بانتظار دعم موقف الجيش الليبي في القمة العربية
فتح استقبال العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز لقائد الجيش الوطني الليبي المشير خليفة حفتر، في العاصمة الرياض، الطريق أمام تحولات جديدة ودور سعودي مرتقب في جمع الفرقاء في الأزمة الليبية المعقدة.
وأكد العاهل السعودي خلال استقباله قائد الجيش الليبي حرص المملكة على أمن واستقرار ليبيا.
واستقبل الملك سلمان حفتر في مكتبه بقصر اليمامة في الرياض، بحسب بيان نقلته وكالة الأبناء السعودية الرسمية، دون توضيح لموعد وصول الأخير أو لطبيعة زيارته الأولى إلى المملكة ومدتها.
وبحث العاهل السعودي مستجدات الأوضاع على الساحة الليبية مع المشير حفتر، معبرا عن تمنياته للشعب الليبي بالتقدم والازدهار.
وتوقعت مصادر دبلوماسية عربية أن تتوجه الرياض إثر هذا اللقاء إلى لعب دور أكثر حيوية للدفع بمخرجات الحلّ في ليبيا، بعدما اتخذت مواقف متّسقة مع المواقف الدولية المعبّر عنها من خلال الأمم المتحدة، ولم تدل بدلو مباشر في المسائل المتعلقة بتفاصيل الأزمة المتفاقمة منذ سقوط نظام الزعيم الراحل معمر القذافي.
ويحظى حفتر بدعم دولي واسع كإحدى أبرز الشخصيات على الساحة الليبية، التي شهدت انهيار مؤسسات الدولة وحالة من الفوضى بعد إسقاط نظام القذافي.
وتتواكب زيارة حفتر إلى الرياض مع تصريحات صدرت عن المتحدث باسم الجيش الليبي اللواء أحمد المسماري، تعهد فيها بعدم السماح بتكوّن حزب مسلح كحزب الله في ليبيا.
وتتوافق زيارة حفتر إلى الرياض مع التوجهات الإقليمية والدولية، ورؤية مجلس الأمن الدولي الذي رحب في بيان له باللقاء الذي جمع بين فايز السراج رئيس المجلس الرئاسي والمُشير خليفة حفتر، نهاية الشهر الماضي بأبوظبي، برعاية غسان سلامة رئيس البعثة الأممية إلى ليبيا.
واتفق حفتر والسراج في لقاء أبوظبي على “عدم إطالة الفترة الانتقالية، وتوحيد المؤسسات وإنجاز الانتخابات قبل نهاية 2019″.
وقال سلامة في إحاطة لمجلس الأمن، مساء الأربعاء، إنه ما زال من غير المعروف ما إذا كانت الانتخابات العامة ستجرى متزامنة أم على مراحل. لكن مصادر مطلعة قالت لـ”العرب”، “إن حفتر والسراج اتفاقا خلال لقاء أبوظبي على إجراء انتخابات على مراحل، تكون فيها الأولوية للانتخابات التشريعية ومن ثم إحالة الدستور على البرلمان الجديد لتعديله، ثم الاستفتاء عليه من قبل الشعب وأخيرا إجراء انتخابات رئاسية”.
ويطالب الإسلاميون بتأجيل الانتخابات الرئاسية إلى ما بعد إصدار الدستور، وهو ما يعتبره الجيش محاولة لتمديد عمر الأزمة.
وينطوي توقيت اجتماع العاهل السعودي بالمشير حفتر على أهمية بارزة، باعتباره يأتي عشية القمة العربية في دورتها العادية الثلاثين، التي تستضيفها تونس في نهاية الشهر الجاري، ما يعني أن هذه القمة ستُركز على الملف الليبي، من خلال دعم الجيش الوطني وتمكينه من دور بارز في البحث عن مخرج للأزمة الراهنة.
وكانت الأنباء قد تضاربت مطلع العام 2016 حول عزم المملكة العربية السعودية استضافة حوار بين الأطراف المتنازعة في ليبيا، لكن الحديث عن الموضوع تراجع بمجرد دخول المجلس الرئاسي إلى طرابلس، بدعم غربي قوي.
ووصف المُحلل السياسي الليبي، عبدالحكيم فنوش، اجتماع العاهل السعودي مع قائد الجيش الليبي، بالحدث السياسي البارز، الذي يأتي في توقيت دقيق اتسم بتحركات لافتة بحثا عن مخرج يُنهي الأزمة الليبية.
وقال فنوش، إن زيارة المشير حفتر إلى الرياض تندرج في إطار دعم القيادة السعودية للجيش الوطني الليبي، وضمن التوجهات الرامية إلى تهيئة الظروف والمناخات السياسية لإنجاح التوافق بين المشير خليفة حفتر، ورئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني فايز السراج، من أجل وضع حد للأزمة الليبية.
لكنه استدرك قائلا إنه بالرغم من هذه التطورات الإيجابية، فإن الأمور تبقى مُعقدة ومُرتبكة في العاصمة طرابلس، حيث تسعى بعض الأطراف السياسية والميليشيات المُسلحة إلى محاولة منع دخول الجيش الوطني إلى العاصمة، وهو أمر لن يقبل به الجيش الليبي.
ويؤكد كلام فنوش ما صرح به المسماري خلال اجتماعات الجيش مع وزارة الخارجية التابعة للحكومة المؤقتة في شرق البلاد، حيث قال “هناك مؤامرة كبرى على ليبيا لها عدة أذرع، أولاها الذراع العسكرية التي تم القضاء عليها في شرق البلاد وجنوبها” متعهدا بدخول الجيش إلى العاصمة طرابلس في “الوقت المحدد والمدروس″.
وأضاف المسماري “الجيش لن يرضى بحزب مسلح في العاصمة الليبية طرابلس ترعاه الأمم المتحدة”، في إشارة إلى التشكيلات المسلحة في العاصمة طرابلس والتي تعمل بعثة الأمم المتحدة برئاسة غسان سلامة على إدخالها في حوار سياسي والمشاركة في السلطة.
ويقود حفتر الجيش الوطني الليبي المدعوم من قبل حكومة شرق ليبيا الموازية لحكومة الوفاق الوطني ومقرها في طرابلس.
ويسيطر الجيش على شرق البلاد الغنية بالنفط، وأطلق في يناير الماضي حملة عسكرية في جنوب غربي ليبيا ضد مجموعات مسلحة، أكبرها تابعة للمعارضة التشادية.
وقال المسماري إن “قوات الجيش كانت تبعد حوالي 180 كلم و133 كلم عن العاصمة ولكن بعد تفاقم الوضع في الجنوب اضطررنا لتغيير وجهتنا نحو الجنوب لتخريب مخطط دولي كان يحاك ضد المنطقة”.
وأضاف أن الجيش “سيدخل طرابلس بدعم من الجهات الشرعية في الدولة المعترف بها من مجلس النواب والحكومة التابعة له، وعلى أهالي طرابلس معرفة أن معركتنا القادمة تستهدف الإرهاب والميليشيات المسلحة بالمدينة والهاربين المطلوبين من بنغازي والمتواجدين اليوم في طرابلس″.