كلمة سواء ضد التشدد وداعميه
اقترحت دولة الإمارات العربية المتحدة إنشاء آلية ضمن منظومة التعاون الإسلامي لمواجهة التحريض على الإرهاب والتطرف ومنع دعم الإرهابيين واحتضانهم وتمويلهم، داعية إيران إلى مراجعة سياستها والتوقف عن تقويض أمن المنطقة ونشر الفوضى وتغذية النزاعات الطائفية والمذهبية.
كما جدّدت الإمارات في افتتاح الدورة السادسة والأربعين للمجلس الوزاري لمنظمة التعاون الإسلامي التي انطلقت أشغالها، الجمعة بأبوظبي، التأكيد على الدور المأمول للمنظمة في “صون السلم والأمن الدوليين وتعزيز التعاون الإقليمي والدولي حتى تتمكن من تحقيق هدفها الرئيسي المنصوص عليه في المادة الأولى من ميثاقها”.
وحرص الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية والتعاون الدولي الإماراتي، في كلمته الافتتاحية للدورة التي يرأسها، على إبراز المنظور الإماراتي للإسلام كـ”دين للتسامح والسلامة والسلام، يدعو إلى الوسطية ونبذ التطرف والإرهاب”.
وقال إنّ دولة الإمارات ترى أن “تزايد حدة التوترات الأمنية خاصة استمرار النزاعات وانتشار الفكر المتطرف والإرهاب في العالم على أيدي جماعات خارجة عن القانون فقدت كل معاني الإنسانية وتستّرت بغطاء الدين، واستمرار التدخلات في شؤون الدول، وعدم احترام السيادة، تتطلب منا التصدي لهذه التحديات التي تلحق أضرارا بالغة بالعالم الإسلامي وتدمّر مكتسباته وإرثه الحضاري وتتعارض مع تحقيق التنمية التي تتطلع إليها شعوبنا”.
وتسلّمت الإمارات رئاسة المجلس الوزاري لمنظمة التعاون الإسلامي من بنغلاديش التي ترأست أشغال الدورة السابقة الخامسة والأربعين. وتجري الدورة الحالية بحضور الهند كضيف شرف ممثلة بوزيرة خارجيتها سوشما سواراج، وهو حضور خصّه الشيخ عبدالله بن زايد بالترحيب مشيرا إلى ما تمثّله “الهند من وزن سياسي دولي وإرث حضاري وثقافي ومكون إسلامي مهم”.
وتقول أوساط مواكبة لأعمال الدورة الحالية للمجلس الوزاري لمنظمة التعاون الإسلامي، إنّ الإمارات تضفي باحتضانها هذه الدورة طابعها الخاص على العمل الإسلامي المشترك، بعد أن تحوّلت إلى منبر دولي لنشر قيم التسامح والاعتدال في وجه نوازع التشدّد وما يلحق به من عنف وإرهاب.
ودعا وزير الخارجية الإماراتي في هذا الإطار “إلى العمل على اعتماد التدابير الضرورية لمنع التحريض على الإرهاب والتطرف بجميع أشكاله خاصة عبر وسائل الإعلام بما في ذلك دراسة إنشاء آلية لتعمّم على دولنا من أجل التعامل معها على نحو حاسم والكف عن تقديم الدعم المباشر وغير المباشر للكيانات أو الأشخاص المتورطين في الإرهاب والتطرف وعدم احتضانهم أو توفير ملاذ آمن لهم أو تمويلهم أو مساعدتهم”.
وشرح الوزير في كلمته أنّ اعتماد بلاده لعام 2019 عاما للتسامح جاء في إطار جهودها لنشر ثقافة التسامح والتعايش السلمي واحترام التعددية الثقافية والدينية وتعزيز القيم العالمية.
وقال “بادرت الدولة خلال الشهر الماضي باستضافة لقاء الأخوّة الإنسانية التاريخي والذي شارك فيه فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف وقداسة البابا فرنسيس بابا الكنيسة الكاثوليكية والذي تمخض عنه توقيع الوثيقة التاريخية في 4 فبراير الماضي لتكون إعلانا مشتركا عن نوايا صادقة من أجل دعوة كل من يحملون في قلوبهم إيمانا بالله وبالأخوّة الإنسانية أن يتواجدوا ويعملوا معا من أجل أن تصبح هذه الوثيقة دليلا للأجيال القادمة يأخذهم إلى ثقافة الاحترام المتبادل في جو من إدراك النعمة الإلهية التي جعلت من الخلق جميعا أخوة”.
ودأبت الإمارات على أن تقرن في منظورها لمحاربة التشدّد والإرهاب بين تحقيق الأمن والاستقرار وإقرار السلام، والظروف الاجتماعية للشعوب ومدى توفّق الدول في تحقيق التنمية الشاملة والمتوازنة.
وأكد الشيخ عبدالله بن زايد “أن تردي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية أحد أبرز التحديات الرئيسية التي تواجه دول منظمة التعاون الإسلامي، مشيرا إلى أن التجربة الناجحة لدولة الإمارات، جعلتنا نؤمن بأن القيادة الرشيدة والعمل بعزم على تحقيق الازدهار مع استشراف المستقبل هو ما يصنع الأمم ويحصنها من الحروب لذلك حرصت بلادي على أن تشمل سياستها الخارجية أبعادا تنموية وإنسانية وثقافية لمساعدة دول العالم الإسلامي والمساهمة في تحقيق أهداف التنمية المستدامة”.
وأضاف “إننا على قناعة بأن علاقات التعاون الاقتصادي والتجاري بين الدول الأعضاء في المنظمة هي إحدى الوسائل التي تدعم التنمية الاقتصادية والاجتماعية من خلال توفير الضمانات والحوافز لتشجيع انتقال رؤوس الأموال والاستثمارات فيما بين دولنا وإزالة العوائق الجمركية المطبقة على الاستيراد والتصدير”.
وأشاد “بالتقدم الذي أحرزته المرأة وتمكينها باعتبارها حجر الأساس في عملية التنمية”، منبّها إلى ضرورة “العناية الجدية بتربية الشباب وتعليمهم وتنشئتهم على الأخلاق واكتساب المعرفة، فالتربية والتنوير عاملان أساسيان لتحقيق رفاهية الإنسانية ودعوة الناس إلى التحلي بفضائل الكرم والتسامح والصبر التي حض عليها ديننا الحنيف”.
وفي سياق عملي، عبّر الشيخ عبدالله بن زايد عن طموح بلاده “إلى تنفيذ برنامج عمل منظمة التعاون الإسلامي حتى 2025 والمجالات ذات الأولوية وخاصة العلوم والتكنولوجيا والابتكار والتعليم والطاقة المتجددة والصحة وتمكين النساء والشباب والاستفادة من قدراتهم للوصول إلى مجتمعات قوية ومتماسكة وبالتالي دول مستقرة وآمنة”.
وعرض الشيخ عبدالله بن زايد خلال كلمته للدور الإيراني السلبي في المنطقة مجدّدا الدعوة لطهران “إلى أن تراجع سياستها لبناء علاقات ودية مع دول الجوار مبنية على عدم التدخل في الشؤون الداخلية وتقويض أمن المنطقة من خلال نشر الفوضى وتغذية النزاعات الطائفية والمذهبية والتوقف عن دعم الجماعات التي تؤجج هذه النزاعات والتوقف عن دعم وتمويل وتسليح الميليشيات والتنظيمات الإرهابية التي تنتهك بكل وضوح ميثاقنا وميثاق الأمم المتحدة والقيم الإنسانية النبيلة”.