إرهابيون بحكم تصرفاتهم سواء صنفتهم واشنطن أم لم تصنفهم
إدراج جماعة الحوثي المتمرّدة في اليمن على لوائح الإرهاب من قبل الولايات المتحدة، سيشكّل في حال تنفيذه ضربة قاصمة للجماعة في مرحلة حرجة بالنسبة إليها تواجه خلالها ضغوطا عسكرية غير مسبوقة على الأرض، والتلويح باتخاذ تلك الخطوة في الوقت الحالي يتضمّن إنذارا للجماعة ولداعمتها إيران من التمادي في عدم الاستجابة لجهود السلام التي انضمت واشنطن للدعوة إليها بإلحاح.
تواجه جماعة الحوثي المتمرّدة في اليمن تحدّيا جديدا يضاعف متاعبها الناتجة عن الضغط العسكري الشديد الذي تواجهه على الأرض، وبدأ يرخي قبضتها على بعض أهم المناطق التي تسيطر عليها منذ خريف سنة 2014.
وتدرس إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب تصنيف ميليشيا الحوثي جماعة إرهابية، وذلك في إطار سلسلة الإجراءات التي تتّخذها واشنطن في مواجهة الجماعات المرتبطة بإيران في أنحاء الشرق الأوسط، على غرار حزب الله في لبنان، وعدد من الميليشيات الشيعية في العراق.
ونقلت صحيفة واشنطن بوست عن مسؤولين أميركيين تحفظت على ذكر هوياتهم بطلب منهم، القول إن إدارة ترامب نظرت في مجموعة من الإجراءات المحتملة لمعاقبة الحوثيين، دون أن تتوصل إلى حسم قرارها بهذا الشأن إلى حدّ حتى الآن.
ورجّحت الصحيفة في مقال ممضى من قبل مراسلتها المتخصصة بتغطية أخبار البنتاغون والقضايا العسكرية والأمن القومي، ميسي ريان، أن يؤدي التصنيف إلى تجميد الأصول المالية لجماعة الحوثي وفرض حظر سفر وجملة من العقوبات الأخرى على كلّ من يتولى تقديم الدعم للجماعة.
ومعلوم أن جماعة الحوثي تتلقى دعمها من قبل طهران التي تستخدمها كذراع من أذرعها وإحدى أدواتها في الحروب بالوكالة في المنطقة، وهو الدافع الأساسي وراء الحزم الذي واجهت به دول في المنطقة زحف الحوثيين على مناطق اليمن، وتشكيلها تحالف عسكريا بقيادة السعودية للتصدّي لهم واستعادة تلك المناطق من سيطرتهم.
وقال جايسون بلازاكيس ذو الخبرة بعمليات إعداد قوائم الإرهاب، إن مثل هذا التحرك ضد الحوثيين سيسمح للحكومة الأميركية بمقاضاة الأفراد الذين يساعدون الجماعة.
وتستند الإدارات الأميركية في تعيينها للجماعات الإرهابية على ما تشكّله من تهديد الأمن القومي للولايات المتحدة. ويمكن لإدارة ترامب تطبيق هذا المعيار على الحوثيين الذين نفّذوا هجمات صاروخية على سفن تابعة للبحرية الأميركية في المياه اليمنية، وردّ عليها الجيش الأميركي في أكتوبر 2016 بإطلاقه صواريخ توماهوك على مواقع رادار ساحلية في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون، وفق ما أشارت إليه ريان في مقالها.
وأشار المسؤولون الذين نقلت عنهم الصحيفة إلى أن الخطوة الأميركية ستؤدّي في حال تنفيذها إلى فرض عزلة أكبر على الميليشيا، لكنّهم نبّهوا إلى وجود مخاوف من تفاقم الأزمة الإنسانية في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين.
ودأب المتمرّدون الموالون لإيران على توظيف الأوضاع الإنسانية في اليمن والمساومة عليها لتحقيق مكاسب سياسية، إضافة إلى استخدامهم المدنيين بشكل مباشر خلال المعارك العسكرية، على غرار المعركة الدائرة حاليا بمدينة الحديدة على الساحل الغربي لليمن، حيث حذّرت منظمة العفو الدولية من أنّ ميليشيا الحوثي بصدد عسكرة المنشآت المدنية مشيرة إلى نشرها قنّاصة على أسطح المستشفى الوحيد المستخدم في المدينة.
ودعت الولايات المتحدة بإلحاح إلى وقف الحرب في اليمن وعودة الأفرقاء إلى طاولة الحوار مقترحة على لسان وزير الدفاع جيمس ماتيس أن يتم ذلك في غضون شهر.
لكنّ الأمر لم يبد واقعيا في ظلّ الرفض الصريح من قبل الحوثيين للدعوة الأميركية، ومهاجمتهم واشنطن واتهامها بأنها طرف مباشر في الحرب.
وبالنسبة للمطّلعين على الشأن اليمني، فإنّ موقف جماعة الحوثي، ليس سوى موقف إيراني مقنّع على اعتبار أنّ طهران غير معنية بتحقّق السلام والاستقرار في اليمن بقدر اهتمامها بتواصل الحرب التي تخدم مصالحها حيث تبقي البلد بؤرة أخرى للتوتّر في المنطقة العربية، وساحة للصراع بالوكالة ضدّ قوى إقليمية ودولية.
ويستند هؤلاء إلى أنّ الوضع العسكري للحوثيين والضغوط الميدانية الشديدة المفروضة عليهم بالتزامن في جبهات الحديدية والضالع والبيضاء وصعدة، لا تسمح لهم منطقيا برفض دعوات وقف القتال والعودة إلى طاولة الحوار، وأنّ دافع الرفض هو الضغوط الإيرانية المسلّطة عليهم لمواصلة الحرب بأي ثمن.
ولم يستطع الحوثيون الصمود أمام الحملة العسكرية الضارية التي شنتها عليهم القوات اليمنية المشتركة بدعم من التحالف العربي في الحديدة أهم منطقة خاضعة لسيطرتهم، واضطرّوا للتراجع أمام زحف الجيش وفصائل المقاومة اليمنية التي تمكّنت بالفعل من دخول المدينة. وأعلنت الحكومة المعترف بها دوليا عن توسّع نطاق العملية العسكرية الجارية لبسط السيطرة الكاملة على المدينة.
وذكرت في بيان نشرته الجمعة أنّ “التحالف العربي أطلق عملية عسكرية جديدة واسعة النطاق لتحرير ما تبقى من مدينة الحديدة من ميليشيا الحوثي الانقلابية”.
وأضافت أنّ “قوات الجيش الوطني تقدّمت باتجاه شمال وغرب الحديدة ومن كل المحاور وبإسناد من قبل التحالف العربي”. وتابعت أن العملية العسكرية كانت مباغتة لم تتوقعها الميليشيا، وأنّ المدينة تشهد معارك عنيفة وسط تقدم كبير لقوات الجيش الوطني.