تحت الضغط
أعلن البرلمان التونسي، السبت، عقد جلسة عامة الجمعة المقبلة، للتصويت على الثقة بأعضاء حكومة الحبيب الجملي.
وقال رئيس البرلمان راشد الغنوشي إن “المكتب تناول عددا من المسائل، أولاها تتعلّق بالجلسة العامة لمنح الثقة للحكومة، وطرحت عدّة تواريخ، وانتهى القرار إلى تحديد عقد الجلسة العامة يوم الجمعة 10 يناير الجاري”.
وأوضح الغنوشي، في تصريح عقب اجتماع مكتب البرلمان، أنه تم تأخير عقد الجلسة العامة إلى الجمعة بعد أن تم اقتراح عقدها الثلاثاء القادم، وذلك “لتوفير الفرصة أمام الكتل للحوار والنقاش ولتنظيم مزيد من المشاورات والتوافقات للتصويت على الحكومة”.
لكنّ متابعين للشأن التونسي يقولون إن هذا التأخير في عقد جلسة منح الثقة للحكومة يعود أساسا إلى المخاوف من ألا تحصل التركيبة الحكومية التي تم الإعلان عنها في وقت سابق على الأغلبية اللازمة لتمريرها.
وقال زهير المغزاوي، النائب عن الكتلة الديمقراطية، إن “النهضة تحاول كسب المزيد من الوقت قصد إقناع بعض الكتل بالتصويت لصالحها” إذ أن رئيس الحكومة المكلف لم يضمن “الحزام السياسي الكافي” لتمرير حكومته.
ويأتي تأخير موعد الجلسة البرلمانية بهدف تغيير البعض من الأسماء التي أثار وجودها ضمن التركيبة الحكومية جدلا كبيرا بين الأوساط السياسية وذلك تحت ضغط على الجملي من قبل حركتي النهضة وقلب تونس اللذين تنتمي إليهما أغلب الأسماء المقترحة لتقلد حقائب وزارية.
وأفاد الغنوشي بأن “الأصل ألا تتم إضافة تحوير على قائمة الحكومة، لكن ما دامت القائمة لم تقدّم إلى الجلسة العامة يبقى الأمر متاحا”. ولم يستبعد الغنوشي إمكانية تعديل تركيبة الحكومة.
ويطرح احتمال إدخال تعديل على تركيبة الحكومة التي أعدها الجملي مشكلات قانونية ترتبط بالإجراءات الدستورية، فيما قال سياسيون إن المسألة مرتبطة بالضغوط المسلطة على رئيس الحكومة المكلف من قبل الأحزاب.
وقال نبيل حجّي، عضو مكتب مجلس نواب الشعب والنائب عن كتلة الديمقراطية، إن إدخال مكتب مجلس نواب الشعب في حسابات وتجاذبات سياسية يعد “عبثا بالدولة والحكومة”.
وأكد حجّي، في تصريح تداولته وسائل إعلام محلية، أن أي تغيير في التركيبة الحكومية المقترحة سيكون أمرا “غير دستوري” و”بمثابة إعلان ضمني عن أن التركيبة قد سقطت”.
وتحتاج حكومة الحبيب الجملي إلى الأغلبية المطلقة من الأصوات (109 أصوات من مجموع 217) لنيل ثقة البرلمان.
والكتل التي يتشكل منها البرلمان التونسي، هي حركة النهضة (54 مقعدا)، والكتلة الديمقراطية (41 مقعدا)، وقلب تونس (38 مقعدا)، وائتلاف الكرامة (21 مقعدا)، والحزب الدستوري الحر (17 مقعدا)، والإصلاح الوطني (15 مقعدا)، وتحيا تونس (14 مقعدا)، والمستقبل (9 مقاعد)، وغير المنتمين إلى كتل (29 نائبا).
والخميس، أعلن رئيس الحكومة التونسية المكلّف الحبيب الجملي عن تركيبة حكومته الجديدة التي ضمّت كفاءات مستقلّة عن كل الأحزاب السياسية، حسب قوله، لكن الأوساط السياسية ترى عكس ذلك إذ تبين أن الكثير من الأسماء المقترحة تنتمي إلى حزبي حركة النهضة وقلب تونس أو مقربة من أحدهما.
وتضم الحكومة الجديدة برئاسة الجملي 42 عضوا بينهم 28 وزيرا و14 كاتبا للدولة.
وتلقى التركيبة الحكومية التي اقترحها الجملي رفضا معلنا من قبل العديد من القوى المشكلة للمشهد البرلماني، إذ أكد المغزاوي أن الكتلة الديمقراطية لن تمنح الثقة للحكومة بتركيبتها الحالية.
فيما أصدر حزب الوطنيين الديمقراطيين الموحد بيانا السبت دعا فيه أعضاء البرلمان إلى عدم منح الثقة لحكومة الجملي المقترحة لأنها “لا تلبي طموحات التونسيين ولا علاقة لها بالاستقلالية على عكس ما يدعي رئيسها”.
وتتواتر المواقف الرافضة لتركيبة حكومة الجملي المقترحة أو للبعض من الأسماء التي وردت في القائمة.
فمن جانبها، انتقدت الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان في تونس رئيس الحكومة المكلف على خلفية ترشيحه القاضي عماد درويش في منصب وزير الدفاع.
وقالت الرابطة، في بيان السبت، إنها “تفاجأت” باختيار القاضي عماد درويش لحقيبة الدفاع لأنها تعتبر هذا الاختيار مناقضا لمعيار احترام حقوق الإنسان و“مستفزا”.
وتتهم المنظمة الحقوقية القاضي بالتضييق عليها أثناء الفترة الاستبدادية في حكم الرئيس الراحل زين العابدين بن علي قبل ثورة 2011.
وأوضحت الرابطة أن درويش “هو أحد أذرع (نظام) بن علي الذي استعمله في هرسلة (التضييق على) الرابطة ومنع هيئتها من النشاط وتعليق صلاحياتها مع التنفيذ على المسودة يوم 27 نوفمبر عام 2000 وقد حرر هذا الحكم بخط يده وذيّله بإمضائه”.
وتواجه الحكومة المقترحة تحفظات أخرى من قبل أحزاب معارضة ومنظمات من المجتمع المدني تشمل معياري الكفاءة والاستقلالية الفعلية من الأحزاب، وهما المعياران اللذان تعهد الجملي بضمانهما في اختيار وزرائه، بجانب الحضور الضيق للعنصر النسائي في الحكومة بنسبة تناهز 17 بالمئة، وهو أمر يتعارض مع تطلعات المنظمات النسوية.
وقالت الرابطة إنها “ترفض هذا الترشيح (لوزير الدفاع) وتستغرب وجود غيره من الأسماء التي تحوم حولها شبهات فساد”.
ودعت المنظمة رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة المكلف إلى “مراجعة الترشيحات المستفزة وطمأنة المجتمع المدني والرأي العام”، كما حثت نواب البرلمان على رفض تعيين عماد درويش والتثبت في بقية التعيينات.