اصطدام جديد مع باسيل
انضم رئيس مجلس النواب نبيه برّي إلى الحملة المتبادلة بين حزب الله والتيّار الوطني الحر الذي أسسه رئيس الجمهورية ميشال عون.
وهاجم برّي رئيس “التيّار” جبران باسيل دون أن يسمّيه ودون الدخول في التفاصيل.
وقال رئيس مجلس النوّاب في كلمة وجهها إلى اللبنانيين بمناسبة ذكرى مرور ثلاثين عاما على الانسحاب الإسرائيلي من جنوب لبنان و”يوم القدس” الذي تحتفل به إيران “حذار من الأصوات النشاز التي بدأت تعلو في لبنان منادية بالفيدرالية كحلّ للأزمات”.
وأضاف بري أن “الأوان قد حان ليوقف اللبنانيون المضاربات السياسية التي تؤدي إلى إرباك النظام العام، ووقف إطلاق التهم يمينا ويسارا”.
وتابع “لنتحمل مسؤولياتنا ونحرر لبنان قضائيا وسياسيا”.
وشدد بري على ضرورة إعادة إنتاج الحياة السياسية في لبنان انطلاقا من وضع قانون انتخابي جديد خارج النظام الطائفي يكون فيه لبنان دائرة انتخابية واحدة فقط، وتحرير القضاء وتأمين استقلاليته.
وكان رئيس مجلس النوّاب اللبناني، وهو رئيس حركة “أمل” الشيعية أيضا، اصطدم بباسيل عدّة مرّات في الماضي، خصوصا بعدما وصفه الأخير بـ”البلطجي” قبيل الانتخابات النيابية اللبنانية الأخيرة قبل سنتين.
واعتبرت مصادر سياسية لبنانية أن برّي تضايق كثيرا من كلام رئيس التيّار الوطني الحر الذي أكد في كلمة له ألقاها الأسبوع الماضي ضرورة اعتماد “اللامركزية المالية” في لبنان، مع ما يعنيه ذلك من فصل بين المناطق ذات الأكثرية المسيحية وتلك ذات الأكثرية المسلمة.
وبدا كلام باسيل وقتذاك محاولة واضحة لاستمالة الجمهور المسيحي في لبنان الذي بدأ يشكو من ممارسات حزب الله الذي يمتلك القدرة على تهريب البضائع إلى الداخل اللبناني دون أن يدفع عليها رسوما جمركية.
ولا يخفي التجار المسيحيون تضايقهم إلى أبعد الحدود من هذا الوضع الذي يحرمهم من منافسة البضائع التي يدخلها حزب الله إلى السوق اللبنانية ويبيعها بأسعار رخيصة نسبيا نظرا إلى أنّه لا يدفع الرسوم الجمركية.
وأشارت المصادر ذاتها إلى أنّ تضايق الشارع المسيحي من تصرفات حزب الله جعل باسيل يدخل سوق المزايدات في محاولة لاستعادة القواعد الشعبية لـ”التيّار الوطني الحر” التي بدأت تشكك في الفائدة من الحلف المسيحي – الشيعي الذي أوصل ميشال عون إلى موقع رئيس الجمهورية.
ويعاني لبنان أزمة اقتصادية أصابته بالشلل وشهد شحا في الدولارات وفرْضَ البنوكِ قيودا صارمة على حركة رؤوس الأموال وارتفاع معدل البطالة وتخلف البلاد عن سداد ديونها السيادية في مارس، وكل هذا حتى قبل الضربة الناجمة عن تفشي فايروس كورونا.
ويخشى مستوردو المواد الغذائية أن يصبح الدولار الشحيح على وشك النضوب وأن تصل الدولارات المتاحة إلى مستوى سعر يجعل المواد الغذائية بعيدة عن متناول طبقة اللبنانيين الفقراء التي بدأ حجمها يتنامى.
وقال هاني بحصلي، وهو مستورد كبير للمواد الغذائية، “في غضون شهرين، إذا استمر الاتجاه الحالي كما هو، لن نتمكن من إيجاد ما يكفي من الدولارات للقيام بتحويلات إلى الخارج لشراء مواد أساسية”.
وأضاف أن واردات المواد الغذائية تتطلب تمويلا يبلغ نحو خمسة ملايين دولار يوميا وأن المستوردين يواجهون صعوبات متزايدة في توفير ما يكفي من العملة لإتمام طلبيات جديدة.
وتابع قائلا “إن لم تتمكن من تمويل خمسين في المئة من شحنتك فإن الشحنة بأكملها تضيع”.
وخسرت الليرة اللبنانية أكثر من نصف قيمتها أمام الدولار الأميركي في مكاتب صرف العملات الأجنبية، ما عزز التوقعات حول تسجيل تضخم تزيد نسبته عن 50 في المئة لعام 2020.
ودخل لبنان في محادثات مع صندوق النقد الدولي هذا الشهر آملا في الحصول على مساعدات قدرها عشرة مليارات دولار ستمول جزئيا برنامج إصلاح اقتصادي لخفض الإهدار في الإنفاق الحكومي وإصلاح القطاع المصرفي الغارق في الخسائر.
وطالب بري الحكومة اللبنانية بمغادرة محطة انتظار ما ستؤول إليه المفاوضات مع صندوق النقد الدولي والدول المانحة، قائلا “إنّ المطلوب هو الأعمال بدلاً من الأقوال، والانطلاق بعمل ميداني بعيدًا عن البرامج الورقية”.
وكان رئيس الوزراء اللبناني حسان دياب قد وعد الخميس ببدء العمل على كبح تراجع قيمة العملة الوطنية ودعم السلع الأساسية، وذلك في كلمة ألقاها بمناسبة مرور مئة يوم على نيل حكومته الثقة في هذه الدولة التي تكابد أزمة مالية حادة.