إعمار محافظة نينوي شمال العراق
حصلت محافظة نينوى، شمالي العراق، بعد خمس سنوات من الدمار على نحو 800 مليون دولار، لإعادة أعمار بيوتها الأثرية، ومراقدها ومؤسساتها التي دمرها "داعش" الإرهابي وعاث خرابا فيها، آبان سطوته منذ منتصف عام 2014.
أفادت مصادر في العراق، نقلا عن مصدر محلي من الموصل، مركز نينوى، بأن مجلس المحافظة صوت على موازنة عام 2019.
وأعلن عضو مجلس محافظة نينوى، علي خضير، في تصريح خاص لمراسلتنا، أن الموازنة هذه السنة، للمحافظة ستصل إلى 800 مليون دولار أمريكي، لإعادة إعمار المدن التي دمرها "داعش" الإرهابي.
وبين خضير، أن موازنة تنمية الأقاليم لمحافظة نينوى، للسنوات السابقة، من 2014، إلى 2018، لم تتجاوز الـ460 مليار دينار، وكان من ضمنها خطة إيواء وإغاثة النازحين، والمبالغ كانت سيئة جدا ً للغاية، ولم تكن كافية لسد رمق النازحين.
وأضاف قائلا: لكن السنة هذه، ستصل الموازنة إلى 800 مليون دولار، وقد وضعنا خطة تنمية الأقاليم، وبتصويت مجلس المحافظة عليها، والمصادقة عليها، يتم المباشرة بالعمل، مبينا "علما أن موازنة تنمية الأقاليم تشمل قطاعات الدولة، تقديم الخدمات، ولا تشمل تعويض الأهالي...".
وعن إحصائية بعدد المشاريع المحدد إنجازها ضمن الموازنة لنينوى ومركزها الموصل، للعام الجاري، أخبرنا خضير، بإن العدد غير معلوم، متداركا، لكن الساحل الأيمن من المدينة، هو مدمر، وغالبية الدمار واقع على أملاك الأهالي، أي قطاع خاص.
وأكمل خضير، ينبغي على الدولة أن تعوض المتضررين عن الضرر الذي طال أملاكهم إثر سيطرة "داعش" الإرهابي، والحرب.
ويتابع، لكن ممكن بسبب الظرف الاقتصادي الصعب الذي يمر به العراق في هذه المرحلة، يكون عائقا أمام مسألة التعويض، لأن عشرات الآلاف من الدور مهدمة، بالتالي ينبغي على الدولة التركيز على إعادة هيكلية دوائر الدولة، بصورة عامة، والقطاعات المهمة، مع تقديم الخدمات الضرورية.
يرى أن الظرف الراهن، هو فرصة لبناء الموصل بطريقة حضارية، والتركيز على البنى التحتية، والمجاري، منوها إلى أنه طالما الدور غير موجودة بسبب الدمار، فلا تؤثر على العمل، فإعادة بناء المدينة بطريقة حضارية جديدة، هو الحل الأمثل.
وأوضح خضير، أن المواطن عندما يرى الخدمات أعيدت، ودوائر الدولة رجعت، سيتشجع ويسعى لإعمار بيته مهما كان ظرفه صعب، لكن طالما الدولة لا تخطي الخطوات العملية، والصحيحة، فالأهالي متخوفين من المستقبل بالتالي، الدمار باق على ما هو عليه.
وبشأن مقترح طرحته الحكومة المحلية، على سكان المدينة القديمة في الساحل الأيمن من الموصل، والتي نالها الدمار الأكبر من سطوة "داعش" ومعركة التحرير، لبيع بيوتهم التاريخية والأثرية، لبناء المدينة بحداثة، أكد خضير، أن الأمر ليس إجباري على الناس، ولا يستطيع أحد أن يضغط عليهم، وهناك فرق بين من يريد بيع بيته لشخص أخر لديه الإمكانيات المادية.
ولفت عضو مجلس محافظة نينوى، في ختام حديثه، إلى أنه كان هناك مقترح على تعويض الأهالي في المدينة القديمة، وإعادة بنائها بطريقة حضارية، كأن يكون استثمار، معبرا "لكن من غير المعقول أن شخص يسكن في المركز، ويحصل على بيت في أطراف المدينة، وتخبره أنك تعوضه، لكن لا توجد ضغوطات على الناس، ومن يريد أن يبيع..يبيع".
ووثقت مراسلتنا، بالصور، الدمار الذي مازال الساحل الأيمن من الموصل، يئن منه حتى الآن من بيوت مقصوفة ومفجرة، وشوارع محيت ملامحها بالكامل إثر المفخخات التي كان يفجرها "داعش" لعرقلة تقدم القوات الأمنية، وقتل المدنيين أثناء محاولاتهم الهرب، حلال عمليات التحرير التي حسمت بتحرير نينوى بالكامل في 31 أغسطس/آب عام 2017.
وللموصل جانب مشرق، أظهره ساحلها الأيسر الذي تتسارع فيه عودة الحياة مقارنة بالجانب الأيمن الحزين والذي سميت مناطقه بمدن الأشباح نظرا للجثث التي دفنت تحت ركام البيوت إثر القصف، والمتفجرات.
ويعكس الساحل الأيسر من الموصل، ضوء الأمل، والسعادة بعودة الحياة مرة أخرى في المدينة التي عانت الظلم وسفك الدماء على يد تنظيم "داعش" الإرهابي، الذي لم يكتف بقتل البشر وترويعهم، لتصل جرائمهم إلى التاريخ الإنساني من تدمير الثيران المجنحة المقدر عمر الواحد منها بنحو 7 آلاف سنة، إلى المراقد، والأثار في داخل المتحف، وغيرها.
واحتفت الموصل، التي كانت تعتبر ثاني أكبر مدن العراق سكانا بعد العاصمة بغداد، المدينة العريقة موطن الثيران المجنحة الأثرية، شمالي العراق، في العاشر من تموز/يوليو الجاري، بالذكرى الثانية على إسقاط الخلافة الدامية لـ"داعش" الإرهابي، وتحررها منه بعد ثلاث سنوات من الحصار، وسفك الدماء، من رجم النساء، إلى ذبح الرجال.
قبل عامين، في العاشر من يوليو/تموز، 2017، زف القائد العام للقوات المسلحة، السابق، حيدر العبادي، مع قيادة العمليات المشتركة، بيان النصر وإعلان الموصل "أم الربيعين" محررة بالكامل من بطش "داعش" بتكبده هزيمة فادحة.
وكان تحرير الموصل، التي أعلن فيها زعيم "داعش" الإرهابي، إقامة خلافته المزعومة، أشبه بالحلم ليس لدى أهل المدينة فقط، بل حتى باقي العراقيين، لكن الأمل موجود حتما في ظل القوات الأمنية التي سطرت بطولات وقدمت تضحيات ليس لها مثيل في العالم، مقتلعة التنظيم ودحره بعد معارك طاحنة.