من يحمي الطريق العراقي
افادت مصادر عسكرية رفيعة في بغداد أن قوات أميركية نفذت مؤخرا عمليات مباشرة على أراض عراقية ضد ميليشيات مسلحة موالية لإيران، مؤكدة أن واحدة من هذه العمليات أوقعت قتلى.
وقالت المصادر إن الولايات المتحدة تلقت الشهر الماضي معلومات عن خطط ميليشيات عراقية لنصب منصات صاروخية في مناطق شمال بغداد، لاستهداف المنطقة الخضراء حيث تقع سفارة واشنطن ومقر الحكومة والبرلمان العراقيين، مشيرة إلى أن قائمة الأهداف المحتملة لهذه الصواريخ تشمل ساحة التحرير، الموقع الرئيسي لتجمع المتظاهرين العراقيين في العاصمة.
وأضافت المصادر أن الولايات المتحدة شاركت هذه المعلومات مع بعض الأجهزة المختصة في العراق، في سياق التنسيق المشترك الذي تنظمه البروتوكولات الأمنية المعتمدة بين البلدين، مؤكدة أن الحكومة العراقية كانت على علم بجميع التفاصيل.
ووفقا لصيغة التعاون بين البلدين، أخذت الولايات المتحدة على عاتقها عملية التنفيذ المباشر، بعدما أطلعت السلطات العراقية على حجم الأضرار الناجمة عنها، مؤكدة أن العملية نفذت في السادس والعشرين من نوفمبر الماضي في منطقة الطارمية شمال بغداد.
وقالت المصادر إن العملية تضمنت هجوما بطائرة مسيرة على منصة الصواريخ المعدة للتشغيل السريع، تبعه إنزال عسكري من مروحيات قتالية لتمشيط الموقع، مشيرة إلى أن هذه العملية شهدت سقوط ثلاثة قتلى.
وأوضحت أن المعلومات الاستخبارية ترجح انتماء القتلى الثلاثة إلى حركة عصائب أهل الحق، التي يتزعمها قيس الخزعلي، وتملك 15 مقعدا في البرلمان العراقي.
وتشير المصادر إلى أن الولايات المتحدة تربط بين عملية الطارمية، وهجوم تعرضت له قاعدة عين الأسد غرب محافظة الأنبار المطلة على الحدود السورية، التي تعد أكبر مركز لتجمع القوات الأميركية في العراق، وقع في الثالث من ديسمبر.
وقال مسؤولون عراقيون إن قاعدة عين الأسد تعرضت الثلاثاء الماضي إلى هجوم صاروخي لم يسفر عن إصابات، مؤكدين أنه استهدف الجانب الذي تشغله القوات الأميركية من القاعدة.
وكشف المسؤولون أن الهجوم نفذ بخمسة صواريخ، وسقط بالقرب من مبان يشغلها جنود أميركيون، لكنهم قالوا إن القوات الأميركية والعراقية في الموقع لم تبلغ عن وقوع إصابات في صفوفها.
وتقول المصادر إن الولايات المتحدة تعتقد أن الهجوم النادر الذي طال قاعدة عين الأسد، يأتي في سياق الرد على عملية الطارمية التي استهدفت عصائب أهل الحق، مشيرة إلى أن الحركة التي يقودها قيس الخزعلي، تملك وجودا مسلحا في موقع قريب من الموقع المستهدف.
وعززت الميليشيات الموالية لإيران وجودها قرب الشريط الحدودي بين العراق وسوريا منذ نحو عامين، وسيطرت على طرق مهمة ومواقع حيوية وأنشأت معسكرات كبيرة، بذريعة التصدي لتنظيم داعش، ما دفع الولايات المتحدة إلى تحويل قاعدة عين الأسد في الأنبار إلى مركز عمليات متقدم يضم الآلاف من جنودها، فضلا عن دروع ثقيلة وطائرات اشتباك قريب وآليات متنوعة.
