تبييض الأموال على قارعة الطريق
تلقت إيران ضربة جديدة من مجموعة العمل المالي الدولية (فاتف) التي أمهلتها حتى فبراير المقبل لاستكمال إصلاحات تجعلها ملتزمة بالأعراف الدولية وإلا فسوف تواجه عواقب.
وتأتي التحذيرات بينما تترقب طهران دخول العقوبات الأميركية حيز التنفيذ في الخامس من نوفمبر القادم، ما سيقيد نشاطها الاقتصادي وخاصة إمداداتها النفطية.
ويجمع محللون على أن الوضع الاقتصادي في إيران وصل إلى طريق مسدود، ولم يعد معه بالإمكان تدارك الأزمة في ظل تفاقم معاناة المواطنين واستفحال الفساد وسيطرة السلطة الدينية على ثروات البلاد وتسخيرها للأجندات السياسية الخارجية وحرمان الشعب منها طيلة أربعة عقود.
وذكرت المجموعة بعد اجتماع لأعضائها مؤخرا في بيان أن “إيران لم تتحرك بشأن 9 من بين 10 من قواعدها الإرشادية رغم تعهدها ببلوغ المستوى المطلوب”.
وقال مارشال بيلينغسلي مساعد وزير الخزانة الأميركي لشؤون مكافحة تمويل الإرهاب بعد أن رأس اجتماع فاتف “نتوقع أن تتحرك إيران بسرعة لتنفيذ التعهدات التي أخذتها على عاتقها قبل فترة طويلة”.
وأضاف “تماشيا مع ذلك، نتوقع أن تتبنى جميع تلك المعايير بحلول فبراير 2019 وإذا لم تفعل سنتخذ خطوات أخرى”.
وقررت المجموعة المالية، التي تتخذ من العاصمة الفرنسية باريس مقرا لها، مواصلة تعليق إجراءات مضادة، يمكن أن تصل إلى تقييد أو حتى حظر التعاملات مع الدولة.
ونسبت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية للمتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، بهرام قاسمي، أنه يرحب بقرار تمديد الموعد النهائي إلى فبراير المقبل.
ولكنه انتقد الرئاسة الأميركية لفاتف قائلا إنها “محاولة لإعادة إدراج اسم إيران في القائمة السوداء الدولية لغسيل الأموال”، دون أن يذكر تفاصيل.
ووافق البرلمان الإيراني على بعض الإجراءات الجديدة لمواجهة تمويل الإرهاب في وقت سابق من الشهر الحالي تحت ضغط لتبني المعايير الدولية، لكن فاتف تقول إنها يمكنها فقط أن تأخذ بعين الاعتبار التشريعات السارية بشكل كامل.
ومنح أعضاء فاتف بالفعل طهران مهلة حتى نهاية الشهر الجاري لتتوافق قوانينها بشأن مكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب مع القواعد الإرشادية للمجموعة.
وإذا لم يحدث هذا، فإن إيران ستخاطر بالعودة إلى قائمة سوداء للدول غير الملتزمة مما سيدفع المستثمرين والبنوك الأجانب للعزوف عن التعامل معها.
ولم يبق أمام السلطات الإيرانية الكثير من الخيارات في مواجهة الضغوط الأميركية إلا سند أوروبي لا يبدو متينا، وفق الخبراء، في ظل ممارسات إيرانية قد تقوض الدعم الأوروبي للاتفاق النووي ولجهود دول أوروبية تستهدف استمرار التدفقات المالية لطهران.
وتسعى بريطانيا وفرنسا وألمانيا للإبقاء على بعض القنوات المالية مفتوحة إلى إيران بعد انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي المبرم في عام 2015 وإعادة فرض عقوبات على طهران.
ويقول محللون اقتصاديون إن إدراج طهران في القائمة السوداء للمجموعة المالية الدولية قد يجعل ذلك عمليا أمرا شبه مستحيل.
وتحتل إيران مراكز متأخرة على مؤشر منظمة الشفافية العالمية، إذ تمّ تصنيفها العام الماضي في المرتبة الـ131 عالميا في مكافحة الفساد من بين 176 دولة يرصدها المؤشر، ما يعني أن معظم مؤسسات الدولة داخل دائرة المحسوبية والاستغلال.