في غزة لم يعد الموت بحاجة إلى قنابل أو رصاص، بل يكفي أن يُغلق معبر أو تُمنع شاحنة مساعدات، حتى تتحول حياة آلاف العائلات إلى انتظار ثقيل بين الحياة والموت.
الجوع هناك ليس فكرة مجرّدة؛ إنه يمشي في الأزقة، ينام في عيون الأطفال الغائرة، ويثقل صدور الأمهات اللواتي يواجهن عجزًا لا يرحم.
أرقام صادمة تكشف المأساة
وفق تقارير الأمم المتحدة الأخيرة:
"الجوع في غزة لم يعد خطرًا متوقعًا… بل واقعًا يوميًا يهدد بقاء مئات الآلاف." — تقرير الأمم المتحدة.
هذه الأرقام ليست جداول باردة، بل وجوه تنتظر رغيف خبز أو حبة دواء لا تصل.
المستشفيات بلا دواء والأطفال بلا حليب
في مستشفى ناصر بخان يونس، ينام المرضى على الأرض بلا أسرّة ولا أجهزة، فيما يواجه 75 ألف طفل دون العاشرة خطر سوء التغذية المباشر.
"127 طفلًا ماتوا جوعًا منذ يوليو… هؤلاء لم يسقطوا تحت القصف بل قضوا بصمت." — منظمة الصحة العالمية.
كما سجّلت منظمة الصحة العالمية منذ يوليو وفاة 348 شخصًا بسبب الجوع والأمراض الناتجة عنه، بينهم 127 طفلًا. هؤلاء لم يسقطوا تحت الأنقاض، بل ماتوا بصمت بعدما حُرموا من أبسط حقوق الحياة.
سياسة ممنهجة وليست كارثة طبيعية
المجاعة في غزة ليست كارثة طبيعية ولا ظرفًا عابرًا؛ إنها سياسة احتلالية ممنهجة:
"إغلاق المعابر وتحويل الغذاء إلى سلاح هو جريمة حرب موثقة في القانون الدولي."
بهذا يتحول الجوع إلى أداة حرب توازي القصف والتدمير، لتُعرّي القوانين الدولية وتكشف عجزها.
صمت عالمي شريك في الجريمة
رغم النداءات المتكررة من الأمم المتحدة واليونيسف ومنظمة الصحة العالمية، تبقى غزة محاصرة وأطفالها يموتون ببطء.
لم يعد الصمت الدولي مجرد تقاعس، بل شراكة فعلية في الجريمة، إذ يوفّر غطاءً للاحتلال لمواصلة سياساته القاتلة.
"ما يجري في غزة إبادة بطيئة تُرتكب أمام العالم بأسره، والسكوت عنها شراكة في الجريمة."
وأختم مادتي بأن ما يجري في غزة يرقى إلى مستوى جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية وفق اتفاقيات جنيف الأربع والبروتوكول الإضافي الأول لعام 1977 الذي يحظر تجويع المدنيين كأسلوب من أساليب الحرب، كما يندرج ضمن اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية لعام 1948 ونظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية.
وعليه، فإننا نوجّه الاتهام المباشر إلى:
فالجريمة ثابتة، الأدلة دامغة، والضحايا يسقطون كل يوم. إنها جرائم لا تسقط بالتقادم، وسيأتي اليوم الذي يقف فيه قادة الاحتلال، ومعهم المتواطئون، في قفص العدالة كما وقف مجرمو الحروب في نورمبرغ.
غزة اليوم ليست مجرد قضية سياسية، بل صرخة إنسانية كبرى تفضح سقوط العدالة الدولية وتدين عالمًا ارتضى أن يرى الأطفال يموتون جوعًا وبطئًا… ثم يواصل صمته المخجل.