استخفاف بالأمم المتحدة وبجهودها الرامية للسلام واستهتار بالمجتمع الدولي”.
ما أورده محمد علي الحوثي في أسوشيتد برس هو استخفاف بالأمم المتحدة وبجهودها الرامية للسلام واستهتار بالمجتمع الدولي ويقول انكم لم تفهموا الصفقة الذي عقدها معكم ان انسحابهم شكلي وان السيطرة ستضل فعلية، ونحن نريد جوابا واضحا هل ذهبتم لعقد صفقة معه ضد اليمنيين كما ذكر؟
وأعلن غريفيث الثلاثاء الماضي في بيان أنه عقب نقاشات بناءة مع الحكومة اليمنية والحوثيين، “هناك تقدم ملموس نحو الاتفاق على تنفيذ المرحلة الأولى من إعادة الانتشار طبقا لاتفاق الحُديدة”. وأضاف “سيتم عرض التفاصيل الفنية على الطرفين في لجنة تنسيق إعادة الانتشار للتصديق عليها”، دون ذكر تفاصيل التقدم الملموس المشار إليه.
وذهب مكتب غريفيث بعيدا في تفاؤله، مشيرا إلى أن الأمم المتحدة تأمل أن يُمهد “هذا التقدم” الطريق نحو التوصل إلى حل سياسي شامل في اليمن.
غير أنّ جماعة الحوثي لم تتأخر في نسف ذلك التفاؤل مؤكّدة على لسان محمد علي الحوثي رئيس ما يعرف باللجنة الثورية العليا، أنّها لن تتخلى عن مدينة الحديدة. وذكرت وكالة أنباء أسوشيتد برس نقلا عن الحوثي قوله إنّ جماعته وافقت على سحب قواتها من المدينة “لكنها ستظل تحتفظ بالسيطرة عليها”، معتبرا أن الحكومة اليمنية “أساءت فهم الاتفاق. والانسحاب الذي تروج له أمر مستحيل”.
وفي ديسمبر الماضي، توصلت الحكومة اليمنية والحوثيون، إثر مشاورات جرت في العاصمة السويدية ستوكهولم، إلى اتفاق يتعلق بحل الوضع بمحافظة الحديدة الساحلية إضافة إلى تبادل الأسرى والمعتقلين لدى الجانبين، الذين يزيد عددهم عن 15 ألفا. لكن تطبيق أي من بنود الاتفاق لم يتمّ.