وعدلت القوات الأميركية البنى التحتية لهذه القاعدة، لتتمكن من استيعاب طائرات الشحن العملاقة والطائرات المقاتلة، فيما عززت محيطها بنقاط تفتيش وسيطرة، وهو ما سمح لها باستقبال الرئيس الأميركي دونالد ترامب أواخر العام الماضي ونائبه مايك بنس الشهر الماضي.
وتقول المصادر إن هذه القاعدة تعد المركز الأساسي الذي يعتمد عليه الجيش الأميركي في تدريب قوات عراقية من الجيش والشرطة والمتطوعين العشائريين، كما تضم مستشارين يقدمون خدمات تدريبية من دول مختلفة، كالدنمارك وفرنسا.
وتتزايد المؤشرات على نية الولايات المتحدة اعتماد استراتيجية عسكرية بديلة في التعاطي مع الشأن العراقي، تتضمن المزيد من الانخراط في تفاصيله اليومية، لاستعادة التوازن من النفوذ الإيراني في بغداد، الذي ينفرد بالبلاد منذ أعوام.
ومنذ انسحاب الجيش الأميركي من العراق العام 2011، ضعف نفوذ الولايات المتحدة في بغداد بشكل كبير، ما سمح لإيران بالتغلغل في مفاصل هذا البلد السياسية والعسكرية والأمنية والاقتصادية والسيطرة عليها كليا، بعدما كان هناك نوع من التوازن مع نفوذ واشنطن بعد 2003.
وتوحي مؤشرات، من قبيل إرسال قوات عسكرية كبيرة إلى العراق خلال الأسابيع الأخيرة، ونشاط لبعض دبلوماسيي الولايات المتحدة في مدن عراقية، بأن واشنطن ربما تدشن مرحلة جديدة من علاقتها بالعراق، لا تتضمن الاستسلام التام للنفوذ الإيراني فيه.
وأول الخطوات العملية في هذا الاتجاه، هو تأمين مبنى السفارة الأميركية في بغداد، الذي تعرض مرارا لهجمات صاروخية تقف خلفها مجموعات مسلحة وميليشيات عراقية موالية لإيران.
وعكست تصريحات المسؤولين الأميركيين تغييرا واضحا تجاه الخطر الإيراني على القوات الأميركية ومصالح الولايات المتحدة وحلفائها في المنطقة.
وقال جون رود، ثالث أكبر مسؤول في البنتاغون، للصحافيين “ما زلنا نرى مؤشرات، ولأسباب واضحة لن أخوض في تفاصيلها، على إمكانية شن عدوان إيراني”.
وأضاف “أرسلنا إشارات واضحة وصريحة للغاية إلى الحكومة الإيرانية عن تداعيات العدوان المحتملة”.
وقال مسؤولان أميركيان طلبا عدم الكشف عن هويتهما إن ثمة معلومات مخابرات خلال الشهر الماضي تشير إلى أن إيران تحرك قوات وأسلحة في المنطقة. لكنهما قالا إنه لم يتضح على وجه التحديد ما الذي تنوي إيران القيام به بهذه التحركات.
واعتبر أحد المسؤولين أن جزءا من هذه المخاوف يتعلق بالأنشطة الإيرانية داخل العراق الذي يشهد احتجاجات مناهضة للحكومة.
وتعمل إدارة ترامب على التقليل من الوجود العسكري الأميركي في العراق وسوريا وعدم الإيحاء بالتصعيد.
ونفت المتحدثة باسم البنتاغون، أليسا فرح، صحة التقارير التي أشارت إلى اعتزام الولايات المتحدة إرسال 14 ألف جندي إلى الشرق الأوسط.
ومساء الأربعاء، قالت تقارير إعلامية أميركية إن واشنطن تدرس إرسال 14 ألف جندي إضافي إلى الشرق الأوسط، لمواجهة تهديدات إيران في المنطقة.
وأوضحت أليسا فرح، في تغريدة عبر حسابها على تويتر، الخميس، “هذا التقرير خاطئ.. الولايات المتحدة لا ترسل 14 ألف جندي إلى الشرق الأوسط لمواجهة إيران”.