الرئيس السيسى خلال منحه وسام الاستحقاق الإيفوارى
فى إطار حرص مصر على تكثيف التواصل والتنسيق مع أشقائها الأفارقة، كانت الجولة التاريخية التى قام بها الرئيس عبدالفتاح السيسى بمنطقة غربى إفريقيا على مدار الأسبوع الماضي، والتى عقد خلالها سلسلة مكثفة من المباحثات الثنائية مع زعماء «غينيا»، و«كوت ديفوار»، و«السنغال»، بهدف البحث عن آليات لتعزيز التعاون الثنائى مع مصر، و إيجاد الحلول لمشاغل و«مشكلات» القارة .
و كشفت الجولة المهمة مدى الحب والتقدير الذى تحظى به مصر فى قلوب الأشقاء على المستويين الرسمى والشعبي، بالرغم من ابتعادها عن بعضهم فترات طويلة إلى درجة أن دولة مهمة مثل «كوت ديفوار» لم تشهد أى زيارة لرئيس مصرى فى تاريخها إلى أن زارها الرئيس السيسي. و تجلت تلك المشاعر فى شوارع العاصمة الغينية «كوناكري» عندما خرج معظم السكان من جميع الطبقات والأعمار لاستقبال الرئيس السيسى فى مشهد أسطوري، باعتباره أول رئيس مصرى يزورهم منذ الزيارة الأخيرة للزعيم الراحل جمال عبدالناصر عام 1965، وتعبيرا عن عشقهم الكبير لمصر التى وقفت بجوارهم فى ملحمة الاستقلال ومحاربة المحتل.
واهتمام الرئيس السيسى بعودة مصر إلى دورها الريادى فى إفريقيا ومد جسور التعاون مع دول القارة لم يكن مرتبطا برئاسة مصر للاتحاد الإفريقى فى دورته الحالية، لكنه بدأ منذ اللحظة الأولى لتوليه المسئولية فى 2014. ويظهر ذلك جليا فى عدد الزيارات التى قام بها الرئيس إلى الدول الإفريقية والتى وصلت إلى 26 زيارة رسمية إلى 14 دولة، كانت آخرها زيارته إلى السنغال.
الاندماج الاقتصادي
وبالنظر إلى الجولة بمنظور شامل ، نجد أن عاملا مشتركا فى المباحثات التى أجراها الرئيس مع نظرائه فى غينيا وكوت ديفوار والسنغال،هو تعزيز «التكامل الاقتصادى» بين دول القارة، عن طريق تدعيم التعاون المتبادل بين مصر ــ فى ضوء رئاستها للاتحاد الافريقى من ناحية ــ والدول الإفريقية من ناحية أخرى فى جميع الأصعدة الاقتصادية والتجارية والاستثمارية، وأيضا نقل تجربة مصر الناجحة فى الإصلاح الاقتصادي، وأيضا فى مشروعات الاستثمار فى البنية التحتية.
وأكد الرئيس ،خلال مباحثاته، وجود آفاق واسعة لتطوير مستوى التعاون الاقتصادى بين مصر والدول الإفريقية الثلاث.
دور مصر المحوري
ورؤساء الدول الثلاث، التى زارها الرئيس خلال جولته ،اتفقوا أيضا على الدور المصرى المحورى والنشيط فى عمقها الإستراتيجى فى إفريقيا، خاصةً مع انطلاق الرئاسة المصرية للاتحاد الافريق.كما أشاروا ،فى كلماتهم ،إلى حاجة القارة إلى قيام مصر بتعظيم انخراطها الإيجابى والفعال فى معالجة القضايا الإفريقية، لاسيما المتعلقة بقضايا السلم والأمن والتنمية، لما لها من ثقل ووجود مؤثرين على الساحتين الإقليمية والدولية.
فاعلية الاتحاد الإفريقي
تناولت جولة الرئيس أيضا سبل الارتقاء بدور وفعالية الاتحاد الإفريقى فى ظل الرئاسة المصرية الحالية للاتحاد، حيث تطابقت وجهات نظر رؤساء الدول الثلاث فى دعم بلادهم الكامل لمختلف التحركات المصرية فى هذا الإطار، فى حين أكد الرئيس السيسى اعتزام مصر تسخير إمكاناتها وخبراتها لدفع عجلة العمل الإفريقى المشترك وتحقيق مردود إيجابى ملموس من واقع الاحتياجات الفعلية للدول والشعوب الإفريقية، وبخاصةً من خلال التركيز على عدد من الأولويات الرئيسية التى تنطلق من أجندة عمل الاتحاد، وعلى رأسها صياغة تصور متكامل لمشروعات الربط والبنية التحتية القارية.
مواجهة التحديات
وشهدت المباحثات ،التى أجراها الرئيس، توافقا ملموسا مع أشقائه حول ضرورة تعزيز التعاون والتنسيق الإقليمى للعمل على صون السلم والأمن وتحقيق الاستقرار فى القارة الإفريقية، خاصة فى منطقة الساحل، من خلال رؤية جماعية لمواجهة التحديات المتعلقة بانتشار بؤر الأنشطة الإرهابية والجريمة المنظمة.
مذكرات التفاهم
وشهد الرئيس عددا كبيرا من مذكرات التفاهم والاتفاقات ،خلال جولته التاريخية.فقد شهد، فى ختام مباحثاته،مع الرئيس الغينى «ألفا كوندى» التوقيع على اتفاقات لتعزيز التعاون بين البلدين فى الثقافة، والرياضة، والإعلام، والتجارة.كما شهد الرئيس مع نظيره الإيفوارى «الحسن واتارا» مراسم التوقيع على عدد من مذكرات التفاهم لتعزيز التعاون بين البلدين فى الثقافة، والصحة، وتكنولوجيا المعلومات.كما شهد الرئيس مع نظيره السنغالى «ماكى سال» التوقيع على مذكرتى تفاهم للتعاون فى مجالى الإعلام، والتشاور الدبلوماسي.
الأزهر الشريف
وفرض الأزهر الشريف وجوده بقوة فى أعماق القارة الإفريقية. وكانت البعثات الطلابية، التى تأتى إلى مصر من تلك الدول، خير سفراء لنا هناك. وبات ذلك الأمر جليا عندما أشاد الرئيس السنغالى بدور الأزهر فى محاربة الفكر المتطرف ونشر النهج الوسطى للإسلام المعتدل فى سائر دول العالم، بما فى ذلك السنغال من خلال تعزيز دور البعثة الأزهرية، وإعداد الأئمة، وتقديم المنح الدراسية فى مختلف المجالات للطلبة السنغاليين للدراسة فى مصر.